تعيش الكويت حالة من الاستنفار الأمني والسياسي استعدادًا لاستضافة قمة مجلس التعاون التي تعقد في ظل إجواء غير مريحة تلقي بظلالها على علاقات معظم الدول الخليجية مع إيران، ومن الملفات الساخنة التي يمكن للتاريخ أن يسجلها لهذه القمة هو التوافق على مسودة إتفاق الاتحاد النقدي الخليجي،كخطوة على الطريق نحو عملة خليجية موحدة وسط تباينات خليجية لافتة حتى الآن.

الكويت: بدأت الحكومة الكويتية إجراءات عاجلة ومشددة لضمان نجاح وأمن قمة مجلس التعاون الخليجي على مستوى القادة، إذ لوحظ حجم الإستنفار السياسي والأمني والإعلامي مع بدء وصول أعضاء وفود الدول الأعضاء في المجلس، وسط إنطباعات بأن قمة الكويت ستكون هامة جدا، وتشكل إنعطافة مهمة ومؤثرة في مسيرة العمل الخليجي، إذ وصفت في أكثر من عاصمة خليجية بأنها ستكون quot;قمة الصراحة والوضوحquot;، في ظل ملفات صعبة وشائكة تنتظر الحسم النهائي من قبل القادة الخليجيين الذين سيصل بعضهم الى العاصمة الكويتية بدءًا من اليوم.

فيما يستكمل وصول باقي القادة الخليجيين خلال الساعات القليلة التي تسبق موعد الجلسة الإفتتاحية للقمة الخليجية صباح يوم غد، وسط إحتمالات غير مؤكدة لغياب أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بسبب مرض والده الأمر السابق في أحد مشافي العاصمة السويسرية جنيف، إلا أن مصادر قطرية دبلوماسية تحدثت عن إمكانية أن يأتي الأمير القطري لساعات عدة، ثم يعود الى جنيف لمتابعة الحالة الصحية لوالده.

وتأتي القمة الخليجية في الكويت غدًا في ظل أجواء غير مريحة تلقي بظلالها على علاقات معظم الدول الخليجية مع إيران، فحكومات خليجية عدة ترى أن طهران لم تبادر بشكل مثالي للرد إيجابيًّا على خطوات حسن النية التي قدمتها لإيران خلال السنوات القليلة المقبلة، إذ لا تزال الدول الخليجية تنظر بريبة الى مستوى علاقاتها مع إيران، وسط قناعات وإنطباعات تنمو كل يوم حول حاجة الدول الخليجية ككل، الى رسائل وإشارات إطمئنان من الجانب الإيراني بشأن كل القضايا التي تعكر تلك العلاقات، وتقف حائلا دون تنميتها.

إذ لا تزال مسألة إحتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاثة يشكل عثرات كبيرة أمام إندفاع الدول الخليجة في إقامة علاقات واضحة وصريحة مع الجانب الإيراني، الذي لا يزال يرفض بشدة أي تقدم في هذا الملف، بل ويسارع الى إجهاض أي تحرك سلمي خليجي في هذا الملف من خلال التأكيد بأن تلك الجزر إيرانية، ولا تنازل عنها، أو تسوية بشأنها.

ومن الملفات الساخنة التي من الممكن أن يسجل التاريخ مسألة حسمها لقمة الكويت الخليجة هو التوافق على مسودة إتفاق الإتحاد النقدي الخليجي، كخطوة على الطريق نحو عملة خليجية موحدة وسط تباينات خليجية لافتة حتى الآن، دفعت دولة الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان الى إبداء التحفظ والإنسحاب من المشروع بعد تسجيل العديد من الملاحظات النقدية عليه.

علما أن وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح سيقوم بجهد خاص خلال القمة الحالية لتذليل الصعوبات والملاحظات التي تعترض العودة الإماراتية والعمانية الى مشروع الإتحاد النقد الخليجي، خصوصا وأن الإنطباعات الكويتية حول هذه المسألة مريحة تماما، إذ أجرت الكويت سلسلة إتصالات في هذا الشأن، حيث أن ينتظر أن تكون قمة الكويت الحالية مكان الولادة بالنسبة إلى العملة الخليجيّة الموحدة التي ينتظر إقرارها جهود طويلة ومضنية، وصولاً للإتفاق النهائي.

يشار الى أن القمة الخليجية التي تنطلق غدا في العاصمة الكويتية ستبدأ بجلسة إفتتاحية بكلمة لأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، ثم يتناوب القادة على إلقاء كلماتهم خلال الجلسة الإفتتاحية قبل أن يدعو رئيس القمة الأمير الكويتي الى جلسة مغلقة للقادة ينتظر أن تمتد حتى ساعة متأخرة من ليل غد، على أن تعقد في صبيحة اليوم التالي الجلسة الختامية التي ستتضمن البيان الختامي، وإختيار أمين عام جديد لمجلس التعاون الخليجي خلفًا للأمين الحالي عبدالله العطية.