إسماعيل دبارة من تونس: افتتح اليوم الثلاثاء بقصر المعارض بضاحية الكرم شمال تونس العاصمة المؤتمر الجغرافي الدولي الذي سيتواصل على امتداد أربعة أيام متواصلة و بإشراف من جمعية الجغرافيين التونسيين.
و تحت شعار quot;لنبن معا مجالاتنا الترابيةquot; انطلقت الدورة الحادية و الثلاثين لمؤتمر الاتحاد الجغرافي الدولي بمشاركة حوالي 1000 جغرافي من 70 بلدا ، و يهدف المؤتمر حسب مصادر رسمية إلى quot;تبادل الخبرات والاطلاع على احدث المستجدات في الاختصاص والمساهمة في نشر الثقافة الجغرافية بالإضافة إلى بلورة مفاهيم جغرافية متطورة ومتجددة تواكب تغير الأوضاع وتوفر إجابات لكل التساؤلات المطروحة في المجالquot;.

و قال رئيس الاتحاد الجغرافي الدولي إن تونس التي تشغل حاليا منصب نائب رئيس في الاتحاد كانت لها مساهمات كبيرة في تطوير علم الجغرافيا مشيدا بالعلامة ابن خلدون الذي اعتبره مرجعا في تدريس هذا الاختصاص.
و بيّن أن المؤتمر quot;يهتم بتقاسم الابتكارات والتجارب والخبرات العلمية من اجل بناء جغرافيا حديثة تجمع بلدان العالم مشيرا إلى أن التنوع يعد من ابرز مفاهيم مؤتمر الجغرافيينquot;.
و شدد وزير التعليم العالي التونسي الأزهر بوعونى في افتتاح المؤتمر على quot;حرص الجامعيين التونسيين على الانخراط في الحركية التي تشهدها الساحة العلمية على المستوى العالمي مشيرا إلى أن سياسة الدولة تهدف إلى مزيد تطوير الجمعيات العلمية وتمكينها من الظروف التي تساعدها على تحقيق برامجهاquot;.

و قال إن quot;علم الجغرافيا يعرف اليوم تحولات اكاديميّة وبحثية عميقة فرضتها الثورة الرقمية والمتغيرات الاجتماعية والمكانية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها العالم فضلا عن اتساع هذا العلم ليشمل علوما أخرى مثل علم الاجتماع والفنون المعمارية وعلوم البيئة والاقتصادquot;.

كما دعا إلى مزيد دفع التعاون الدولي في مجال البحث العلمي وتكوين شبكات بحثية دولية والى إحداث شهادات مشتركة خاصة في المجالات المجددة فضلا عن تكثيف الإشراف المزدوج على رسائل الدكتوراه في هذا المجال.quot;
و تحدّث المنجى بوسنية الأمين العالم للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن أهمية علم الجغرافيا في تحقيق التواصل بين الشعوب وتطوير الحوار بين الثقافات.
و أقيم على هامش المؤتمر معرض علمي بمشاركة عديد الإطراف المعنية على غرار الجمعيات العلمية ودور النشر المختصة ومؤسسات رسم الخرائط.

وحسب منظمي المؤتمر ستعقد خلال الأيام المقبلة 3 ندوات عامة تتمحور حول quot;مفهوم المجال الترابيquot; وquot;المقاربات المعتمدة في مجالي التطبيق والتهيئةquot; وquot;المقاربات التشاركيةquot; فضلا عن 7 ندوات مختصة حول مواضيع مختلفة على غرار quot;الثقافات والحضارات من اجل التنمية الإنسانيةquot; وquot;نهضة المتوسطquot; وquot;التغيرات المناخية في افريقياquot; وquot;توحيد الأسماء الجغرافية في إفريقياquot; وquot;السنة الدولية للأمم المتحدة : كوكب الأرضquot; و quot;تطور المفهوم الجغرافيquot;.
كما يتميز المؤتمر بتنظيم حصص مختصة تتوزع على 200 جلسة علمية يتم خلالها تقديم 850 مداخلة اي بما يعادل 50 جلسة و280 مداخلة يوميا إلى جانب تنظيم 7 ورشات تكوين من بينها ورشة ميدانية بالجنوب التونسي ببادرة من معهد المناطق القاحلة بمحافظة مدنين الجنوبية (480 كلم ) ورحلات دراسية تؤمنها وكالات أسفار من العاصمة باتجاه الجنوب أيضا.

