دمشق: أعرب نائب سوري ومستشار رئاسي سابق عن اعتقاده بأن إدارة واشنطن أعلمت العراق عن عدم رضاها عن الأسلوب الذي اتخذه في معالجة الوضع مع سورية، إلا أنه أضاف منوها بأن الولايات المتحدة quot;دولة كبرى تستطيع دائماً أن تقوم بأدوار متناقضة بحسب ما تقتضي مصلحتها، وبالطبع لا أحد يستطيع محاسبتهاquot;. وأضاف تعقيباً على نيّة بغداد رفع الخلاف مع دمشق إلى محكمة دولية، قال جورج جبور quot;الموضوع القانوني موضوع دقيق في توصيفه، إلا أنه ليس دقيقاً في كيفية تنفيذه، العراق يشكو من أحداث تسببت في قتل ما يقرب من مائة من مواطنيه، وهذا من حقه، لكنه في نظر العراقيين وفي نظر العالم عليه أن يشكو أيضاً من مقتل حوالي مليون عراقي في ظروف أقل ما يُقال عنها إنها غير واضحة، وربما قُتلت أسرارهم معهم وربما لم تُقتل، فلماذا لا يتم التحقيق في كيفية قتلهمquot;، وفق تعبيره.

وتساءل جبور quot;طالما كانت الحكومة العراقية قادرة على حماية حدودها مع دول الجوار فلماذا لم تفعل ذلك من قبلquot;. ونوه المستشار السابق في الرئاسة السورية quot;هناك فوضى في الحياة الدولية وهذه الفوضى سائدة أيضاً في موضوع القانون الجزائي الدولي بل والقانون الدولي عامة، وإذا كانت الحكومة العراقية راغبة في إنشاء المحكمة الدولية، وإذا كانت الدول الكبرى مؤيدة لها في هذا وأولها الولايات المتحدة الأمريكية، فإن هذه المحكمة سوف تُنشأquot;.

وتابع جبور quot;ثم أن الموضوع الأساسي هو تسلل مقاتلي القاعدة من سورية أو أقطار أخرى إلى العراق كان الحديث عنه قديم منذ عام 2003، فلماذا ينبغي الإصرار عليه الآن، وإعلان الحكومة العراقية قبل يومين اعتزامها إنشاء خطة أسوار العراق، التي تقضي بنشر المزيد من قواتها على الحدود مع سورية وبلدان الجوار الأخرى، إنما يعني أن الحكومة العراقية قادرة على حماية حدودها مع دول الجوار، فلماذا لم تفعل ذلك من قبل، وهو سؤال يسترعي الانتباهquot;.

وقال المستشار الرئاسي السابق quot;مجمل ما يمكن قوله إزاء الأزمة بين سورية والعراق على خلفية مقتل نحو مائة عراقي قبل أسابيع في تفجيرات في بغداد هي إن الجانب العراقي هو الذي تسبب في افتعال الضجة الإعلامية، وهو الملوم قبل غيره في أنه لم يتخذ الإجراءات الكافية لمنع التسلل، وهي إجراءات بدأ في اتخاذها مؤخراً أي بعد ست سنوات من غزو العراق، وست سنوات من الادعاءات بأن المحاربين يتسللون من دول الجوارquot;.

وتساءل جبور، الذي يرأس الرابطة السورية للأمم المتحدة quot;لماذا لم يُثر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هذه المواضيع خلال زيارته الأخيرة لسورية، ولماذا وافق على إصدار بيان مشترك يتحدث فيه عن تعاون استراتيجي بين البلدين، ومن أجبره على الموافقة على البيان المشترك الذي صدر في ختام زيارتهquot;، وتابع quot;علينا أن ننظر إلى ظرف المالكي في العراق، وظرف الحكم في العراق، وإلى ظروف التمحور المذهبي والسياسي في العراق، لكي نجد جواباً شافياً عن ما جرى من مذابح استنكرتها سورية قبل غيرها، وعن ما جرى من تصعيد إعلامي، وعن ما يجري الآن من محاولة إقامة محكمة دوليةquot; حسب قوله.

