واشنطن: منذ أن تخلت الولايات المتحدة عن سياسة العزلة وقررت دخول الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول الحلفاء، وهى قد أخذت على عاتقها - أو هى أعطت لنفسها - مسؤولية دولية فى الأغلب الأعم من الحالات سعت من ورائها إلى تحقيق مصالح إستراتيجية خاصة بها.
كان احد صور هذه المسؤولية هو التدخل من اجل حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية فى دول العالم المختلفة ، واستخدام كافة الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية وحتى العسكرية لتحقيق هذا الهدف.
كان هذا الهدف يظهر على استحياء من وقت لآخر فى سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة على البيت الأبيض منذ ذلك الوقت إلى أن وقعت أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 ، وتحولت هذه السياسة ndash; المتعلقة بالإصلاح السياسى وحقوق الإنسان ndash; إلى احد أهم المرتكزات الأساسية التى تقوم عليها السياسة الخارجية الأميركية تجاه دول العالم الاسلامى بصفة عامة والعالم العربى بصفة خاصة. وعبرت هذه السياسة عن نفسها فى عدد من المبادرات التى كان أبرزها مبادرة الشرق الأوسط الكبير (لم يعد يتكلم أحد عنها في واشنطن). واتخذت هذه السياسات أبعادا جديدة تمثلت فى التدخلات فى السياسات المجتمعية لإعادة تشكيل النموذج وإعادة تشكيل منظومة القيم السائد فى هذه المجتمعات من وجهة النظر الأميركية، وذلك بتغيير السياسات التعليمية ومحتوى وسائل الإعلام.
أقباط مصر اختاروا الانعزال
بهذا العنوان - الذى قد يبدوا غريبا وصادما للبعض - كتبت إيلين نيك ماير Ellen Knickmeyer تقريرا لصحيفة الواشنطن بوست Washington Post أكدت فيه إحداث العنف المتتالية بين الأقلية القبطية والأغلبية المسلمة فى مصر ، بالإضافة إلى المؤسسات المنفصلة إلى أقامها أقباط مصر ، فكلها عوامل ndash; إن لم تكن الوحيدة - ساهمت فى تخريب العلاقة بين الجانبين.
وفى هذا السياق أشارت نيك ماير Knickmeyer إلى انه تحت ضغوط الأشكال المختلفة للإسلام الأصولى المتشدد، وتفجر حوادث العنف الطائفى من آن لآخر، دفعت بواحدة من أكبر مجتمعات المسيحيين فى الشرق الأوسط ndash; فى إشارة إلى أقباط مصر ndash; إلى إيثار السلامة ، بالتوقع على أنفسهم خلف الأبواب المغلقة، متناسيين بهذا السلوك العلاقات والروابط الاجتماعية التى ربطت المسيحيين بالمسلمين فى مصر على مدار القرون الماضية.
زاد هذا الاتجاه فى الفترة الأخيرة بعد الهجمات التى تعرضت لها بعض المصالح والممتلكات الخاصة ببعض الأقباط فى مصر هذا الصيف، والذين يقدروا بحوالى 6 ملايين مسيحى وسط دولة تتكون من 70 مليون مسلم.
البابا شنودة هو المسؤول
وحاولت الكاتبة رصد أهم الأسباب التى دفعت أقباط مصر إلى هذا الاتجاه المنغلق على الذات، حيث لفتت نيك ماير Knickmeyer الانتباه إلى أن أحد أهم هذه الأسباب هو قداسة البابا شنودة الذى عمل منذ توليه كرسى البابوية منذ أكثر من 36 عاما على تقوية وجود ودور الكنيسة فى حياة الأقباط، باعتبارها مركز النشاط اليومى لهم وجعلها الأساس الأوحد لعمل الأقباط.
