خبراء: السبيل الوحيد هو تفعيل المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة
قليل من الخيارات المصرية والعربية لإنقاذ البشير من الملاحقات الدولية
نبيل شرف الدين من القاهرة: يبدو الآن المشهد السياسي في الشرق الأوسط وأفريقيا مختلفاً عما كان عليه قبل صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير، بتهمة الضلوع في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، وقد حشدت القاهرة آلتها الدبلوماسية في مساع حثيثة لتأجيل اتخاذ إجراءات تنفيذ قرار الاعتقال الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني، في ما رحب محمد حسين شريف، ممثل quot;حركة العدل والمساواةquot; في القاهرة، بصدور هذا القرار، ورأى أنه quot;يوم عظيم للشعب السوداني ولأهالي إقليم دارفور، لافتاً إلى تجديد الدعوة للبشيرللمثول أمام المحكمة لإثبات براءته، إن كان بريئاًquot;، على حد تعبيره .
ويرى محللون سياسيون وخبراء في القانون الدولي أن الخيارات التي تملكها الدول العربية أو دول الجوار مع السودان وفي صدارتها مصر، تبدو محدودة للغاية، وهو ما ألمح إليه حسام زكي المتحدث باسم الخارجية المصرية بقوله quot;إن السبيل الوحيد المتاح الآن لوقف الإجراءات الخاصة بمذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في حق البشير هي تفعيل المادة 16 من النظام الاساسي للمحكمة، لتأجيل الإجراءات المتخذة من المحكمة، وهو ما طالبت به مصر منذ اللحظة الأولى لتوجيه الاتهام للرئيس السوداني، مشيراً إلى أن وفدا عربيا ـ أفريقيا سوف يتوجه إلى نيويورك خصيصاً لهذا الغرض .
وشهدت العاصمة السودانية هتافات مثل: quot;بالروح بالدم نفديك يا بشيرquot;، وquot;سير سير يا بشيرquot;، وفي ما أسمته حكومة الخرطوم quot;مظاهرة مليونيةquot; حشدت إليها السودانيين في تظاهرات عارمة عبروا فيها عن تأييدهم للبشير، وعلت أصوات بعضهم بالدعوة إلى ما أسموه quot;الجهاد ضد الولايات المتحدةquot;، كما رفعوا صورا للرئيس السوداني في حين قام آخرون بدهس صور المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو .
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما لا يقل عن ثلاثمائة ألف شخص قتلوا خلال صراع دارفور منذ العام 2003، كما شرد نحو مليونين وسبعمائة ألف، نتيجة ذلك الصراع الدامي الذي بدأ عندما حمل متمردون السلاح ضد الحكومة السودانية، مطالبين إياها بتمثيل أفضل في السلطة، وتحسين البنية التحتية في منطقتهم التي توصف بأنها مهمشة ومحرومة من الخدمات العامة .
المادة 16
وبينما أعلنت القاهرة وصول كتيبة عسكرية مصرية تتألف من مائتيrlm; جندي إلى اقليم دارفور غرب السودان للمساعدة في عمليات فرض الأمن وحماية المدنيين في الاقليمrlm;، فقد أشار المتحدث باسم الخارجية المصرية إلى تحرك بلاده الحثيث بتنسيق عربي ـ أفريقي، في مساعٍ لوقف تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني، لافتاً في هذا الصدد إلى أن تلك المساعي تستند إلى لمادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة ذاتها .
وتنص المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه quot;لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهراً بناء على طلب من مجلس الأمن الدولي إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمن قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتهاquot; .
ومضى حسام زكي الناطق باسم الخارجية المصرية قائلاً quot;إن الهدف من تفعيل المادة 16 المشار اليها هو اتاحة الفرصة لتحقيق الاستقرار في السودان وتحقيق المصالحة في إقليم دارفور وتحقيق شكل من اشكال الهدوء على مجمل الأوضاع في البلادquot; .
وردا على سؤال حول سبب اقتصار رغبة مصر على عقد مؤتمر دولي حول السودان قال زكي : quot;إن اتصالاتنا تشير إلى أن العديد من الأطراف التي لديها تأثير على الوضع السوداني غير مقتنعة بعد أو غير راغبة في الانخراط بهذا المؤتمر لأسباب تخصها، وبالتالي فإن المسألة تحتاج إلى مزيد من الجهود والاتصالات، وهذا هو ما نقوم بهquot; .
من جهة أخرى وصل إلى القاهرة يوم الخميس زعيم حزب الأمة السوداني الصادق المهدي قادما من عمان، في زيارة لمصر تستغرق عدة أيام، وقد أصدر مكتب حزب الأمة بالقاهرة بياناً قال فيه إن المهدى سيلتقي خلال هذه الزيارة مع عدد من كبار المسؤولين في مصر لإجراء مشاورات حول الأزمة مع المحكمة الجنائية الدولية وقضية دارفور .
قمة عربية
وعما إذا كان الامر يقتضي الدعوة إلى عقد قمة عربية طارئة باعتبار أن الأمر يمس رئيس دولة عربية مباشرة قال الناطق باسم الخارجية المصرية quot;إن الموقف السوداني من الأمر كان موقفا واضحا من البداية وهو ان السودان غير معني بهذا الإجراء وبالتالي إذا كان السودان غير معني فالجامعة العربية تتصرف أيضا على هذا الأساس، بمعنى أنها لاتريد أن تضخم الموضوع، وأن تعطيه أبعاداً مبالغ فيهاquot;، على حد قول المسؤول المصري .
وفي سياق رده على سؤال عما وصلت إليه جهود المصالحة العربية في اللحظة الراهنة، اكتفى المتحدث باسم الخارجية المصرية بالقول : quot;الموضوع لازال يحتاج إلى عملquot;.
وحول المتوقع من قبل الدوائر الغربية تجاه مهمة الوفد العربي ـ الأفريقي، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية: quot;لا توجد أي ضمانات للنجاح، ولا توجد ضمانات لإقناع هذه الدول، ولكن لدينا أكبر قدر من التصميم على أن نسلك هذا الطريق، وأن نصر على هذا المطلب، لأن المعني في تفعيل هذه المذكرة يهدد استقرار السودان وينذر بعواقب وخيمة للغاية على وحدة ترابه الوطنيquot; .
وفي معرض رده على سؤال حول إمكانية استغلال بعض القوى السودانية من الموقف المأزوم، قال حسام زكي : quot;إن هذا أمر واردquot;، وأضاف قائلاً quot;إن هذا الوقت يحتاج الى تلاحم السودانيين، وهذا الموضوع سلبي للغاية، وقد أصابنا في مصر بانزعاج شديد، ويجب أن يعمل الجميع على التماسك خلال هذه الفترة الصعبة، لأن الوضع بالغ الحرج، ولابد لنا أن نكثف جهودنا من أجل التوصل إلى السلام في دارفور، لأن هذا هو المدخل الحقيقي لوضع كل هذه الأمور خلفناquot;، على حد تعبير الدبلوماسي المصري .
التعليقات