بعدما تحوّلت وسائل الإعلام الاجتماعية، مثل فايسبوك وتويتر، منصات جهادية لنقل أخبار المعارك وتشجيع الناس على الانضمام إلى القتال، شهدت الحرب المستعرة في سوريا انضمام موقع "إنستاغرام" إلى قائمة أدوات التجنيد.
رغم أنه موقع لنشر وتبادل صور الطعام والمناسبات السعيدة، تحوّل موقع إنستاغرام إلى أحدث وسيلة لتجنيد الجهاديين في المعارك الطاحنة في سوريا. الصور التي ينشرها المقاتلون عن يومياتهم في ساحات القتال تساعد المتطرفين على تلقين الشباب المسلم الغربي لقضيتهم بطريقة جديدة، لا سيما وأنهم ينشرون صورًا تنضح بالتطرف والجثث والعنف.
قبل عشر سنوات من اليوم، اعتاد المتطرفون على تجنيد الجهاديين عبر أساليب يمكن مراقبتها أوالتنبؤ بها إلى حد ما، لأنها كانت تتم عبر أشخاص أو من قبل عناصر متطرفة في المساجد المحلية، حيث يتم تلقين المجندين أحاديث وخطب حول الجهاد والحرب المقدسة باسم الإسلام.
يلماز الهولندي
لكن تكتيكات التجنيد التقليدية انقرضت اليوم مقابل الاستخدام المتزايد لمواقع التواصل الاجتماعي، من بينها الإنستاغرام، الذي يستخدمه "يلماز"، وهو جهادي في سوريا من أصول هولندية، لنشر صوره في المعارك اليومية. ينشر يلماز صوره بالبدلة العسكرية المرقطة، ويتفاخر بحمل السلاح، داعيًا كل من يتابعه على الموقع إلى مشاركته في "وقف قتل الأبرياء".
بدوره، يحاول موقع إنستاغرام منع المستخدمين من تحويله إلى منصة جهادية، فأغلق حساب يلماز بعد نشره صورًا عنيفة وذات محتوى غير مناسب، لكن هذا لم يوقف مساعي المجاهد الهولندي، الذي لجأ بدوره إلى مواقع أخرى، من بينها Ask.fm وهو منصة لطرح الأسئلة والإجابة عنها، ليستدرج الشباب الغربي إلى الكفاح ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد "الكافر".
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ "ساينس مونيتور" عن آرون لوند، وهو خبير في الجهاد في سوريا، قوله إن "الكثير من قادة الجهاد يعتمدون على إنستاغرام بعد تويتر لبث الدعاية، ويحصلون على تفاعل من المتعاطفين والمتابعين". وأضاف: "هذا يضيف بعدًا جديدًا، ويحتاج مناقشة عامة، لأن سرعة وتيرة التجنيد الجهادي غير مسبوقة".
نوع مختلف
بعد الجهود التي اعتاد على بذلها أمراء الجماعات الجهادية، أصبح الناس اليوم عرضة للتطرف إلى حد كبير من تلقاء أنفسهم من خلال مواقع الإنترنت والمنتديات وشرائط الفيديو، فتوسعت صفوفهم الخجولة لتستوعب الشباب الغاضب والمهمش، وهو الشريحة الأكثر استهدافًا من قبل المجندين.
" لقد أصبح التطرف عملية لامركزية، فردية، وسريعة جدًا"، يقول مسؤول فرنسي رفيع المستوى متخصص في مكافحة الإرهاب.
دنيا بوزار، عالمة الأنثروبولوجيا في باريس التي تدرس كيفية استهداف الشباب في فرنسا من قبل الإسلاميين المتطرفين، تقول إن نحو 80 في المئة من المجندين الأجانب في الحرب السورية لم يصلوا إلى سن الـ 21، وإنهم استُدرجوا بغالبيتهم تقريبًا من خلال مواد على الانترنت.
تلقين ذاتي
"على عكس الأجيال السابقة، لا يتم تعيين أمير لقيادة عملية التجنيد، لأن الشبان أصبحوا متطرفين من تلقاء أنفسهم، ووصلوا إلى منطقة الحرب بقرار شخصي" تقول بوزار.
أضافت: "كلما طال أمد القتال، وأصبح عنف الأسد أكثر فظاعة، ستزداد المواد المتطرفة عبر الانترنت، مما سيعزز استجابة المجندين، ويؤدي في النهاية إلى المزيد من المقاتلين الذين يتدفقون على الميليشيات الجهادية"، مشيرة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعية تحوّلت إلى عملية تلقين ذاتي للجهاد".
&
التعليقات