هاجموا بلدة في وضح النهار
عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين يتصاعد برمضان

خلف خلف- إيلاف: تصاعد حجم الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ بداية العام الحالي، لتبلغ ذروتها في شهر رمضان. حيث هاجم اليوم السبت نحو 100 مستوطن بلدة عصيرة القبلية المحاذية لمدينة نابلس، ومارسوا العربدة، وأطلقوا النيران بصورة عشوائية، بالإضافة إلى تدمير جزء من ممتلكات المواطنين، كما أفادت مصادر فلسطينية أن 8 فلسطينيين أصيبوا بجراح مختلفة.

وتأتي هذه الاعتداءات بعد تعرض فتى إسرائيلي لعملية طعن في مستوطنة يتسهار، واتهام شاب من البلدة الفلسطينية بالمسؤولية عن عملية الطعن، والمطالبة بتسليم الفاعل. والحدث السابق، ليس منعزلا عن جملة اعتداءات نفذت ضد البلدات والقرى الفلسطينية طول الفترة الماضية، فقد اعترف مندوبو المخابرات والجيش والشرطة الإسرائيلية، بأنه في الأشهر الأخيرة طرأ ارتفاع على عدد أحداث العنف من جانب المستوطنين. وبحسب المعطيات التي قدمتها الشرطة ونشرتها صحيفة هآرتس مؤخرًا، فانه في الستة أشهر الأولى من العام 2008 طرأ في الضفة ارتفاع في عدد quot;أعمال الإخلال بالنظامquot; من قبل المستوطنين، حيث إنه منذ بداية كانون الثاني وحتى نهاية حزيران، كانت هناك 429 عملية إخلال بالنظام. وفي كل العام 2007 فتح 551 ملف بمخالفات كهذه، مقابل 587 ملف في كل 2006.

واعتداءات المستوطنين تتزامن مع مواصلة عمليات تسمين البؤر والكتل الاستيطانية على حساب ابتلاع أرضي الفلسطينيين، وأحد الحجج المتبعة لتوسيع المستوطنات، عائد لما تسميه إسرائيل quot;بالتكاثر الطبيعيquot;، وهو مصطلح متملص، ومنذ التوقيع على اتفاق أوسلو، تعاملت كل حكومات الدولة العبرية معه، بأنه يشمل ليس فقط التكاثر السكاني للمستوطنين القاطنين الآن في المستوطنات بل التكاثر السكاني نتيجة الهجرة، وذلك في الوقت الذي شجعت فيه الحكومات بصورة حثيثة الهجرة من إسرائيل إلى المستوطنات بواسطة سلة سخية من الامتيازات والحوافز الاقتصادية. وفي ظل غموض مصطلح quot;التكاثر الطبيعيquot; نجحت إسرائيل في مواصلة البناء في المستوطنات بدون التسبب بمواجهة مكشوفة مع الولايات المتحدة.

وترافق بناء وتوسيع المستوطنات، مع تقييد حركة الفلسطينيين، بغرض تأمين حماية المستوطنين على الشوارع الرئيسية، متجاوزة الميثاق العالمي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي تنص المادة 12 منه على أن لكل إنسان الحق في التنقل بحرية داخل بلده. وأهمية هذا الحق تكمن في كونه الشرط الضروري لإدارة الحياة اليومية وتجسيد منظومة واسعة من الحقوق الأخرى المقننة في القانون الدولي بما في ذلك، الحق في العمل، والحق في الصحة والتعليم والحق في إقامة عائلة.

وبالنسبة للسياسة الاستيطانية، فقد اجتازت السياسة الإسرائيلية بشأن المستوطنات في الضفة الغربية طوال السنين عدة تغييرات نبعت أساسًا من المفاهيم السياسية لأصحاب صنع القرار ومن القوة النسبية لمجموعات المصالح والتغييرات في الساحة الدولية. مع ذلك، ورغم الفارق في الميول بين الحكومات التي تمثلت أيضا بحجم الموارد التي خصصت للموضوع وبالمناطق التي أقيمت فيها المستوطنات الجديدة، الآن كل الحكومات ساهمت بهذا الشكل أو ذاك في تطوير المشروع الاستيطاني.

وذلك عبر جهاز قانوني - بيروقراطي معقد، نجحت إسرائيل من خلاله بالسيطرة على مئات آلاف الدونمات في أنحاء الضفة الغربية، ومن الوسائل التي اتبعت لتحقيق هذا الغرض، الإعلان وتسجيل الأراضي quot;كأراضي دولةquot;، والسيطرة على الأراضي لأغراض عسكرية، والإعلان عن الأرض quot;كعقار متروكquot; ومصادرة الأراضي لأغراض عامة.

وفي عدة حالات قدم سكان فلسطينيون التماسا للمحكمة العليا ضد السيطرة على أراضيهم بدعوى أن استخدامها لغرض إقامة المستوطنات المدنية يتعارض مع القانون الإنساني الدولي. ولكن في معظم الحالات ترد المحكمة هذه الالتماسات وتقبل موقف إسرائيل، القاضي بأن وضع اليد على الأرض هو قرار قانوني ذلك لان المستوطنات تلعب دورا أمنيا - عسكريا حيويا.

كما أن البناء الاستيطاني صادر الآبار الارتوازية، وحرم الكثير من الفلاحين من أراضيهم الزراعية، وخلال سنوات الاحتلال أوقف الكثير من الفلسطينيين أو قلصوا العمل في الزراعة، وذلك نتيجة لسياسة إسرائيل في مجالين: حقل المياه، وحقل العمل. فخلال سنوات طويلة رفضت إسرائيل كل طلبات الحصول على رخصة لضخ المياه من آبار زراعية جديدة قدمها الفلسطينيون، الأمر الذي حال دون تطويرهم لفرع الزراعة.

وفي مجال التشغيل شجعت إسرائيل دمج الفلسطينيين في سوق العمل لديها. وبسبب مستوى الأجر المرتفع في هذه السوق بالمقارنة مع الأجور في الضفة انجذب الكثير من المزارعين للعمل في إسرائيل، ولكن بعد انتفاضة الأقصى، منعت السلطات الإسرائيلية العمال الفلسطينيين من الدخول لأراضيها، وهو ما جعل ما يزيد عن 130 ألف عامل عاطلين عن العمل.