طلال سلامة من روما: يعتمد سيلفيو برلسكوني على سياسة الصراحة مع روبرتو ماروني، وزير الداخلية، الذي أصبح موفد برلسكوني الخاص الى منطقة أفريقيا الشمالية، لا سيما ليبيا والمغرب وتونس ومصر، أين تريد حكومة روما انتزاع اتفاقيات ثنائية عاجلة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين من جزيرة لامبيدوزا أين يتم احتجازهم حالياً في معسكرات يتجرأ البعض على وصفها بأنها مماثلة لمعسكرات احتجاز اليهود النازية. ان أزمة لامبيدوزا الخانقة، التي تتمثل باحتجاز أكثر من 1800 مهاجر غير شرعي في وضع متفجر صحياً واجتماعياً حيث بدأت السلطات الأمنية فصل الرجال عن النساء والقاصرين خوفاً من الاعتداءات الجنسية، بدأت تؤثر بالفعل على أجندة أعمال برلسكوني كونه زاوية من الزوايا الأمنية التي يسعى الوزير ماروني الى تحصينها.. قبل فوات الأوان.

ان الخطة الأمنية لن تتجاوب ليبيا معها ان لم يتحرك البرلمان الإيطالي للإقرار بها كقانون تجمع عليه جميع الأطراف السياسية. بمعنى آخر، لا تبدي ليبيا عن استعدادها لمشاطرة ايطاليا في مراقبة الحدود البحرية ان لم يكن هناك قانوناً إيطالياً واضحاً أمامها تستطيع التعامل من خلاله كدولة وليس كوعود. إذن، تنتظر ليبيا أن تقر حكومة روما بخطتها الأمنية في مجلس الشيوخ قبل أن تبدأ الاستعدادات لمواجهة ظاهرة احتار منها برلسكوني الذكي وفريقه التنفيذي برمته نظراً لملامحها المعقدة.

مما لا شك فيه أن برلسكوني لا يمتلك العصا السحرية لحل هذه الظاهرة في دقائق معدودة بيد أنه يضع أملاً على الرئيس التونسي بن علي في ضوء التحضير لترحيل أكثر من 1300 تونسي من جزيرة لامبيدوزا. هكذا، يبدو أن برلسكوني يراهن على أكثر من دولة أفريقية شمالية لانجاح عمليات الترحيل الجماعية للمهاجرين غير الشرعيين. فحتى لو رفضتهم ليبيا، سيكون في أيدي برلسكوني أكثر من ورقة تخوله ترحيلهم الى دولة أفريقية أخرى. في هذا الصدد، سيرسل برلسكوني وزير الداخلية ووزير الخارجية فرانكو فراتيني لقيادة مفاوضات تنصب في إبرام اتفاقيات ثنائية تم رسم محتواها في عهد رومانو برودي، رئيس الوزراء السابق، إنما من دون تحريك أي خطوة لتفعيلها من الحكومة اليسارية السابقة.