وصاغ قداسة البابا شنودة ndash; كما تقول نيك ماير Knickmeyer - عدداً من السياسات التى ساهمت بشكل كبير على بقاء الأقباط المصريين خلف أبواب وأسوار الكنيسة ، وعزوفهم عن المشاركة خصوصا فى شقها السياسى. وكان ابرز الأدوات التى اعتمد عليها البابا كانت مدارس الأحد التى أنشأها داخل الكنيسة، فضلا عن اتجاه الكنائس فى عهده إلى بناء مؤسساتها الخاصة بها، الأمر الذي جعل الأقباط يعتمدوا على الكنيسة فى جميع مناحى حياتهم الخاصة بداية من الشعائر الدينية والتعليم مرورا بالتربية وحتى ممارسة الرياضة الخاصة بهم. كما أن البابا شنودة عمل على زيادة دوره ووجوده باعتباره الوسيط الوحيد بين الأقباط من جهة وبين مصر ككل من جهة أخرى.
ومن ناحية أخرى أشارت الكاتبة إلى أن سياسات البابا وحدها لم تكن السبب الأوحد، بل أيضا الدولة المصرية بسياساتها التى خلقت شعورا لدى الأقباط بأنهم مواطنين من الدرجة الثانية يحتاجوا قرارا رئاسيا حتى يستطيعوا بناء كنيسة.
وقد ساهمت هذه العوامل فى إخراج الأقباط من حلبة السياسة المصرية ، ولم تقف العوامل عند هذا الحد، بل أكدت الكاتبة أن هناك عامل آخر ساهم فى زيادة العزلة التى يشعر بها الأقباط - والتي هي في جانب منها فرضوها على أنفسهم - وهو الصعود السياسى لجماعة الإخوان المسلمين منذ الانتخابات التشريعية فى عام 2005 ، فضلا عن نفوذهم المتزايد فى النقابات المهنية.
العزلة بين الفرصة والخسارة
هذا الاتجاه للانعزال لم تجمع عليه أوساط الأقباط فبعضهم اعتبر ذلك خسارة كبيرة لهم ، وأنهم كانوا من الممكن أن يلعبوا دورا اكبر فى المجتمع المصرى. أما البعض الآخر فقد اعتبر أن هذه الاتجاه كان أفضل الخيارات المتاحة لهم.
وحاولت الكاتبة رصد اتجاهات الشارع المصرى بشقيه المسلم والمسيحى ورؤيته لمكانة الأقباط فيه، فقد أكد احد الأقباط إنهم اختاروا أن يرسلوا أبنائهم إلى المدارس الخاصة بالكنيسة ، كما أنهم دفعوا الأطفال الصغار أيضا إلى الانضمام إلى الفرق الرياضية التى تكونها الكنيسة، والأكثر من ذلك أنهم يُؤثروا قضاء أجازاتهم مع إخوانهم من الأقباط فى الأماكن المقدسة الخاصة بهم، وأكد أنهم عندما يفعلوا هذه الأمور بهذه الطريقة المنغلقة على الذات يشعروا إنهم شخص واحد، وأنهم يشعروا بالأمان أكثر ويتمكنوا من الاسترخاء والراحة.
على الجانب الآخر أشار احد المسلمين إلى طفولته ، حيث كان يمرح ويلهوا مع أصدقائه من المسيحيين، ولكن عندما كبر وجد أن أصدقاء طفولته من المسيحيين اختفوا تماما ، وأعرب عن اندهاشه الشديد من حدوث هذا الأمر ، فبعد أن كانوا يعيشوا ويأكلوا ويمرحوا معا فكيف وصلت الأمور إلى هذا الحد، وأكد إنهم هم الذين انسحبوا من المجتمع، وتمحورت حياتهم حول الكنيسة فقط دون غيرها من المؤسسات الموجودة فى المجتمع بمختلف أشكالها بعد أن كانوا منخرطين تماما فى المجتمع.
تدهور أوضاع الأقباط
ثم تطرقت الكاتبة إلى تاريخ المسيحية فى مصر، وأشارت إلى أن أول كنيسة بُنيت فى مصر كانت فى القرن الأول الميلادى ، وكانت مرتبطة بالكنيسة الغربية إلى أن أدت الخلافات اللاهوتية إلى انفصال الكنيسة المصرية عن نظيرتها الغربية. وفى القرن الخامس الميلادى دخل الإسلام مصر مع الفتح الاسلامى لمصر، والآن أصبح الأقباط المصريين مجرد أقلية ndash; على حد وصف الكاتبة.
