توقع تحليل سياسي بريطاني أن تشهد تركيا صراعًا، قد يهدد شرعية حكومة رجب طيب إردوغان، الذي يواجه خصمًا إسلاميًا عنيدًا.


نصر المجالي: تشهد الساحة التركية راهنًا صراعًا متصاعدًا بقوة بين أردوغان وفتح الله غولن، المفكر والداعية الإسلامي، الذي يعتبر ثاني أقوى رجل في تركيا، رغم أنه يعيش في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة.

قال تحليل لصحيفة quot;فاينانشال تايمزquot; اللندنية إن الصراع بين القائدين القويين يمثل تهديدًا لطموحات أردوغان غير المعلنة في الترشح للرئاسة عام 2014.

ورأى كاتب التحليل ديفيد غاردنر تحت عنوان quot;المواجهة الحاسمةquot; أن أردوغان الذي فاز بثلاثة انتخابات عامة في البلاد، يصارع اليوم لحماية مستقبله السياسي.

أضاف: الأزمة بدأت بقضية الفساد، التي طالت عددًا من المسؤولين البارزين في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بينهم ابنا وزيرين سابقين، ثم تعمقت مع بث تسجيلات صوتية نسبت إلى أردوغان مع ابنه بلال حول إخفاء مبالغ كبيرة من الأموال.

خيارات إردوغان
رأى تحليل الفايننشال تايمز أن على أردوغان الاختيار بين البقاء في السلطة أو الإجابة عن أسئلة كثيرة تتعلق بالفساد. وأوضح غاردنير أن تركيا اليوم تعيش صراعًا محتدمًا بين مؤيدي غولن وأنصار إردوغان.

وأوضح الكاتب أن غولن (72 عامًا) لديه ملايين المؤيدين، وقد أقدموا في بداية العام الحالي على سحب مئات الملايين من بنك آسيا التركي، الأمر الذي أدخل البنك في أزمة، كما إن لدى الغوليين مدارس في 140 دولة، تستقطب تحت مظلتها حوالى 120 شركة.

وبرأي غاردنر، فإن العديد من المواطنين يعتقدون بأن العديد من التسجيلات المضرّة بأردوغان ستظهر قريبًا، وستلحق به الأذى، مضيفًا أنه بالرغم من أن عدم قدرة الحركة الغولينية على اكتساح المنافسة، فإنه سيستحيل إقصاؤها عن المشهد التركي.

نفوذ غولن
يشار الى أن فتح الله غولن هو رجل دين إسلامي، أسس شبكة ضخمة من المؤسسات الاجتماعية والثقافية، التي لها نفوذ كبير، وتضم حاليًا أكثر من 900 مدرسة خاصة في تركيا.

عاش غولن في المنفى في الولايات المتحدة منذ عام 1999، ويتولى أنصاره مناصب رفيعة في جهازي الشرطة والقضاء. وقد نشطت حركة غولن إلى جانب التحالف، الذي دعم أردوغان، من أبناء الطبقة الوسطى والأوساط الدينية ورجال الأعمال.

ساعد ذلك التحالف الواسع أردوغان على الفوز بالانتخابات العامة ثلاث مرات. وشكل أنصار فتح الله غولن ذراعًا غير رسمية داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم. وفي السنوات الأخيرة، ساعد أنصار غولن رئيس الوزراء التركي على تقليص سلطات قادة القوات المسلحة، لكن خلال احتجاجات ساحة جيزي في يونيو/ حزيران، بدأت الخلافات بين أردوغان وحركة غولن في الظهور.

سياسة استبدادية
اتهم أنصار غولن رئيس الوزراء التركي بممارسة سياسة استبدادية في حكمه، وهو ما نفاه إردوغان. وكانت حكومة إردوغان أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013 خططًا تهدف إلى إلغاء عدد من المدارس الخاصة، التي تساعد على عملية تأهيل الطلبة وإعدادهم، للالتحاق بالجامعات، بما في ذلك عدد من المدارس، التي تخضع في إدارتها لحركة غولن.

كانت هذه الخطوة بداية صراع صريح بين حلفاء رئيس الوزراء التركي وموالين لفتح الله غولن. وفي 17 ديسمبر/ كانون الأول 2013، دهمت قوات الشرطة ليلًا منازل رجال أعمال، من بينهم موالون لرئيس الوزراء.

يعتقد كثيرون أن أنصار فتح الله غولن في جهاز الشرطة والسلطة القضائية هم من يقفون وراء تلك المداهمات. كما نجا إردوغان من تحديات، وضعها أمامه متظاهرون معارضون لنظام حكمه في يونيو/ حزيران 2013 الماضي، لكن التحديات تأتي هذه المرة من خصم أكثر تنظيمًا، يكتنف هدفه الغموض.