دفعت المرجعية الشيعية في العراق في اتجاه تحشيد المواطنين لمواجهة الإرهابيين، واعتبرت من لا يقاتلهم كافرًا، ورفضت استغلال دعوتها إلى التطوع من أجل تشكيل ميليشيات طائفية، وأقرّت بأن تنظيم داعش قد أصبحت له اليد العليا في البلاد، معتبرة أن هذا يشكل بلاء عظيمًا.


أسامة مهدي: قال السيد أحمد الصافي، معتمد المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني، خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) وسط هتافات المصلّين بالإصرار على القتال: إن دعوة المرجعية إلى التطوع موجهة إلى جميع العراقيين، وليست لطائفة معينة دون أخرى (في إشارة إلى الشيعة) من أجل الاستعداد للتهيؤ لمواجهة الجماعة التكفيرية المسماة داعش، التي أصبحت لها اليد العليا والحضور الأقوى لما يجري في العراق، وأعلنت أنها تستهدف بقية المحافظات، وخاصة النجف وكربلاء، وأنها تستهدف مراقد الأنبياء والأئمة والصحابة والصالحين والكنائس، مستهدفة جميع مقدسات العراقيين، وقتل كل من يخالفها الرأي، حتى من يشترك معها في الدين والمذهب.

داعش بلاء عظيم
وأشار الصافي إلى أن هذا التنظيم أصبح بلاء عظيمًا أصاب المنطقة، والدعوة إلى التطوع هي لكل العراقيين بكل مكوناتهم وطوائفهم، لأنه إذا لم تتم مواجهته ولا يطرد من العراق، فإن الجميع سيندمون على ذلك.

وشدد بالقول على أن الدعوة إلى التطوع لم تكن أبدًا من منطلق طائفي، ولا يمكن أن تكون كذلك، والمرجعية برهنت في كل الظروف قساوة أنها بعيدة عن أي ممارسة طائفية، وهي تؤكد في قولها عن السنة (لا تقولوا إخواننا، وإنما أنفسنا). ودعت كل المسؤولين والسياسيين إلى ضمان حقوق جميع العراقيين بكل مكوناتهم.. وأوضح أن المرجعية لا يمكن أن تحرّض على احتراب مجموعة عراقية ضد أخرى، وإنما هي تحث الجميع على مواجهة التكفيريين الغرباء.

وأوضح الصافي أن الدعوة كانت للانخراط في التطوع في القوات المسلحة، وليس تشكيل ميليشيات خارج إطار الدولة، ودعوة إلى حصر السلاح بيد الدولة، والمرجعية تشدد على ضرورة منع الجهات المختصة للمظاهر المسلحة غير القانونية، وتعلن عن ضوابط لما يحتاجه المتطوعون.

وقدم الصافي الشكر إلى مئات الآلاف من العراقيين، الذين استجابوا لدعوة المرجعية إلى التطوع على مدى الأسبوع المنصرم، وعبّرت عن الأسف لما حصل للكثيرين منهم من صعوبات لعدم وجود استعدادات لقبول تطوعهم.

من لا يقاتل الإرهابيين كافر
وقال الصافي إن التداعيات التي يشهدها العراق حاليًا أنتجت الكثير من القضايا الملحّة على ضوء الصراع الدائر بين الحق والباطل. وأشار إلى أن الآيات القرآنية تؤكد على أن من لا يقاتل من يريدون بالأمة شرًا إنما هو كافر.

وأضاف أن الباطل وعندما يستهدف الأبرياء ولا يتحرج من استخدام أي أسلوب ضدهم فإنه يقدم على قتل النفس التي كرمها الله. وشدد على ضرورة مقاتلة الباطل، موضحًا أنه واجب على كل من يستطيع عليه أو يدفع له، مشيرًا إلى أن البعض يحاول تبرير عدم قتاله بحجج واهية تثبط الهمم.. مشددًا بالقول على أن هذا من علامة الكافر، وهو ما يؤدي إلى فقدان الأمة إرادتها فتصبح عاجزة عن الدفاع عن نفسها، وتعيش ذليلة منكسرة، وترضى بالهزيمة.

وأشار إلى أن الأمة لا بد لها من صنع مجدها بكل أساليب العزة، وإلا فإنها ستكون فئة بائسة ضعيفة. أضاف أن من يقتل في مواجهة البطل فإنه شهيد حي عند ربه يرزق.

دعوة إلى حكومة تتخطى الأخطاء السابقة
وحول مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فقد أكد معتمد السيستاني على ضرورة الالتزام بالمواقيت الدستورية المنصوص عليها لاختيار رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة.

وشدد على ضرورة عدم تجاوز هذه المواقيت والبدء بحوارات بين الكتل الفائزة ليتمخض عن ذلك تشكيل حكومة فاعلة تحظى بقبول شعبي واسع تتخطى الأخطاء السابقة وتفتح أمام العراقيين مستقبلًا أفضل. وأشار إلى أن الظروف الحالية تستدعي مزيدًا من التلاحم بين العراقيين من أجل التخفيف عن معاناة النازحين والمهجرين وإيصال المساعدات الضرورية إليهم.

وحذر التجار من استغلال هذه الظروف ورفع الأسعار أو احتكار قوت الناس، مؤكدًا أن هذه الممارسات محرمة شرعًا، وتخالف أخلاق ومبادئ العراقيين.

وكان السيستاني اعتبر في 15 من الشهر الحالي كل من يقتل من أجل الوطن شهيدًا من الدرجة الأولى، لا يغسل ولا يكفن، وإنما يكتفي بالصلاة عليه ودفنه. وقال مصدر في مكتب المرجع إن السيستاني يعتبر كل من يسقط دفاعًا عن العراق شهيدًا من الدرجة الأولى، ولا يغسل ولا يكفن، وإنما يكتفي بالصلاة عليه ودفنه.

وطالب السيستاني المواطنين بالابتعاد عن أي "تصرف ذات توجه قومي أو طائفي يسيء إلى وحدة النسيج الوطني للشعب العراقي". وأكد ضرورة اجتناب المظاهر المسلحة خارج الأطر القانونية، ودعا الجهات الرسمية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للمنع منها.

وفي 13 من الشهر الحالي، دعا السيستاني على لسان معتمده في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي العراقيين إلى حمل السلاح وقتال الإرهابيين دفاعًا عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم، والتطوع للانخراط في القوات الأمنية في دعوة وصفت بأنها إعلان للجهاد.

وأكد أنّ العراق وشعبه يواجهان تحديًا كبيرًا وخطرًا عظيمًا.. موضحًا أن الإرهابيين لا يستهدفون السيطرة على بعض المحافظات مثل نينوى وصلاح الدين فقط، وإنما يستهدفون أيضًا جميع المحافظات، كما أعلنوا، ولا سيما بغداد وكربلاء والنجف، وجميع العراقيين في جميع مناطقهم. وشدد على أنه لذلك، فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مهمة الجميع، ولا تخص طائفة دون أخرى أو طرفاً دون آخر.

وقد أثار استيلاء تنظيم داعش على مساحة كبيرة من الأراضي بشكل مفاجئ، وإجبار جنود الجيش العراقي المفكك على الهرب، أثار مخاوف إيران والولايات المتحدة، التي ساعدت على صعود المالكي للسلطة، بعد غزوها العراق عام 2003، حيث أكدت على دعم العراقيين لمواجهة الجماعات المتطرفة.&