وأضافت انه مع قدوم عقد السبعينات من القرن الماضى انتشرت السياسات الإسلامية على نطاق واسع داخل المجتمع المصرى ، وعودة الكثير من المصريين الذين كانوا يعيشوا فى الخليج ، والذين عاشوا مع احد أشكال الإسلام القاسية والمتشددة ، الأمر الذى أدى إلى زيادة نفوذ الأصولية الإسلامية. كما أن الحروب التى شهدتها المنطقة على مدار الفترة الماضية أدت إلى تقويض المجتمعات المسيحية ، فالمسيحيون فى العراق بعد الحرب الأميركية انخفض من حوالى مليون نسمة إلى ما يقرب من 400 ألف فقط ، وفى مدينة بيت لحم فى الضفة الغربية داخل الاراضى الفلسطينية انخفضت نسبة المسيحيين الذين يعيشون فى المنطقة من حوالى 90% فى خمسينيات القرن الماضى إلى حوالى 50% أو اقل فى الوقت الحاضر ، وفى مصر انخفضت النسبة من شخص واحد مسيحى لكل سبعة مصريين فى الخمسينيات إلى شخص واحد لكل عشرة مصريين مسلمين ، كما أن الحكومة نفسها لا تسمح بنشر أى إحصاءات رسمية عن مثل هذا الموضوع الحساس المتعلق بعدد السكان الأقباط فى مصر.
ثم لفتت الكاتبة الانتباه إلى أن حوادث العنف بين المسلمين والمسيحيين فى مصر تتجدد كل بضع سنوات كان آخرها ndash; من وجهة نظر الكاتبة ndash; حادثة دير أبو فانا فى جنوب مصر ، عندما تعرض عدد من الرهبان لإطلاق نار من قبل مجهولين ، وقبلها بفترة وجيزة حادث إطلاق النار فى حى الزيتون بالقاهرة على احد محلات الأقباط وقتل فيه أربعة مسيحيين ، وكعادتها نفت الحكومة المصرية وجود أى دوافع طائفية.
الكونغرس: على مصر احترام حقوق الإنسان
ولم يقتصر الأمر على مسؤولى الإدارة الأميركية فحسب بل عمل الكونغرس الأميركى على إصدار مجموعة من التشريعات والقوانين التى تطالب دول وحكومات المنطقة باتخاذ خطوات جادة على طريق الإصلاح السياسى واحترام حقوق الإنسان وحرياته بصفة عامة وحقوق الأقليات بصفة خاصة.
ففى الرابع والعشرين من شهر يونيو الماضى قدم عدد من الأعضاء داخل الكونغرس الأميركى مشروع قانون داخل أروقة مجلس النواب يطالب الحكومة المصرية باحترام حقوق الإنسان والحريات الدينية وحرية التعبير. اعتبر مشروع القرار فى بدايته أن مصر قد تنصلت من الوعود التى قطعتها السلطات الرسمية فيها فى مجالات احترام الحقوق والحريات الأساسية ، فضلا عن تعرض الكثير من أتباع الأقليات الدينية الموجودة فى مصر وعلى رأسهم الشيعة وجماعة القرآنيين والبهائيين للاعتقال والحبس من قبل قوات الأمن.
وحظى أقباط مصر بجانب مهم من هذا القرار، حيث أكد على أنهم اكبر الأقليات الدينية على حد وصف التقرير - الموجودة فى المجتمع المصري، ولكنهم رغم ذلك يعانوا من العديد من أشكال التمييز ضدهم، بما فيها نقص تمثيلهم فى المناصب القيادية العليا فى الدولة خصوصا فى القطاع العام والجامعات والجيش نقص تمثيلهم النيابى سواء فى مجلس الشعب أو فى مجلس الشورى.
وقد ابرز مشروع القرار أهم هذه المشاكل والعقبات والتى على رأسها:
صعوبات كبيرة فى تأسيس كنائس جديدة أو حتى إصلاح ما هو قائم منها.
غياب الحماية القانونية عنهم خصوصا عندما تقع بعض حوادث العنف الطائفى.
اضطهاد الحكومة للذين يتحولون إلى المسيحية من الإسلام فى حين تشجع تحول المسيحيين إلى الإسلام.
