تتزايد المخاوف لدى سكان الحدود في قطاع غزة، مع التصعيد العسكري المتواصل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، ويخشى هؤلاء أن تشنّ القوات الإسرائيلية عمليات عسكرية جديدة، تؤدي لحرب أخرى، أو عمليات قد يطول أمدها، بعد أن عاودت بعد الفصائل في غزة لقصف المستوطنات والبلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.

غزة: مع كل قذيفة تضربها الدبابات الإسرائيلية المتمركزة على الحدود بين قطاع غزة وأراضي الـ 48، تنتفض المسنة أم خليل السميري التي تسكن بالقرب من السياج الفاصل شرقي بلدة القرارة، التي تعد من أكثر مناطق قطاع غزة توترًا.
ومع إرخاء الليل ستارته على قطاع غزة، يبدأ التوتر عند هذه المسنة التي فقدت أسرتها مصدر رزقهم بعد تجريف أراضيهم الزراعية التي يعتاشون من خلالها، فالدبابات الإسرائيلية لن تسمح لطائر ضل طريقه بالخطأ أن يمر بالقرب من الحدود، فتعمد لإطلاق قذائفها صوب مناطق قطاع غزة، الأمر الذي يشكل حالة من التوتر الدائم لسكان المناطق الحدودية.

لكن الجديد عند هؤلاء السكان، ومعظمهم من العشائر البدوية التي سكنت تلك الأراضي من مئات السنين، هو إستعداد أعداد منهم للرحيل في حال تصاعد التوتر العسكري بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، نحو وسط المدن التي عادة ما تكون أخف وطأة في هكذا نزاعات.
ولا يخفي أبو خالد (64 عامًا) أنه جهّز حاجياته وأحكم إغلاقها، إستعداداً لأي طارئ قد يحدث بشكل مفاجئ. وقال لإيلاف quot;في حال زاد تردي الوضع الأمني سوف أغادر أنا وأولادي وأحفادي المكان نحو المدينة.

لكن أبو خالد سيعاني كثيرًا للبحث عن شقة أو بيت للإيجار، بعدما نفدت كافة الشقق السكنية بسبب نزوح أكثر من خمسة آلاف أسرة فلسطينية من مناطق الحدود خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة (27/12 حتى 22/1 من السنة الجارية)، وبقاءهم حتى اللحظة داخل تلك الشقق بعد هدم منازلهم، وهو ما يعني أن مشكلة جديدة في إنتظار أعداد أخرى قد تلجأ للهرب نحو مدن قطاع غزة الأكثر أمنًا من المناطق الحدودية.
ويشير أبو خالد إلى أنه سيترك المكان فورًا. وقال quot;لهذا لملمت أغراضي التي أستخدمها أنا وأسرتي لكي أكون جاهزًا في أية لحظةquot;.

ولم يقتصر الأمر عند أسرة هذا الرجل، فمعظم سكان المناطق الحدودية غادروا أماكنهم خلال الحرب الأخيرة، خاصة مع بداية غروب شمس غزة عنها، لكنهم يعاودون منازلهم مع طلوع شمس يوم جديد.
وبدأ توتر جديد بين الفصائل الفلسطينية بمباركة حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وبين إسرائيل، بعدما قتلت الأخيرة ثلاثة عناصر من حركة الجهاد الإسلامي قبل ثلاث أيام وسط مدينة غزة، دون أن يكونوا في إطار عملية فدائية أو إطلاق صواريخ عليهم، وهو ما أعطى مبرراً لكافة الأجنحة العسكرية الفلسطينية بإطلاق عدد من الصواريخ على المدن الإسرائيلية.

وعادة ما تبدأ إسرائيل في كافة إجتياحاتها لمناطق قطاع غزة، بتمشيط المناطق الحدودية من أية ألغام قد تواجهها في طريقها، في حين يقع هؤلاء الناس المزارعين بين فكي الجرافات التي تحصد مصادر رزقهم، وبين ضنك العيش الطبيعي في عدم وجود خدمات عامة كالكهرباء او الماء أو طرق معبدة، وغيرها، بشكل طبيعي.
وأبدى محمد أبو ظاهر تخوفه من تجريف أرضه للمرة الثالثة في غضون خمسة سنوات. وقال لإيلاف quot;لقد جرفت إسرائيل أرضي منذ خمسة سنوات، وأثناء الحرب الأخيرة جرفتها للمرة الثانية وهدمت منزلي المتواضع جدًا. وأخشى الآن أن تعيد الكرّة من جديد في أي حرب جديدة، بعدما تمكنت من إستصلاح أرضي بمساعدة المؤسسات التي دعمت المزارعين المتضررين من الحرب الإسرائيلية الأخيرةquot;.

وأشار شهود عيان لإيلاف أن آليات عسكرية إسرائيلية تجوب الشريط الحدودي بشكل مقلق. وأكدوا أن حركة دبابات إسرائيلية نشطة تبدأ مع حلول الظلام. وقالوا أنهم quot;يتحركون بحذر شديد في الليل، خوفاً من إطلاق نار مفاجئ عليهمquot;.