وحول ما قال إنها quot;فوضى في السياسة الدوليةquot; أوضح جبور quot;ألاحظ أن ثمة ظلالاً عنصرية في موضوع القضاء الدولي وفي موضوع التعويضات عن القتلى وفي موضوع تحرير الأسرى، ولأقل أن راكب لوكربي القتيل كان ثمنه مئات الآلاف من الدولارات، لكن القتيل الأفغاني الذي تعترف السلطة الأطلسية بأنها قتلته خطأ يُدفع له 50 دولار فقط، وهذا برأيي ظل عنصريquot; وفق قوله.

وتابع quot;لننظر في موضوع التعويضات من حيث الأساس، هل أستطيع أن أقاضي الحكومة البريطانية لأنها أصدرت وعد بلفور فتسببت في مقتل عشرات آلاف الفلسطينيين، وفي مستوى التقدم العام الذي عرفته سورية التي اضطرت نتيجة وعد بلفور لتكريس قسماً كبيراً من ميزانيتها للدفاع الأمر الذي انعكس سلباً على مستوى الحياة في سورية، وهي متضررة من وعد بلفور، فأين يمكن أن أقاضي الحكومة البريطانية وماذا ستكون نتيجة المقاضاة!quot;، وأضاف quot;نشعر أيضاً بظلال عنصرية في موضوع التعامل مع أبناء الشمال الذين يقعون في أيدي أبناء الجنوب، فالسجينة الفرنسية (كلوتيلد ريس) في إيران شغلت العالم، والأسير الإسرائيلي بيد حماس (جلعاد شاليت) شغل العالم لسنوات، وماذا يكون الأمر حين يكون الكثير من أبناء الجنوب معتقلين في الشمال ولا أحد يسأل عنهم، في غوانتانامو وغيره، ماذا يكون موقفنا من مبدأ العدالة الذي ينبغي أن يكون كل البشر متساويين في ظله، حين نتحدث عن عشرات آلاف الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ثمة ظلال عنصرية في هذه المواضيع وهي مخالفة للقانون الدولي وينبغي تسليط الضوء عليهاquot;.

الأمر الآخر الذي شدد جبور عليه هو quot;أنه ثمة نظرية عريقة في العلاقات بين سورية والعراق تقول أن اللقاء بين البلدين أمر ممنوع دولياً، ومن المؤسف جداً أن كثيراً من العاملين في الحقل القومي العربي يأخذون بهذه النظرية ويعتبرونها كأنها مسلمة لا يمكن المساس بها، فهم يتخوفون من كل تقارب سوري عراقي لأنهم يخشون أن يؤدي هذا التقارب إلى قطيعة، والتاريخ مليء بالشواهد.. في هذه النظرة ثمة خطأ منطقي واضح، هو أن أصحاب هذه النظرية لا يفكرون بما تعنيه من عنصرية إزاء العقل العربي، فكأن العقل العربي قاصر على أن يرى أن عليه أن يعمل لكي لا يصطدم الأخ بأخيهquot;. وقال quot;فحين نقول إن التقارب السوري العراقي نحن نعلم أنه ممنوع بعمل السوريين والعراقيين، فهل عمل السوريين والعراقيين هو دائماً إملاء أجنبي، هل العقل السوري والعقل العراقي غير قادر على أن يكشف اللعبة وأن يتجاوزها ويحبطهاquot;.

وأضاف quot;أنا لا أرى أن ثمة قصور في العقل السياسي السوري أو العراقي، وإذا أحب السوريون والعراقيون أن يحبطوا المسلمة التي تقول أن لا لقاء بين سورية والعراق فلا ريب أن بإمكانهم ذلك، وعلينا أن لا نلقي اللوم دائماً على الغرب والآخرين ونجعل أنفسنا لعبة بيد الآخرين يلعبون بها كما يرغبونquot;.