وعدم قدرة هؤلاء الذين تحولوا إلى الإسلام ثم عادوا مرة أخرى إلى المسيحية من استصدار بطاقات شخصية توضح فيها هويتهم الدينية.
وطالب مشروع القرار الحكومة المصرية باحترام حقوق الإنسان والقضاء على كافة أشكال التمييز، والسماح لممثلي المؤسسات الدولية خصوصا الأمم المتحدة وأجهزتها المهتمة بهذا الأمر للاطلاع على حالة حقوق الإنسان والحريات فيها ، والعمل على تنمية قيم التسامح والاحترام المتبادل بين جميع طوائف الشعب المصرى. فضلا عن مطالبة الرئيس الأميركى ووزيرة الخارجية بان تكون موضوعات حقوق الإنسان والحريات على قمة أجندة العلاقات الأميركية المصرية.
أقباط مصر بين حقائق الواقع وافتراءات المصالح
إن تعبير الوحدة الوطنية ومن هى على شاكلته من المفردات الأخرى المنتشرة فى مختلف جوانب الخطاب السياسى المصرى الخطاب الدينى الرسمي، هي في حد ذاتها تعبر عن الأزمة التى تعانى منها التركيبة المجتمعية فى مصر ، وتحول دون المعالجة المتعمقة للأزمة التى تسم العلاقة بين المسلمين والأقباط فى المجتمع المصرى من جهة، والأزمة التي تسم العلاقة بين المواطن ndash; بصرف النظر عن انتمائه الدينى - فى مواجهة السلطة السياسية الحاكمة.
ويمكن القول أن هناك مصادر هيكلية للتوترات بين المسلمين والأقباط فنحن لسنا بصدد حوادث فردية متفرقة كما تدعى السلطة السياسية فى مواجهة الداخل والخارج على حد سواء. بل إننا إزاء حالة من الضعف والوهن والخلل منتشرة فى مختلف أطراف العلاقة ليس فقط بين المسلمين والأقباط ، وإنما أيضا بين مختلف مكونات التركيبة الاجتماعية فى المجتمع المصرى ، وبين هذه جميعا فى مواجهة السلطة الحاكمة المُستأَثر بها من قبل نخبة سياسية تمثل اتجاه سياسى لا يتمتع بأى شرعية فى الشارع المصرى.
على أية حل يمكن القول أن مشكلة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين تبلورت بصورة واضحة جلية - كأحد أبعاد الأزمة المجتمعية فى مصر - منذ الحقبة الساداتية حيث عمل الرئيس السادات توظيف الدين فى صراعه السياسى مع بعض الاتجاهات السياسية ، والتى كانت معارضة لسياساته وعلى رأسهم اليساريين والناصريين ، وفى إطار هذا الاتجاه تغاضى النظام الحاكم عن بعض الممارسات التى قامت بها الجماعات الإسلامية وبدت وكأنها موجهة إلى الأقباط.
أيضا لا يمكن إغفال العوامل الثقافية التى ساهمت فى خلق اتجاهات متشددة على الجانبين، فمن جانب المسلمين ظهرت اتجاهات تقدم تفسيرا متشددا للنصوص الدينية سواء من القران أو السنة، وركزت على كيفية الوصول إلى السلطة وإقامة الدولة الإسلامية من منظورهم الخاص، فضلا عن اتجاه البعض من هذه الجماعات إلى تكفير المجتمع ككل بما فيها السلطة الحاكمة ذاتها. على الجانب الأخر ظهرت اتجاهات متطرفة بين الأقباط واستخدمت مجموعة من الممارسات التى استفزت المسلمين، مثل دق نواقيس الكنائس أثناء الآذان و تكديس السلاح فى كنائسهم ومنازلهم, و توزيع الأناجيل فى المركبات العامة ، بل إن بعضهم دعا إلى التمثيل فى مؤسسات الدولة بشكل عام على أساس طائفي ديني.
