يتهم نوشيروان مصطفى النائب السابق للأمين العام للإتحاد الوطني الكردستاني نائب رئيس إقليم كردستان كوسرت رسول علي، بالمسؤولية عن اندلاع القتال الداخلي في منتصف التسعينات من القرن الماضي والتي راح ضحيتها الآلاف من الشباب الكردي، الى جانب إتهامه بهدر أموال الدولة،وكذلك مسؤوليته في هجرة عشرات الألوف من الكرد الى المنافي الأوروبية، بينما نفى كوسرت تلك الاتهامات بشكل قاطع، ويرى مراقبون أن الامر يعتبر دعاية انتخابية لإنتخابات البرلمان العراقي على المستوى المحلي.
السليمانية: تصاعدت حدة الهجمات الإعلامية التي تشهدها كردستان وبدأها رئيس قائمة التغيير نوشيروان مصطفى النائب السابق للأمين العام للإتحاد الوطني الكردستاني من خلال كتابة عدة مقالات وجه خلالها العديد من الإتهامات لقادة الإتحاد الوطني بما فيها الرئيس جلال طالباني ونائبه كوسرت رسول علي نائب رئيس إقليم كردستان، متحدثا عن بعض الوقائع والأحداث التي وقعت في السنوات الماضية،وخص مصطفى قادة الإتحاد الوطني بمسؤولية الكثير من الأحداث المؤسفة التي شهدتها كردستان في العقدين الماضيين بما فيها القتال الداخلي على الرغم من كونه نائبا لرئيس الإتحاد الوطني في تلك الفترة.
ووصف العديد من المراقبين في كردستان الحملة المبكرة التي يقودها نوشيروان مصطفى ضد قادة الإتحاد الوطني بأنها إستباق لبدء الحملة الإعلامية لإنتخابات البرلمان العراقي على المستوى المحلي، رغم أن قوانين المفوضية العليا لا تسمح لبدء الحملات الإعلامية إلا في مواعيد مقررة سلفا من قبل المفوضية.
وكان نوشيروان قد خص في آخر سلسلة من مقالاته التهجمية على قيادات ورموز الإتحاد الوطني الذي ترك صفوفها في السنوات الأخيرة ليشكل كتلة معارضة، خص بها نائب رئيس إقليم كردستان كوسرت رسول علي، وإتهمه بالمسؤولية في إندلاع القتال الداخلي في منتصف التسعينات من القرن الماضي والتي راح ضحيتها الآلاف من الشباب الكردي، الى جانب إتهامه بهدر أموال الدولة،وكذلك مسؤوليته في هجرة عشرات الألوف من الكرد الى المنافي الأوروبية.
وفي سياق رده على إتهامات نوشيروان مصطفى كتب كوسرت رسول علي مقالا وزع على القنوات الإعلامية وتلقت quot; إيلاف quot; نصه يرد فيها على تلك الإتهامات.
وأشار علي في مستهل مقاله الذي عنونه بـquot; أصابع نوشيروان تشوه نضالات رفاقهquot; الى أن الإتهامات التي وجهها السيد نوشيروان لم تكن بحاجة الى الرد لولا أنها تمس عددا من رفاق نضالنا وعوائل شهداء الحركة التحررية، لأني على يقين بأن شعبنا الكردي يمتلك من الوعي السياسي ما يحول دون خداعه وتضليله بمثل هذه الإتهامات، ولكني خشيت أن تترسخ تلك الإتهامات التضليلية في كتب التاريخ، خصوصا أن الجيل الحالي والأجيال اللاحقة لا تلم بالظروف والمواقف الصعبة والعسيرة التي خضناها أثناء سنوات نضال حركتنا التحررية، ما أوجب الرد تبيانا للحقيقة التاريخية.
ويتحدث نائب رئيس الأقٌليم عن فترة القتال الداخلي، ويقولquot; أعتقد أن السيد نوشيروان وجميع رفاقنا يعرفون بأنني لم ولن أتهرب يوما من أية مسؤولية توضع على عاتقي، وما حدث خلال سنوات نضال الإتحاد الوطني الكردستاني بسلبياته وإيجابياته بما فيها تلك الصفحة المؤلمة من القتال الداخلي في كردستان نتحمل مسؤوليته بالتضامن. وقد مر الإتحاد الوطني الكردستاني منذ تأسيسه ولحد إلتحاقي بجبال كردستان بالعديد من المواقف الصعبة والحساسة التي رافقتها حروب وكبوات وإنشقاقات، وكنت كعضو قيادي في الإتحاد الوطني لم أتنصل من مسؤولية تلك الأحداث، حتى لو كان سببها القرارات الفردية الصادرة من شخص السيد نوشيروان، مثلما يتنصل هو الآن من تبعات تلك الأحداث والقرارات الخاطئة ، وأقول ذلك لكي لا أعفي نفسي من مسؤولية الإقتتال الداخلي والذي أشار السيد نوشيروان في مقالاته بالنصquot; أن الإتحاد الوطني تورط في الإقتتال الداخلي في عهد حكومتي بحيث إن أكبر قوة دولية لم تكن قادرة على إخماد نيرانهاquot; ؟!.
