لم تشفع لتركيا بعض الإصلاحات التي قامتبها،كإصدارها قانونًا يحظر تمويل الإرهاب، عند مجموعة العمل المالي لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، التي قررت إبقاءها على قائمتها الرمادية، في تحذير غير مباشر من مخاطر التعامل مع نظامها المصرفي.


أصدرت تركيا في العام الماضي قانونًا يحظر تمويل الإرهاب، على أمل رفعها عن قائمة الدول غير المتعاونة، وتتسم بدرجة عالية من الخطورة، بسبب قصور قوانينها في هذا المجال. لكن مجموعة العمل المالي لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب قررت إبقاء تركيا على القائمة الرمادية للدول التي ترى المجموعة أن جهودها عاجزة عن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

أدوات هزيلة
وأبدت مجموعة العمل المالي، التي شكلتها مجموعة البلدان الصناعية السبعة، لتطبيق معايير عالمية في مكافحة التمويل غير المشروع، أبدت قلقها البالغ من أدوات تركيا الهزيلة في كشف الأرصدة الإرهابية وتجميدها.

وأشارت المجموعة على سبيل المثال إلى أن تركيا ليس لديها تعريف قانوني محدَّد لما يُشكل quot;أرصدة إرهابيةquot;، وهي لا تجرم مثل هذه الأرصدة تجريمًا كاملًا. ودعت مجموعة العمل المالي المستثمرين إلى التفكير مرتين قبل تشغيل رؤوس أموالهم في تركيا.

ما ضاعف من شدة الضربة التي وجّهتها مجموعة العمل المالي إلى تركيا بإبقائها على القائمة الرمادية، رفع كينيا وتنزانيا عن القائمة، quot;بسبب التقدم الذي حققه البلدان في تنفيذ خطة العمل، التي اتفقا عليها مع مجموعة العمل الماليquot; لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وكانت تركيا تأمل بمعاملة أفضل من المجموعة، بعد القانون الجديد وقرارها الأخير تجميد أرصدة أفراد وكيانات لهم ارتباط بتنظيم القاعدة وطالبان. لكن هذا لم يحدث، بل قال مراقبون إن تركيا كانت محظوظة، بعدما تردد قبل اجتماع مجموعة العمل المالي في باريس في منتصف شباط/فبراير عن خفض تصنيف تركيا من الخانة quot;الرماديةquot; إلى الخانة quot;الرمادية الداكنةquot; التي تأتي مرتبة واحدة فقط فوق الخانة، التي تضم إيران وكوريا الشمالية.

بمثابة حظر تعامل
ويرى المراقبون أن ارتقاء كينيا وتنزانيا فوق تركيا لا يقلّ إهانة عن خفض تصنيف تركيا نظرًا إلى حجم اقتصادها وقطاعها المصرفي وموقعها الجيوسياسي، الذي لا يُقارن مع هذين البلدين الأفريقيين.

وكانت تركيا أُضيفت إلى القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي عام 2011 لتنضم إلى دول، مثل بوليفيا وأثيوبيا وكينيا وبورما وسريلانكا وسوريا. وقالت مجلة فورين بوليسي إن مجموعة العمل المالي وبإدراجها تركيا على القائمة الرمادية تلفت الانتباه إلى مخاطر التعاملات المالية معها ومع نظامها المصرفي، لا سيما وأن أي صفقات مالية يمكن أن تُعد بمثابة تسهيل لعمليات تمويل غير قانونية، وتسفر عن فرض عقوبات دولية.

ويرى الخبير المالي توم كيتنغ أن على تركيا أن تتوقع بقاء قانونها ضد تمويل الإرهاب قيد التمحيص والمراقبة الدولية الشديدة. فإن موقعها يضعها على مفترق طرق تجارية، وحدودها مع سوريا وإيران توفر طرقًا مغرية، يمكن الالتفاف عبرها على العقوبات الدولية ضد إيران وإيصال الإمدادات والأموال والمقاتلين إلى سوريا.

حماس والغاز
لا يمكن لتركيا أن تفلت من المراقبة الدولية. فاسمها ما زال يرتبط في أحيان كثيرة بأفراد وجماعات، بينها حركة حماس، ومخططات مثل quot;الغاز مقابل الذهبquot;، الذي أتاح خرق العقوبات المفروضة على إيران.

ولا شك في أن عام 2014 سيكون عامًا صعبًا على تركيا نظرًا إلى الاحتجاجات الداخلية واضطراب أسواقها المالية. ونقلت مجلة فورين بوليسي عن خبراء ماليين إن تركيا تنتمي إلى ما يُسمى مجموعة الاقتصادات الخمسة الهشة مع البرازيل والهند وأندونيسيا وجنوب أفريقيا.

إزاء هذا التصنيف، اتخذ البنك المركزي التركي خطوة جذرية، رغم اعتراضات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، لتقوية الليرة التركية، التي فقدت نحو 30 في المئة من قيمتها مقابل الدولار خلال العام الماضي.

لكن بقاء تركيا على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي للبلدان التي تتسم بدرجة عالية من الخطر وعدم التعاون في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب يبقى مبعث القلق الأكبر لحكومة أنقرة. ونظرًا إلى المصاعب التي تواجه اقتصادها، فإن تركيا لن تتحمل فقدان ثقة المستثمرين والنظام المالي الدولي.