أيضا لا يمكن إغفال دور الأطراف الخارجية فى إذكاء مشاعر الفتنة الطائفية بين جموع الشعب المصري، ولكن يجب إلا يفهم دور وطبيعة العوامل الخارجية فى مثل هذه المشكلة إلا بالقدر الذى تسمح بذلك العوامل الداخلية ، فلا شك أن فشل الدولة المصرية والنظام الحاكم فى إدارة مشكلة التنوع بصفة عامة ومشكلة التنوع الدينى بصفة خاصة ، وذلك بإتباع مجموعة من السياسات التى لا تتعامل إلا مع عوارض المشكلة دون التطرق إلى جوهرها ، ومسبباتها الحقيقية الكامنة داخل هذه الظاهرة ، حتى أن هذه المعالجة الظاهرية شابها قصور كبير فى الرؤية ، انحصر فقط فى التعامل الأمني، بالإضافة إلى بعض المراسم البروتوكولية الاحتفالية فى شكل تجمع القيادات الدينية من الجانبين والعناق المتبادل، والإصرار على أن حوادث الفتنة الطائفية هى حوادث فردية لا تعبر عن العلاقة الحميمة التى تربط جناحى المجتمع المصرى المسلمين والأقباط.
ماذا يمكن أن نفعل؟
إذن تعانى مصر من أزمة فى المواطنة تتمثل فى عدم تمكين الأفراد من حقوقهم وحرياتهم الأساسية ، والنظر إليهم دوما على انه أشخاص ملتزمين دوما بالواجبات ، دون الاعتراف الواقعى لهم بحقوقهم وحرياتهم ، والتى من المفترض أن تكفل لهم وفقا لأبسط قواعد اللعبة الديمقراطية.
وبالتالى فالحديث عن تمكين فئة معينة دون الأخرى سوف يزيد المشكلة تعقيدا فالحديث فى البداية يجب أن يكون هدفه صياغة مفهوم صلب للمواطنة فى المجتمع المصرى يكفل للمصريين جميعا الحقوق والحريات الأساسية لهم ، والالتزام بالواجبات تجاه بعضهم البعض وتجاه المجتمع والدولة ، مواطنة تساوى بين الجميع فى الحقوق والحريات والتكافؤ فى الفرص دون النظر لأى اعتبارات بخلاف العدالة والكفاءة.
وهو الأمر الذى تحدث عنه المفكر المصري المستشار طارق البشرى فى سياق حديثه عن كيفية خلق الجماعة الوطنية ، فيجب على المجتمع المصرى quot;تعلم أصول تأسيس الجماعة الوطنية وقواعد الاندماج فيها وتكثيف الفعاليات لها ضمن قواعد ترتضيها وتحاط بعناصر ثقافية وتربوية تشكل أساسا للتسامح الذي قد يفقد معناه إن لم يتحول لعملية مستمرة تشملها التربيةquot;.
إن قواعد اندماج الجماعة الوطنية تقوم علي أسس فكرية قوية وسلوك عملي يؤكدها، وتعتمد علي المساواة و المشاركة في الحقوق والواجبات ، لذا فالأمر كله يدور في إطار المواطنة والجماعة السياسية التي يتشارك فيها المسلمون والمسيحيون فالجميع فى سفينة واحدة ، عليهم أن يعملوا على إيصالها إلى بر الأمان ، ومواجهة أمواج المشاكل العاتية التى قد تعترض مسار هذه السفينة.
أيضا عالم المفاهيم خصوصا تلك المُحمّلة بمضامين سلبية يمثل مجالا هاما لمواجهة هذه الأزمة الخطيرة ، فلابد من الكف عن استخدام ألفاظ من قبيل quot;الآخرquot; سواء quot;الآخر القبطىquot; أو quot;الآخر المسلمquot; فهذا لا يستقيم مع قواعد وأصول الجماعة الوطنية التى تجمعها رابطة المواطنة ، فبين الأنا والآخر ndash; كما يقول الأستاذ الدكتور سيف الدين عبد الفتاح ndash; هناك quot;نحنquot;. أيضا ألفاظ من قبيل quot;أقليةquot; فهذا المفهوم نشأ فى السياق الغربى مُحمّلا بمضامين سلبية ، وذات طبيعة صراعية تقوم على وجود أغلبية مهيمنة وأقلية ضعيفة وقد تستقوي بالخارج.
التعليقات