لندن: كتبت صحيفة الأعمدة بالفاينانشال تايمز مقالا تحت عنوان واشنطن لاتزال مقيدة بالعراق حلل فيه أسباب تخاذل الموقف الغربي عموما والأميركي على وجه الخصوص من الحرب الروسية الجورجية، فقال: quot;إن رد فعل الولايات المتحدة بعد الاجتياح الروسي لجورجيا جاء بما كان يتطلع إليه فلاديمير بوتين.quot; ويرجع الكاتب سبب هذا quot;الفتورquot; أو quot;الفشلquot; إلى الإرهاق الناجم عن تجربة العراق والذي يشل تفكير واشنطن.
ويقول الكاتب لولا إلحاح جون ماكين - المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية- لما التفت الرئيس الأميركي جورج بوش -الذي كان يحضر الألعاب الأولمبية ببكين- إلى الأمر ولا quot;فطنquot; إلى أن أحد حلفاء الولايات المتحدة يتعرض للاجتياح. ويرى الكاتب أن أزمة القوقاز الجديدة كشفت quot;مرة أخرى دور واشنطن الرياديquot; على الصعيد الدولي، في ضوء الانقسام الأوروبي، بين quot;اندفاعquot; الدول أعضاء المعسكر الشرقي سابقا، وبين quot;حرص بعض الدول على استرضاء فلاديمير بوتين.quot; ولكن روسيا -يقول الكاتب- في حاجة إلى من يقف في وجهها، لذا صار من الضروري أن تتجاوز الولايات المتحدة quot;محنتهاquot; في العراق.
لقد حرص الغرب -في رأي الكاتب- على احتضان روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وعلى أن تصير جزءا من المجتمع الدولي، لكنها quot;توهمتquot; أنها يمكن أن تجني ثمار الانخراط في المؤسسات والمنتديات الدولية من قبيل المنظمة التجارة العالمية، أو مجموعة الثماني دون الالتزام بما يتطلبه ذلك من التقيد بقواعد التعايش.
بتعبير آخر، تلعب روسيا على الحبلين، فهي من جهة تستفيد من فوائد التعددية، دون الرغبة في التخلي عن العادات السوفياتية البائدة، يقول الكاتب. quot;لهذا السبب على الولايات المتحدة أن تعيد الأمور إلى نصابها، فهي الوحيدة القادرة على ذلك.quot; لكن على جمهوريات الاتحاد السوفياتي البائد، أن تتحلى بكثير من الصبر لأن واشنطن ستحتاج إلى بعض الوقت قبل أن تصبح قادرة quot;نفسياquot; على الإضطلاع بهذا الدور، يخلص الكاتب.
استعراض العضلات
وإذا كان كاتب مقال الفانانشال تايمز يرثى quot;لهزالquot; الولايات المتحدة، فإن الديلي تلغراف تنعي غياب الدبلوماسية البريطانية في بدايات الحرب الروسية الجورجية. وترى الصحيفة في إحدى افتتاحيتها أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مثل الموقف البريطاني. quot;لكن بينما يتمتع الرئيس الفرنسي بخصال مثيرة للإعجاب، فإن مصالحه ليست هي مصالح بريطانيا.quot;
وتوجه الصحيفة النقد بهذه المناسبة إلى الدبلوماسية الأوروبية. فهي من ناحية تفتقر إلى quot;الصراحة والحزمquot; اللذين يطبعان موقف quot; الديمقراطيات الناطقة بالإنجليزيةquot;، على حد تعبير الصحيفة البريطانية، وهي من مناحية أخرى تقيد الديبلوماسية البريطانية. فموجب قوانين الاتحاد لم يعد للدول الأعضاء استقلالية دبلوماسية كبرى في عدد من المجالات.
وينسج وليام ريس موغ في التايمز على منوال الصحيفتين السابقتين، لكن من زاوية مختلفة؛ إذ نراه يلمح إلى ضرورة مساعدة quot;الحمائمquot; الروس على هزيمة الصقور، وفي مقدمتهم بوتين. فروسيا تعي أنها غير قادرة على استعمال السلاح النوي، كما تعي جيدا أنها الخاسرة في عالم التجارة الحرة، إذا ما عزلت. ويقول الكاتب: quot;إن روسيا تؤدي ثمن اجتياح جورجيا، عزلة متفاقمة،quot; بسبب التوتر مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبسبب التهديد الذي باتت تمثله لجيرانها. ولن تستمر الأمور على هذه الحال، لأن روسيا لها مصالح مشتركة مع الغرب، يشير الكاتب.
ويذكِّر في هذا الصدد، بالقرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي السابق فرانكلين روزفلت -quot;الرئيس الأقل تودداquot;- بعد أن عاين سوء علاقة بلاده بجيرانها من دول أميركا اللاتينية في ثلاثينيات القرن الماضي، لقد قرر إقامة ما يسمى quot;سياسة حسن الجوارquot;.
وتطالب الإندبندنت من جهتها الغرب إلى خفض حدة لهجته تجاه روسيا، معتبرة في إحدى افتتاحياتها أن الرد على quot;اللطمة باللطمةquot; لن يزيد الوضع إلا سوءا. والحل يكمن في الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه فرنسا، ودعوة الطرفين إلى الالتزام ببنوده.
التعليقات