نجلاء عبد ربه من غزة: في ذروة أحداث إنتفاضة الأقصى التي إندلعت في العام 2000، دافعت حركة حماس عن إطلاق الصواريخ الفلسطينية وإعتبرتها قوة ردع ورعب بحق ما تفعله إسرائيل من قتل وقصف وتدمير لمنازل الفلسطينيين ومصانعهم، في وقت كانت السلطة الوطنية الفلسطينية تعقد ندوات وورش عمل تبين عدم جدوى تلك الصواريخ، كونها تعطي إسرائيل ذريعة لإجتياح المدن الفلسطينية وقتل أكبر عدد من الشباب.

منذ ثلاثة أشهر بدأت حماس تنشر أخبار عدم جدوى تلك الصواريخ، متزامنة مع تهدئة أبرمتها مع الجانب الإسرائيلي، وهو ما يعني عملياً في نظر مراقبين فلسطينيين، أن حماس أدركت مفهوم السلطة الفلسطينية التي نادت بنفس المعنى، لكن بعد أعوام.

المراقبون ذاتهم يقولون لإيلاف، بعد فترة ستدرك حماس أن الأنفاق الفلسطينية التي ذهب ضحيتها عشرات الشباب حتى الآن، هي سلاح كان ناجعاً في بدايته، عندما كانت القوات الإسرائيلية موجودة في غزة، لكن مع زيادة تلك الأنفاق، فقد أضرّت بحافريها والعاملين فيها.

وذهب عدد منهم إلى القول أن الأنفاق الفلسطينية سلاح ذو حدين، كما الصواريخ التي تطلق على المدن الإسرائيلية القريبة من الحدود مع قطاع غزة. وبينوا أن ضحايا الأنفاق الذين قتلوا نتيجة الإختناق أو هبوط الرمال عليهم، باتوا محل تساءل وإستفسار حول الربح والخسارة من تلك العملية برمتها، وإلى متى ستنتهي زهق الأرواح الشابة الفلسطينية بهذا الرخص!!؟

وكان شابان فلسطينيان لقيا مصرعهما مساء أمس، أثناء حفرهما لنفق بين مصر وقطاع غزة حيث أنهار عليهما النفق أثناء عملية الحفر. وقالت مصدر طبي لإيلاف أن هاني محمود خلف الله من خان يونس (22 عاماً) وفيصل سليمان (22 عاماً) من رفح الفلسطينية قتلا بعد أن هوى النفق عليهما.

يقول محمد، احد العاملين في حفر الأنفاق، أن السبب قد يكمن في العدد الهائل من الأنفاق التي تحفر بإستمرار على شريط حدودي لا يتجاوز الـ 14 كيلو. ويضيف لإيلاف 'في الكثير من الأحيان، وخلال حفرنا للنفق، ندخل بالخطأ على نفق آخر محفورا على بعد أقل من متر من النفق الذي نحفره، وكثيرا ما نتحدث نحن والعاملين في حفر النفق الآخر'.

ويبتسم زميلة علي '24 عاماً' عندما سألناه عن ردة فعلهم من قوات الأمن المصرية عندما تعثر على أحد الأنفاق وتغلقه من الجانب المصري. وقال 'عندما نحفر النفق، نبدأ بتشعبه قبل الوصول إلى هدفه في الأراضي المصرية، ليصبح له عينتان أو ثلاثة، وبعض الأنفاق لها 4 عيون، وبالتالي فإن الأمن المصري عندما يصرح بأنه إكتشف نفقاً، فإنه يكون قد إكتشف أحد عيون هذا النفق، وبالتالي فإن هذا الأمر لا يشكل عائقاً أمام التجار الفلسطينيين، لأن عيون أخرى تعمل لنفس النفق.

وتعد تجارة الأنفاق وما يدخل من خلالها إلى قطاع غزة، من التجارة المربحة جداً، وبديلاً في الوقت الحالي عن الحصار الإسرائيلي الذي تفرضه على قطاع غزة منذ 15 شهراً، وتمنع من خلاله دخول أية سلع وبضائع لفلسطينيي قطاع غزة. واستخدمت الأنفاق الفلسطينية في بداية عهدها مع دخول العام الثاني من إنتفاضة الأقصى عام 2000، لتهريب الأسلحة المختلفة إلى قطاع غزة، إلا أنها الآن تستخدم فقط لتهريب البضائع التي لم تسمح إسرائيل بدخولها أو تقننها على الفلسطينيين.

وتعتبر الأنفاق التي تحفر بين مصر وقطاع غزة حتى اللحظة في نظر الكثير من الفلسطينيين، مصدراً وبديلاً هاماً عن إغلاق المعابر، لكن السؤال الذي يراود ما تبقى منهم، في حال فُتحت المعابر كاملاً، هل سنبقى في حاجة إلى تلك الأنفاق!!؟ سؤال بحسب مراقبون ومواطنون فلسطينيون تجيب عليه إسرائيل وليس الفلسطينيين.