&بقلم بونوا فوشيه

&
يحاول المؤرخ الفرنسي فرنسوا بوفلوغ فهم الأسباب التي تجعل المتشددين على عداء مع الفنون، ويشرح في مقابلة مع وكالة فرانس برس دوافعهم في الهجوم على ما يرون فيه مظاهر وثنية او خروجا عن الدين.
&
س: ما هو القاسم المشترك بين تدمير حركة طالبان لتماثيل بوذا في باميان في أفغانستان العام 2011، وتدمير حركة انصار الدين للاضرحة في تمبكتو في مالي العام 2012، وتدمير تنظيم الدولة الاسلامية لآثار تدمر في سوريا العام الماضي؟
ج: حين ينظر المتشددون الى شيء ما على انه ينطوي على ازدراء او على انه محط عبادة، &يتصرفون من موقع من يشعر بالاهانة. تدمير الاثار لا يشكل اولوية استراتيجية للجهاديين، لكنهم يفعلون ذلك ليقدموا انفسهم على انهم مسلمون اتقياء متمسكون بتعاليم القرآن، رفض الوثنية هو اللازمة التي يكررونها. ومن جهة أخرى، هم يوجهون رسالة الى الغرب، والى كل من يحبون الفن لأجل الفن.
&
س: ان كان التصوير محرما في الكتب المقدسة، كيف تفسر ان المسيحية الهمت ابداعا فنيا غنيا في الكنائس والمتاحف.
ج: كانت بدايات المسيحية خالية من التصوير، وظلت على مدى قرنين وفية للتقاليد اليهودية. اليهود كانوا اقل استهدافا للصور والتماثيل لأنهم لم يكونوا في موقع السلطة كثيرا، اما الديانتان الاكثر عداء لها فكانتا الاسلام والمسيحية ولا سيما ضد الاصنام الوثنية بالنسبة للاخيرة. المسيحية بعد ذلك تساهلت ازاء التحريم المذكور في الوصايا العشر: "لا تصنع لك تمثالا ولا صورة مما في السماء من فوق وما في الارض من تحت وما في الماء من تحت الارض، لا تسجد لهن ولا تعبدهن". &فبما ان الله تجسد بصورة انسان، فلا بأس اذن بتصويره.
&
س: هذا التساهل النسبي الذي ابدته الكنيسة لم يمنع المتشددين الكاثوليك من الرفض العنيف لاعمال فنية، ما هو محرك هذا الرفض؟
ج: معظم المسيحيين المتشددين الذين يتصرفون على هذا النحو يرفعون شعار التصدي للتجديف، لكن مفهوم التجديف أزيل تدريجا من معظم قوانين البلدان الاوروبية. في الديانة المسيحية هناك نوع من التراتبية ينبغي احترامها في ما يتعلق بالصور، الاله الآب والمسيح في القمة، ثم العذراء والطفل يسوع بعد ذلك. &في فيلم "السلام عليك يا مريم" لجان لوك غودار لم تكن هناك مبالغة فعلية في المشاهد، لكن هناك من اضرموا النار في السينما (في تور العام 1985)، رافعين شعار +لا تمسوا مريم+". وفي العام 2011 تظاهر البعض في باريس ايضا ضد عرض فني حول تصوير وجه المسيح.
&
س: هل يمكن ان تستخدم الجماعات المتشددة الفن لتحوله الى اداة دعاية لها؟
ج: هناك الكثير من المجموعات الدينية تفعل ذلك، وتستخدم في دعايتها الدينية اعمالا لا يمكن ان توصف بانها ذات قيمة فنية.
لكن يجب ان ندرك ان وظيفة الفن الديني ليست المخالفة، بل التعليم وتوليد العاطفة والتذكير، واذا كان البعض يظن ان الدين يمكن ان يتماشى مع الاختلاف واحيانا الاستفزاز، الا ان معظم المسيحيين لا يبدون اي اهتمام بمعظم تيارات الفن المعاصر. اما المسلمون المتشددون، فهم يرون ان الفن المعارض للأفكار السائدة، الذي يمكن ان يتقبله المجتمع، كتعبير عن الحرية والابداع، هو أمر غريب عنهم، هم يقولون "نريد ان نطبق الشريعة في كل العالم"، من هنا تختلف دوافع التدمير الذي يرتكبونه عن تلك التي تحرك بعض الاشخاص في باريس للاعتراض على عمل مسرحي ما