وأضاف:quot;ولكن يشهد جميع أعضاء المكتب السياسي بما فيهم السيد نوشيروان بمواقفي المعارضة للإقتتال الداخلي، فعلى سبيل المثال بعد عدة أشهر من إنتفاضة عام 1991 وقعت أحداث مؤسفة بين الإتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني في منطقة دوكان وصلت الى حشد قوات البيشمركة من الجانبين بمواجهة بعضهما البعض، وكادت الأمور تنفلت وتقع حرب داخلية مدمرة منذ تلك اللحظة، ولكني سارعت الى مقابلة السيد مسعود بارزاني في مقره في مصيف صلاح الدين، وتحدثت معه بهدف تهدئة الأوضاع، وفعلا تكرم بإرسال وفد من الحزب بمعيتي الى دوكان لتهدئة الوضع، ثم رجعت مع اللجنة الى السيد بارزاني ونجحنا معا في إزالة فتيل القتال وتطبيع الأوضاع، وللتذكير فقط لم أكن في ذلك الوقت لا رئيسا للحكومة ولا نائبا للأمين العام للإتحاد الوطني، بل حتى أن تلك الأحداث لم تقع أصلا في نطاق مسؤولياتي الحزبية والعسكرية.وبعد إندلاع الحرب الداخلية في كردستان كان السيد نوشيروان يعاتبني لعدم إشتراكي في القتال الداخلي، وكان يقولquot; ما هي قدسية أربيل حتى لا يسمح كوسرت بإنتقال القتال الداخلي إليهاquot;، كما كان هناك أعضاء في القيادة الحالية لحركة التغيير يقولون quot; إذا لم يشارك كوسرت في القتال الداخلي ينبغي طرده من المكتب السياسيquot;.
وقال:quot;فما الذي حصل لكي يتنصل هو من مسؤولية الإقتتال الداخلي ويلقيها على عاتقي وأن يسعى بهذه الطريقة لتشويه الحقائق التاريخية. وللتأكيد فقط فإن شعبنا لن ينسى أنه في خضم النضال التحرري سواء في جبال كردستان أو بعد الإنتفاضة كم من قرارات القتال صدرت من السيد نوشيروان ، وكم من جولات القتال الأخوي قادها بنفسه .ولسنا هنا بمعرض الدفاع عن مواقفنا، فالسيد مسعود بارزاني بصفته رئيسا للحزب الديمقراطي الكردستاني وبعد العديد من الجولات القتالية في الحرب الداخلية أِشاد لدى العديد من الوسطاء وأصدقاء الطرفين ، وكررها في مقابلة تلفزيونية معروضة بمواقفي الرافضة للإقتتال الداخلي، وكيف كنت أسعى بصفتي رئيسا للحكومة دون إتساع رقعتها. وخطب السيد أحمد الجلبي والأخبار المنشورة في الإعلام الكردي في ذلك الوقت ، بالإضافة الى الخطب التي ألقيت داخل البرلمان الكردستاني في العديد من المناسبات هي دلائل ملموسة على معارضتي الشديدة للقتال الداخلي.لذلك أقترح على السيد نوشيروان الذي يتبجح في كتاباته بالإستناد إلى الوثائق والمستندات أن يعود الى بروتوكولات البرلمان أو أرشيف التلفزيونات ليطلع على حقيقة مواقفي قبل أن يرتكب الأخطاء الفادحة في كتاباته للتاريخ quot;.
