مدني مزراق يخرج من عباءة الرئيس
حرب تصريحات بين بوتفليقة وزعيم سابق للمتمردين

كامل الشيرازي من الجزائر: شهدت حملة الدعاية الانتخابية في الجزائر، اليوم، منعطفا مثيرا بنشوب حرب تصريحات نارية بين الرئيس الجزائري المترشح عبد العزيز بوتفليقة ووزعيم سابق للمتمردين، ويتعلق الأمر بـquot;مدني مزراقquot; الأمير السابق لـquot;الجيش الإسلامي للإنقاذ المنحلّquot; الذي طلّق العنف رفقة الآلاف من أتباعه العام 1999 بموجب خطة الوئام المدني التي رسّمها بوتفليقة مباشرة بعد وصوله إلى الحكم، ورأى مراقبون في quot;الاتهامات الخطيرةquot; التي كالها مزراق لبوتفليقة بأنّها إعلان عن طلاق بائن بين الرجلين وخروج للمتشدد السابق من عباءة الرئيس، بعدما واظب مزراق على التودّد لبوتفليقة وإظهار دعمه على مدار العشر سنوات المنقضية.

وبلهجة محتدّة، هاجم مدني مزراق الرئيس بعنف، فيما يمثل رد مباشر منه على ما قاله بوتفليقة في تجمعين شعبيين عقدهما بمحافظتي تلمسان وتيارت الغربيتين، حيث أطلق حاكم البلاد النار على ناشطي جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة، وانتقد مطالبات تائبين وزعماء إسلاميين بتمكينهم من حقوق أكبر.

وقال مدني مزراق في بيان له، أنّ (المرشح المستقل) عبد العزيز بوتفليقة، أطلّ بعد عشر سنوات من (التطبيل والتهليل) لمشروع المصالحة الوطنية بتصريح نعته بـquot;الغريبquot;، وبلهجة ممتعضة، أبرز مزراق تبرمه من حديث الرئيس عن انزعاجه من قيادات الحزب الإسلامي المنحلّ، وقوله :quot;هناك أصوات تقول إني لم أعطهم حقوقهم، لكني الشعب هو من يعطيني الحقquot;.

كما أعاب مزراق على بوتفليقة مخاطبته التائبين:quot;أدعوكم للعيش في وسط الشعب مع أنكم أفسدتم سمعتنا في الخارجquot;، ورأى المتمرد السابق في جبال جيجل الشرقية هذا الكلام بأنّه (أظهر الرئيس على حقيقته كالشمس، فسقط القناع وانتهى مسلسل الأحلام والأماني) على حد ما ورد في البيان.

وبأسلوب غير معتاد، وجّه مزراق سيلا إضافيا من الانتقادات لشخص بوتفليقة، بقوله:quot;الآن خرجت إلى الناس بدون لبوسquot;، ملاحظا أنّ الرئيس هو الذي قال بأنّ ما وقع في شتاء 1992، كان quot;محض انقلاب على الشرعية واختيار الشعب السيدquot;، وقوله أيضا:quot;لو كنت ابن العشرين لالتحقت بالجبل (..)quot;.

وتساءل مزراق موجها حديثه لبوتفليقة:quot;هل كانت المصالحة مجرد شعار (خدعت) به الشعبquot;، بيد أنّ الزعيم السابق لجيش الإنقاذ الذي استكان إلى الهدنة في صيف 1997، لم يرم المنشفة، حيث حرص على التوكيد بأنّه سيستمر مع من سماهم (الخيرين) في تحقيق المصالحة الوطنية الحقة العادلة، وإعادة الأمور إلى نصابها، على حد تعبيره، معلّقا في الأخير:quot;خسرنا الكثير من حقوقنا، لكننا ربحنا الجزائر دينا وشعبا ووطنا ولسنا نادمينquot;.

من جانبه، لم يكن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة متسامحا مع الإسلاميين الراديكاليين، وقصفهم بالثقيل لدى نزوله بمسقط رأسه بمحافظة تلمسان (750 كلم غرب العاصمة)، حيث استهجن quot;جرأة هؤلاء في المطالبة بالعودة إلى النشاط السياسي، مع أنّهم خرّبوا البلدquot;، وذهب إلى حد القول:quot;أهلكتمونا، يهلككم اللهquot;.

وفي مهرجان جماهيري بمنطقة تيارت عاصمة الرستميين، واصل بوتفليقة توجيه رسائله الصريحة، حيث لفت إلى أنّ quot;الذين أضلوا الطريق وأضروا بسمعة الجزائر من قيادات الجبهة الاسلامية المنحلة سواء أكانوا داخل البلاد أو في الخارج لا بد أن يعترفوا بالأخطاء التي اقترفوها أمام الشعب وإلا فعليهم البقاء بعيدين عن السياسة وعن ديارناquot;.

وخلافا لليونته المعتادة في تناول مسألة انخراط المسلحين مجددا في المجتمع، أقرّ بوتفليقة بكونه يشعر بالإحراج أمام مواطنيه ضحايا الإرهاب لأنّه quot;فرض المتشددين السابقين عليهمquot;، وتعقيبا على مطالبات الإسلاميين وعلى رأسهم مزراق بممارسة العمل السياسي، أشهر الرئيس الجزائري quot;فيتوquot; ضدّ السماح لمن صنفهم في خانة (العابثين بالدين) بالاندراج في السياسة مجددا، منتقدا ما اعتبره (تجاهل هؤلاء للضرر الذي ألحقوه بالبلاد والعباد).

ويظهر جليا أنّ بوتفليقة استخدم هذه الحدة لأول مرة في تعاطيه مع ملف الإسلاميين الراديكاليين، ما جعل مدني مزراق الذي دعّم الرئيس بقوة في ولايتيه السابقتين، ينتفض على طريقته، على نحو قد يفجّر سجالا سياسيا أكثر سخونة في غضون الأيام القليلة القادمة.