و حريّ بالتذكير أن وفدا من الجغرافيين الإسرائيليين يشارك في هذا المؤتمر بصفته عضوا في الاتحاد، الأمر الذي أثار جدلا كبيرا من حوله خصوصا في ما يتعلق بقضية التطبيع في تونس.
و كان الاتحاد العام التونسي للشغل (النقابة العمالية الأولى في تونس) دعا الأحد الماضي السلطات التونسية المعنية إلى تحمّل مسؤوليتها بأن تستخدم حقّ السيادة، وتمنع الوفد الإسرائيلي من دخول البلاد.
وطالب الاتحاد في بيان وقعه 'سامي العوادي' نقيب الأساتذة الجامعيين التونسيين و -اطلعت 'إيلاف' على فحواه -الجامعيين إلى مقاطعة كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني ومؤسساته.
وقدم البيان تحية إلى موقف الجغرافيين التونسيين الذين أعلنوا مقاطعتهم لهذا المؤتمر.

وكانت تونس استضافت منذ أربع سنوات ببادرة من جمعية الجغرافيين التونسيين المؤتمر السابق للاتحاد وهو ما أثار جدلاً بين الجغرافيين التونسيين؛ نظراً لتمسّك الاتحاد الدولي للجغرافيا بشرط حضور الوفد الإسرائيلي. مما أدّى إلى حدوث انقسامات داخل الجمعية التونسية للجغرافيين.

ويرى عدد من الاكادميّين و الجغرافيين التونسيين ممن قاطعوا المؤتمر أن توجهات الحكومة في هذه الزاوية quot;لا تتطابق و الموقف الرسمي المعلن والمقاطع لأيّ شكل من أشكال التعامل مع العدو الصهيوني الغاصب للأرض العربية والمرتكب لجرائم قتل واغتيال على الأرض التونسية والمنكّل على مدى 60 سنة متواصلة بالإخوة الفلسطينيين والممارس للإرهاب والإجرام الموصوفين بعدّة مناطق عربية وغير عربيةquot; على حدّ ما جاء في بيان لهم نشر منذ أيام.
إلا أن عدنان حيدر رئيس جمعية الجغرافيين التونسيين يرفض بشدة الانتقادات التي وجهت لجمعيته بسبب مشاركة إسرائيليين في المؤتمر، معتبرا أن ذلك يأتي تماشياً مع وقعت عليه تونس من اتفاقات دولية.
من جهة أخرى يقاطع جغرافيون فلسطينيون المؤتمر المنعقد في تونس حاليا.

وقال مدير الجمعية الجغرافية الفلسطينية مسلم أبو الحلو، في تصريحات صحفية سابقة إن quot;الجغرافيين الإسرائيليين يحملون رتبتين، الأولى عسكرية دموية، والثانية علمية جغرافية عنصريةquot;.
ويعود تأسيس الاتحاد الجغرافي الدولي الى العام 1922 وهو عضو في المجلس الدولي للعلوم الاجتماعية المنضوي تحت لواء منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم.
أما جمعية الجغرافيين التونسيين فتأسست في العام 1977 و هي عضو في الاتحاد منذ العام 1999 وقد شاركت في عديد الملتقيات والمؤتمرات الجغرافية الدولية وهي مرتبطة بعديد اتفاقيات التعاون مع جمعيات مماثلة من مصر والمغرب وفرنسا و غيرهم.