وحول توليه رئاسة حكومة إقليم كردستان بين أعوام 1993-1996 يقول كوسرتquot; بعد إجراء أول إنتخابات برلمانية في كردستان عام 1992 وتشكيل حكومة الإقليم وتقسيم المناصب والحقائب الوزارية بين الحزبين الفائزين، أصبحت رئاسة البرلمان من حصة الحزب الديمقراطي الكردستاني ، ورئاسة الحكومة من نصيب الإتحاد الوطني الكردستاني، وفي إجتماع للمكتب السياسي أجمعت الآراء على أن يتولى السيد نوشيروان رئاسة الحكومة الإقليمية، ولكنه إمتنع عن ذلك. وعندما سألناه عن أسباب رفضه للمنصب، quot; إذا كان المنصب جيدا فلماذا لا يتولاه مام جلال بنفسه؟. ولذلك تم ترشيح الدكتور فؤاد معصوم، ومع ذلك سعوا فيما بعد الى محاربته وإضعاف هيبته في الوسط الجماهيريquot;
ويضيف:quot; أما بالنسبة لي فلم أكن أبدا مطالبا لمنصب رئيس الحكومة، وعندما جاءني لم أتوله عن طريق الإنقلاب العسكري، وأرويها للتاريخ ، فقد كنا أنا والمرحوم دارو شيخ نوري وسعدي بيرة ودكتور كمال فؤاد متواجدين في ألمانيا حين طلب منا مام جلال أن نعود بأسرع ما يمكن الى كردستان، وعقدنا إجتماعا للقيادة في منزل مام جلال حيث طلب جميع أعضاء القيادة بما فيهم السيد نوشيروان بأن أتولى رئاسة حكومة الإقليم، ولكني رفضت ذلك.ولكن مام جلال ونوشيروان أصرا على ذلك وقالا ليquot; هذا قرار ثوري يجب أن تلتزم بهquot;.ورغم المصاعب والتحديات الكبيرة في تلك الفترة قبلت بالمنصب، وكانت العلاقة بين الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني تمر بأسوأ حالة بسبب التنافس والصراع الحزبي والتكالب على السلطة حيث كان هناك إنقسام كبير داخل الوزارات ، كان الوزير ونائبه يمارسان الصلاحيات نفسها ،وتزامن ذلك مع إشتداد الحصار الدولي على العراق وسوء الأحوال الإقتصادية الى جانب وجود مشكلات الحدود والعديد من المشاكل الأخرى مع دول الجوارquot;.
وتابع قائلا:quot;في تلك الفترة بدأ تأثير التدخلات الحزبية في شؤون الحكومة بالظهور،وكان مهندسها هو نفسه السيد نوشيروان الذي طلب مني بصفته نائبا للأمين العام للإتحاد الوطني عام 1993 أن أسجل مئات الدونمات من الأراضي في السليمانية باسم الإتحاد الوطني الكردستاني لدى مديرية التسجيل العقاري، وكان ضمن هذه القطع من الأراضي القطعة التي يبني عليها السيد فاروق الملا مصطفى فندقه في مدينة الجمال بالسليمانية. وكنت أطالب مرارا بوقف التدخلات الحزبية في شؤون الحكومة، حتى أنني كنت أقترح في إجتماعات المكتب السياسي لحل هذه المشكلة بتولي السيدين مام جلال وكاك مسعود لرئاستي البرلمان والحكومة لكي يتوقف الآخرون عن التدخل في شؤون الحكومة، حتى أنني ألقيت خطابا في البرلمان الكردستاني في حزيران عام 1994 طالبت فيه السيدين طالباني وبارزاني بأن يدخلا الى الحكومة وذلك لفصل الحزب عن الحكومة، وأن يديرا أعمالها من داخل الحكومة وليس خارجها، وهذا الخطاب موثق في الجزء 11 لعام 1994 من بروتوكولات البرلمان الكردستاني، يمكن للسيد نوشيروان أن يعود إليهاquot;.
وأوضح ان جميع أعضاء المكتب السياسي quot;يعرفون جيدا من هو الذي كان يصر على فرض هيبة وسطوة الحزب على الحكومة، ومن كان يريد حصر جميع سلطاتها بيد الحزب بما فيها تعيين الحراس للمقرات الحزبية، فقد كان السيد نوشيروان هو الذي كان يصر على فرض تلك السطوة والهيمنة الحزبية على الحكومة الإقليمية، ولا حاجة لإيراد أمثلة أخرى لأن مذكرات السيد نوشيروان تزخر بالكثير منها خصوصا تدخلات الحزب في أعمال الحكومةquot;.
أما حول مسؤوليته في هجرة الشباب الكردي فقد دافع كوسرت عن نفسه بالقولquot;أن الوضع المعيشي في تلك الفترة كانت سيئة للغاية ووصلت الى حافة الخطر، فقد كنا نواجه صعوبة بالغة في تدبير رواتب الموظفين،وكانت الحكومة الإقليمية تفتقر الى الموارد المالية، فلم تكن هناك أية عوائد أو ميزانية خاصة، وكانت هناك تهديدات مستمرة من النظام العراقي ومعاودة شن هجماته على كردستان، وتوقفت التعاملات التجارية في الإقليم، وكان الناس يعيشون أحلك أيام حياتهم، وزادهم كل ذلك حدوث القتال الداخلي أعقبتها تزايد التدخلات الإقليمية، وظهرت بوادر الإرهاب التي طاولت موكبنا أيضا، وإضطرب الوضع الأمني،وللتخلص من هذه الضائقة الإقتصادية والمعيشية غادر الآلاف من الشباب كردستان، وكنا نتمنى أن لا يحدث ما حدث في كردستان في تلك الأيام الصعبة حتى لا يضطر الشباب الكردي الى الهجرة للخارج، رغم أن هجرة هؤلاء الشباب ساعدت في إنعاش الأوضاع الإقتصادية للعديد من العوائل، وساهمت في تعريف العالم الخارجي بالقضية الكردية، الى جانب تمكن الكثيرين منهم من الحصول على الشهادات والإختصاصات والخبرات المهمة والجيدة التي يسخرونها اليوم لخدمة شعبهم في كردستان، ونستغرب أن السيد نوشيروان يضع مسؤولية هجرة هؤلاء الشباب على عاتقنا أيضا.
