كمحاولة للتملص من المفاوضات مع الفلسطينيين
اقطاب الحكومة الإسرائيلية يجنحون إلى المسار السوري
اقطاب الحكومة الإسرائيلية يجنحون إلى المسار السوري
خلف خلف من رام الله: بينما يخيم الغموض على مستقبل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، بدأت الأصوات في حكومة بنيامين نتنياهو تطالب بالتوجه إلى المسار السوري، إذ أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان اليوم الأحد عن موافقته على الشروع حالاً في مفاوضات مع سوريا من دون شروط مسبقة ومن دون إنذارات. وقال ليبرمان في حديث اذاعي صباح اليوم إنه لا يمكن اجراء مفاوضات على أساس الاملاءات، مبينًا أن لكل طرف حق التمسك بموقفه. ويأتي هذا التصريح بعد ساعات فقط من مطالبة وزير الدفاع إيهود باراك بوضع الملف السوري على جدول الحكومة، مشيراً إلى أن من مصلحة اسرائيل تنظيم علاقاتها مع سوريا، وفي نفس الوقت الحفاظ على مصالحها الأمنية وغيرها. ورأى براك أن تجسيد هذا الهدف يستوجب عملية تفاوض لذا يجب أن تطرح على جدول اعمال مجلس الوزراء الذي ينعقد اليوم الأحد.
معطيات وتحليلات إسرائيلية عديدة ترى خلال السنوات الأخيرة أن هنالك أهمية كبيرة في بث الروح في المفاوضات السورية ndash; الإسرائيلية، وتعززت هذه الرؤى بمواقف استخباراتية إسرائيلية تعتقد أن اتفاقًا بين دمشق وتل أبيب بإمكانه قطع العلاقة بين طهران ودمشق والمس بحزب الله من جراء ذلك أيضًا، وبالتالي توجيه الاهتمام الإسرائيلي فقط تجاه العدو الاستراتيجي، المتمثل في القنبلة النووية الإيرانية.
ومنذ انقضاء حرب لبنان الثانية صيف 2006، تأرجحت العلاقات بين سوريا وإسرائيل بين الخوف من نشوب مواجهة بينهما وأمل تجديد المسيرة السلمية بين الدولتين، بل شق طريق اليها. وعلى خلفية التوتر والتوقع المتأهب لمواجهة بين اسرائيل وسورية هاجمت طائرات سلاح الجو الاسرائيلي في السادس من ايلول/سبتمبر 2007 شمالي سوريا. هذا الهجوم الذي قيل إنه وجه الى منشأة ذرية سورية اقيمت بمساعدة كوريا الشمالية، أسهم في زيادة التوتر بين الطرفين، وقد تضاعف هذا التوتر في مارس/اذار 2008، حينما اغتيل القيادي في حزب الله عماد مغنية على الأراضي السورية، وتوقع الكثيرون تفجر الأوضاع.
بيد أن المفأجاة كانت في الانتظار، إذا تجددت مباحثات السلام بين تل أبيب ودمشق في أيار/مايو2008، أي فقط بعد شهرين من مقتل مغنية في قلب سوريا، وإن كان الحديث يدور عن مفاوضات غير مباشرة رعتها تركيا، إلا أنه تم عقد أربع جلسات، خصصت لكسر الجليد بين الجانبين، ففي نيسان/ابريل أستقر رأي رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت انذاك، على التحرك تجاه سوريا، وأرسل برقية إلى رئيس الوزراء التركي رجيب اردوغان، والذي بدوره اوصلها إلى الرئيس السوري بشار الأسد، فحوى البرقية، ينص على استعداد أولمرت قبول وديعة اسحاق رابين في شهر أب/أغسطس 1993 ndash; والتي تنص على أن إسرائيل مستعدة بشروط للانسحاب بشكل تام إلى خطوط الرابع من حزيران 1967.
