في وقت سرت أنباء عن خطف عشرات المصريين من قبل مسلحين يرتدون زيًا عسكريًا ليبيًا، طمأنت الداخلية الليبية إلى أنهم في عهدتها حتى التأكد من دخولهم بطرق شرعية. وحمّل خبراء عسكريون الإخوان عمليات الاختطاف السابقة بهدف توتير العلاقات.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: في مسلسل جديد لعمليات خطف وقتل المصريين في ليبيا، وفي مؤشر إلى استمرار التوتر في العلاقات بين الجارتين، اختطف مسلحون يرتدون زيًا عسكريًا ليبيًا عشرات المصريين واحتجزوهم، فيما أكدت وزارة الداخلية الليبيةأن المصريين محتجزون لديها حتى التأكد من دخولهم البلاد بطرق شرعية.

للجماعة يد
رأى خبراء عسكريون أن عمليات الخطف السابقة كانت تقف وراءها ميليشيات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، بهدف إصباغ التوتر على العلاقات بين ليبيا ومصر، وزعزعة استقرار الأخيرة.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إن مجموعات مسلحة ألقت القبض على 70 مصريًا في مناطق quot;عين زارةquot;، وquot;صلاح الدينquot;، وquot;سوق الجمعةquot;، في مدينة طرابلس، مشيرة إلى أنها اقتادتهم إلى مركز مكافحة الجريمة في منطقة quot;الهضبةquot; في العاصمة الليبية.

أضاف بدر عبد العاطي المتحدث باسم الوزارة، في بيان له، إنه quot;يجري التنسيق بين وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية، وكذلك مجلس الوزراء، لمتابعة هذا الحادث، والتأكد من صحة المعلومات المتوافرة، وتأمين إطلاق سراح المصريين المحتجزينquot;، لافتًا إلى أن الوزير نبيل فهمي أجرى اتصالًا بنظيره الليبي محمد عبدالعزيز للاطمئنان إلى المصريين المحتجزين، والعمل على سرعة إطلاق سراحهم.

ودعت وزارة الخارجية المصريين سواء المسافرين إلى ليبيا أو المتواجدين على أراضيها، quot;إلى توخي الحرص والحذر الشديدينquot;، مشددة على أن يكون السفر إلى ليبيا جوًا، وفي حال الضرورة فقط.

مصاهرة مع القذاذفة
تنتمي الغالبية العظمى من المصريين المحتجزين إلى محافظة الفيوم، التي يرتبط بعض عائلاتها بصلات قرابة مع قبائل أولاد علي والقذاذفة الليبية، التي ينحدر منها العقيد الليبي الراحل معمّر القذافي. وأصيب أهالي القرى، التي ينتمي إليها المحتجزون، بحالة من الخوف، خشية أن يتعرّض أبناؤهم للقتل على أيدي الجماعات المسلحة، كما حدث في السابق مرات عدة.

وبددت وزارة الداخلية الليبية تلك المخاوف عندما أعلنت أن المصريين المحتجزين، ليسوا في حيازة الجماعات المسلحة، بل هم معتقلون لديها quot;لعدم حيازتهم أوراقًا ثبوتيةquot;.

وقال السفير علي العشيري، مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين في الخارج، في وقت لاحق، إن quot;السلطات الليبية الرسمية هي التي قامت بتوقيف عشرات من المصريين، للتأكد من أوراقهم الثبوتية كإجراء احترازي، في ظل الظروف الأمنية الحالية التي تمرّ بها ليبياquot;، مشيرًا إلى أن quot;هؤلاء المصريين بخير وبحالة جيدةquot;. وأضاف أن وزارة الخارجية تكثف حاليًا اتصالاتها من أجل سرعة الإفراج عنهم.

الفتنة جسر للزعزعة
بعيدًا عن عمليات توقيف المصريين السبعين، فإن المصريين في ليبيا يتعرّضون لعمليات اختطاف مستمرة، ويتعرّض بعضهم للقتل، لاسيما الأقباط، على أيدي الجماعات المسلحة. ويعزو خبراء عسكريون عداء تلك الجماعات للمصريين، لاسيما الأقباط، إلى أن تلك الجماعات تابعة للإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة، وبينهما تعاون وثيق، يهدف إلى زعزعة استقرار مصر، انطلاقًا من حدودها الغربية مع ليبيا.

وقال اللواء محمود سعيد، الخبير الإستراتيجي لـquot;إيلافquot; إن التحقيقات في قضايا اختطاف المصريين المتكررة والتحريات التي تجريها المؤسسات الأمنية، تشير إلى ضلوع ميليشيات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين فيها، مشيرًا إلى أن عمليات اختطاف السائقين المصريين في ليبيا في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تقف وراءها تلك الميليشيات.

ولفت إلى أن أكثر من عشرة آلاف مصري من التيار الإسلامي فرّوا إلى ليبيا في أعقاب فضّ اعتصام رابعة العدوية، في 14 أغسطس/ آب الماضي. وأضاف أن الشيخ صفوت حجازي أشهر من حاول الفرار إلى ليبيا.

بتمويل عربي
أضاف أن غرفة عمليات الثوار، التي تعتبر أكبر الميليشيات الليبية في الجزء الغربي منها، تابعة لجماعة الإخوان المسلمين الليبية، ولفت إلى أن هؤلاء يتحركون بسهولة داخل المناطق الليبية، وخاصة الصحارى، وهم ينطلقون من رغبتهم في تكوين إمارة إسلامية. وبالنسبة إليهم ليبيا هي أرضهم. ونبّه إلى أن غالبيتهم تنتمي حاليًا إلى تنظيمات تابعة للقاعدة، التي تموّلها دول عربية، بغرض السيطرة على الأوضاع الأمنية في ليبيا، واستمرار القلاقل فيها.

ولفت إلى أن إبراهيم العريبي، آمر قوات درع ليبيا 2quot;، التابعة لغرفة عمليات الثوار، هو من أصدر التعليمات باختطاف عشرات المصريين في السابق، لمطالبة السلطات المصرية بالإفراج عن عمّه، المدعو سليمان بوغريبة العريبي، الذي حكمت السلطات المصرية عليه في وقت سابق بالسجن المؤبد في قضية تهريب سلاح، وعلى نجله الأصغر بالسجن عامين في القضية نفسها.

جيش مواز
فيما قال اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكري، لـquot;إيلافquot; إن القوات التي تم تشكيلها بمعرفة جماعة الإخوان في ليبيا، تعد جيشًا موازيًا للجيش الرسمي للدولة، وهناك دلائل على تورّط عناصرها في اغتيال قيادات الجيش الليبي.

أضاف أن ميليشيا quot;لواء شهداء 17 فبرايرquot;، تعتبر من أخطر وأقوى الميليشيات الإخوانية، التي تتلقى دعمًا بملايين الدولارات من دول عربية وأجنبية. وأوضح أن تلك الميليشيا تتكون من 12 كتيبة، ولديها أسلحة كبيرة، وتبسط سيطرتها على بئرين للبترول.

ونبه إلى أن خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان في مصر كان يشرف على تدريب وتسليح quot;17 فبرايرquot;، وزار مراكزها العسكرية أثناء حكم الرئيس السابق محمد مرسي. محذرًا من أن الإخوان تحاول إغراق مصر بالأسلحة والإرهابيين، من أجل نشر الفوضى وتغذية الجريمة، بهدف تحويلها إلى دولة حروب أهلية، كما هي الحال في ليبيا وسوريا.