ويرد نائب رئيس الإقليم عن الإتهامات الموجهة الى حكومته في ذلك الوقت بهدر أموال الدولة بالقولquot; يستمر السيد نوشيروان في جزء آخر من كتاباته في محاولة تضليل الحقائق وكيل الإتهامات بالإشارة الى quot; هدر أموال الدولة في ظل حكومتناquot;. ويبدو أن السيد نوشيروان يصر على قلب الأمور والوقائع، حيث يحاول تصوير الوضع وكأننا كنا في عام 1992 نتملك ميزانية مرسلة من النظام العراقي، متناسيا بأن جميع موارد الحكومة كانت تعتمد على الضرائب الجمركية، وكانت هذه الضرائب تدفع منها رواتب البيشمركة وموظفي الحكومة، ومساعدات بسيطة لعوائل الشهداء ومصاريف إدارات الحكومة، ومن يصدق نوشيروان قد يعتقد أن حكومة الإقليم كانت لها السيطرة على ميناء أم القصر أو قناة السويس لتدرا عليها ملايين الدولارات، وليس إعتمادها على مجرد ضرائب جمركية؟. لقد كان الهم الأكبر لحكومة الإقليم في تلك الفترة هو كيفية تدبير رواتب الموظفين والمعلمين والبيشمركة وعوائل الشهداء، وكان تدبير المعاشات من أولويات حكومتنا، أما الموارد الإضافية فقد كانت تصرف على البيشمركة والمعاقين والناس الفقراء.وكل ما فعلناه في تلك الفترة هو تسجيل عدد من دور الأمن التي بنيت لصالح عناصر الأجهزة الأمنية الصدامية باسماء عوائل الشهداء والبيشمركة القدامى، فلم نكن نمتلك شيئا لتعويض العوائل التي ضحت بأبنائها الأعزاء أو ترك شهدائها العديد من الأطفال ورائه سوى بتخصيص تلك الدور التابعة للنظام الصدامي، فهل هذا عمل جيد أم سيئ؟quot;
وأضاف:quot;أثناء معاناة شعبنا مع الحصار الدولي،واجهت كردستان لعدة سنوات حالة متكررة من الجفاف ما أثر في الإنتاج الزراعي وغلاء الأسعار في الأسواق، فبادرنا الى تعيين العديد من الشباب في مساهمة منا لمساعدة عوائلهم لتدبير حياتهم المعيشية ومواجهة الجوع والفاقة والحرمان، فهل هذا العمل يستحق عليه الثناء أم النقد ؟quot;.
وتابع قائلا:quot;كان يفترض بالسيد نوشيروان أن يروي للأجيال القادمة مدى الصعوبات التي واجهناها في الأيام العصيبة بفتح المدارس وتأسيس المعاهد والكليات وصولا الى إنشاء الجامعة التي يفتخر السيد نوشيروان بإلقاء المحاضرات فيها، وكيف أن هذه المدارس والمعاهد سنحت لأبناء شعبنا الذين حرموا من التعليم بسبب مشاركاتهم في مسيرة النضال التحرري فرصة جديدة لمعاودة دراساتهم والحصول على أرفع الشهادات الجامعية. كان يفترض بالسيد نوشيروان أن يفتخر بهذه المنجزات للحكومة لا أن يعتبرها محسوبية ومنسوبية.
وحول ما قاله نوشيروان، من أن مام جلال وصف كوسرت بكلمات غير لائقة بهدف النيل من مكانته الإجتماعية، قالquot; إذا كان هدف السيد نوشيروان هو تخريب علاقتي بمام جلال فهو مخطئ ،لأنه حاول ذلك أيضا عندما كان داخل صفوف قيادة الإتحاد الوطني، وسعى لبث الفرقة بيني وبين مام جلال بهدف تقوية نفوذه وسلطته لكنه فشل ،لأن ما يربطني بمام جلال هو أكبر من أن يتأثر بهذه الطريقة لحل خلافاتنا.
التعليقات