اتهم الكثير من الإسرائيليين، أولمرت بأن تحركاته تجاه سوريا ترمي إلى ابعاد الانتباه عن التحقيق معه من قبل الشرطة، على اي حال بدأت المفاوضات بين البلدين بسرية تامة، ولم يعلن الطرفان عن أي تفاصيل تتعلق بما يدور الحديث عنه داخل جلسات الحوار غير المباشرة. يقول الباحث الإسرائيلي البروفيسور ايال زيسر، وهو رئيس مركز موشيه دايان ومحاضر في قسم تاريخ الشرق الاوسط في جامعة تل أبيب أن المحادثات بين سوريا وتل أبيب أنحصرت على ما يبدو في الشروط التي اشترطها الطرفان لتجديد المفاوضة المباشرة والرسمية بينهما، وربما حتى في جوانب تقنية لمفاوضة كهذه في المستقبل.
ويضيف زيسر: quot;برغم تجديد اتصالات السلام غير المباشرة بين اسرائيل وسورية، لم يلحظ أي تغير لمواقف سورية من اي قضية من القضايا الملحة. ظلت سورية تعمل في توثيق حلفها الاستراتيجي مع ايران، بل اجهد بشار الاسد نفسه في زيارة طهران مطلع شهر آب 2008 لتسكين مخاوف ايران من تحول ممكن لمواقف سورية؛ وظلت سورية تنقل سلاحا متقدما الى منظمة حزب الله؛ وظلت آخر الامر تبين عن عداء لاسرائيلquot;.
ويضيف زيسر: quot;برغم تجديد اتصالات السلام غير المباشرة بين اسرائيل وسورية، لم يلحظ أي تغير لمواقف سورية من اي قضية من القضايا الملحة. ظلت سورية تعمل في توثيق حلفها الاستراتيجي مع ايران، بل اجهد بشار الاسد نفسه في زيارة طهران مطلع شهر آب 2008 لتسكين مخاوف ايران من تحول ممكن لمواقف سورية؛ وظلت سورية تنقل سلاحا متقدما الى منظمة حزب الله؛ وظلت آخر الامر تبين عن عداء لاسرائيلquot;.
يبدو أن المفاوضات بين سوريا وإسرائيل، اصطدمت بمطبات عدة، أهمها عدم قدرة حكومة أولمرت على أنجاز اي تقدم في هذا المجال، وبخاصة أن الائتلاف الحكومي الإسرائيلي كان شبه مفكك، كما أن أولمرت بذاته يخضع لتحقيق مركز من الشرطة الإسرائيلية بشبهات تتعلق بعدة تهم فساد، منها اساءة استخدامه للمال العام، والحصول على رشاوي. كما أن سوريا ذاتها، تخشى من التخلي عن إيران مقابل سلام لم تلمسه بعد، ولهذا يضاف التصعيد العسكري الذي جلب الانظار إلى حدود قطاع غزة. حيث عقدت عدة قمم عربية للبحث عن حلول لهذا التصعيد الإسرائيلي، وخلال القمة التي عقدت في دولة قطر، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد تعليق بلاده لاي مباحثات مع سوريا، لكن عمليا هذه المفاوضات كانت قد توقفت بسبب قرب مغادرة أولمرت لمنصبه.
وحري الايضاح هنا ايضًا أن الإدارة الأميركية بقيادة جورج بوش لم تخفِ ادارة تحفظها بل معارضتها، لاعتبارات تصور وعقائدية، لكل عمل تفاوض بين اسرائيل وسورية فيه ما يقوي بشارا، بلا أي عوض ظاهر من قبل زعيم سورية، في كل ما يتصل بسلوكه في الساحة اللبنانية، والساحة الاقليمية والساحة الدولية.
نهاية القول إن إمكانية تجدد المفاوضات بين سوريا وإسرائيل هذه الأيام تتعلق بقدر كبير في دعم الإدارة الأميركية الجديدة لهكذا مباحثات، وهذا ليس متوقعًا، لأن أي مباحثات على هذا المستوى ستكون على حساب المسار الفلسطيني، الذي يحاول اقطاب الحكومة الإسرائيلية التهرب من استحقاقاته، ولهذا السبب على ما يبدو يتحدثون عن المسار السوري.
التعليقات