خالد طه من الدوحة:في الماضي كانت المعاكسات مقصورة على النظرة البعيدة والابتسامة والتلميح ببوكيه ورد اما الان بعد انتشار تكنولوجية البلوتوث والاتصالات السريعة والادارة المتقنة والسماوات المفتوحة فان الظاهرة استفحلت وخرجت عن السيطرة واصبح الكثير من الفتيات المحافظات يبتعدن عن التسوق في المراكز التجارية الكبرى التي يتواجد فيها الشباب المودرن.

الموبايل

تقول احدى الفتيات التي رمزت لاسمها ب (د ك ) شاب مستهتر سبب لي كثيرا من الاحراج بسلوك لم أعهده من قبل حيث أخرج لي ( بعد ملاحقتي لأكثر من ساعة) جواله وقد كتب رقمه ووضعه امام عيني وعلى مرأى ومسمع جميع المارة فما كان مني إلا أن طرحت جواله ارضا مبعدة إيّاه عن وجهي.

وتعزي احدى الموظفات اسباب ظاهرة المعاكسات الى التربية والبيت الذي نشأ فيه الشاب فعندما يجلس الشاب مع والده يتحدثون بسخرية laquo;ويرفع الكلفةraquo; معه فيعلق علي مشهد في التليفزيون أو اغنية مصورة لشاب وفتاة بطريقة الفيديو كليب الرخيص والأب يضحك دون ان يردعه او يوجهه ويعيب تصرفاته ويقسو عليه فهذا يؤدي الى تشجيع الشاب على التمادي وتضيف /

هناك ( بطبيعة الحال) وجود خلل في تربية هذا الأبن الذي لا يحترم أباه في طرح احاديث والتعليق عليها مما ينعكس سلباً على تصرفاته خارج البيت ويجعله يفعل اكثر من المعاكسات احياناً..

وتؤكد (ل م) وجود الظاهرة فتقول:

نعم هذا ما يحصل الآن مع معظم بناتنا للأسف وعن نفسي ورغم التزامي الشديد في لباسي المحتشم ونقابي، إلا أن هناك من ذوي النفوس الضعيفة والذين لا يحترمون الفتاة مهما كانت سواء منقبة او غير ذلك، المهم ألا يجعلوا واحدة تمر دون laquo;تلطيشraquo; او نظرة طويلة تربكها ولا تجعلها تعرف كيف تتابع سيرها.

فارغينا عقولا

تقول احدى الاخوات : المعاكسات لا تعني لي شيئاً فأنا لا أعيرها اهتمامي ولكن هي مزعجة لأن الفتاة تحب ان تسير بحريتها دون ان يلاحقها احد، ويقيد خط سيرها، كما ان المعاكسات ظاهرة تخلف وفقدان شيء اسمى هو الوقت فالشاب الذي يتسكع دون هدف التسوق أو قضاء أمر مهم إنما فقط للمعاكسة، هو شاب فارغ لا قيمة للوقت لديه، وليس لديه على الغالب شيئاً يفعله إن قسنا هذا الأمر من هذه الناحية، أما من ناحية اخري فهو يعيش في جو مفكك أسرياً، وإلا لما فعل ذلك وخرج وتسكع لأن من يلجأ للمعاكسة ليس من أول مرة يذهب فيها laquo;يري فتاة فيعاكسهاraquo; بل يكون معتاداً على الذهاب كل يوم، ولديه جرأة مكتسبة من كثرة ما رأى وراقب من اشكال فتيات مختلفات يسرن من امامه فهذا الذي يخرج كل يوم من بيته دون انتباه أسرته أو مراقبته أين يذهب؟ ألا تكون الأسرة مفككة وهي المسؤولة عن ذلك؟!..

وتحكي (س ق) معاناتهامع المعاكسة فتقول:

تعرضت لمعاكسة وبأسلوب مخجل للأسف أثناء جلوسي مع صديقاتي في مطاعم الوجبات السريعة بأحد المراكز التجارية الكبرى بالدوحة فكانت بالقرب منا طاولة لم يجلس عليها أحد، إلى أن أتت مجموعة شبان وجلسوا واخذوا يضحكون بصوت عال ويسمعونا كلاماً ويرسلون بالهاتف رسائل laquo;بلوتوثraquo; فيها أرقام ورسائل اخرى مخجلة.. نعم لقد وصل بنا الحال إلى مهب الريح، فنحن نعيش ازمة اخلاق حقيقية وسببها ما يعرض من اغان خليعة فيها مناظر دون المستوى جعلت شبابنا يتجهون لاخواتهم في الطريق والمطاعم والاسواق والمراكز بنظرة مخالفة عما عهدناها فيهم من قبل حيث كان الشاب شهماً، يغار على ابنة بلده من كل نظرة غريبة أو أي شيء، اما الأن صار متناسياً كل القيم والأخلاق والعادات، والتقاليد لحصارها، وملاحقتها من مكان لآخر، لدرجة أن والدي فرض حصاراً عليّ أنا وأخواتي نتيجة ما شاهد وسمع عما يحدث لنا في المراكز كفتيات، وأصبح خروجنا مقتصراً معه او مع أخي فقط.

التشهير بالمعاكسين

وترى ( د و ) ان نشر صور الشباب المعاكسين في الصحف قرار صائب وهو ما طبقته السعودية على الشباب الذين يعاكسون الفتيات، اذ توضع صورة الشاب بالصحف مع اسمه وقد توقفه لبضعة أيام والأهم من ذلك تحلق له شعره laquo;على الزيروraquo; فالمعاكسات هنا في قطر انتشرت كثيراً وأصبحت حتى الفتاة التي تحب المغازلة بكلمة ما، تتضايق عندما يعاكسها شاب بصورة جارحة ومهينة لأنوثتها امام غيرها، اي تصبح النساء تنظرن لها نظرة انها هي السبب خاصة ان كانت تضع قليلاً من المكياج، وان كانت محتشمة لدرجة ينظر إليها أنها هي السبب فقد تكون كلمة أو حركة جعلته يلاحقها ويعاكسها، وفي كل الأحوال لا تنتهي الملاسنات من الطرفين والضحية الفتاة، و تقول عن تجربتي اتعرض للمعاكسات يوميا وذلك لأنني أعمل في مركز تجاري كبير، ومنها وجود رجل كبير موقر بالشكل ولكنه يأتي كل يوم حتى أيام الجمعة ويعاكس الموظفات والزبونات، دون ملل، رغم انني لفت نظر الادارة إليه فهو لا يشتري ولا يتغيب؟!.

وتشير (ر ص ) الى إنها اصبحت تخجل من ارتياد اماكن عامة أو مراكز تجارية لأنها laquo;متينةraquo; ممتلئة وتعليقات المعاكسين لها laquo;محرجةraquo; فمنهم من يقول ببرودة أن اهلها يطعمونها كثيرا، ومنهم من يقول هذه تأكل طعام اخوتها جميعاً.. الخ من التعليقات حتى اصبحت لا ترتاد اماكن التسوق المراكز المكتظة بالشباب تحاشياً لظاهرة المعاكسات الوقحة والمحرجة بآن واحد.

الفضيلة

وعن الراي التربوي تقول الباحثة الاجتماعية نوال الرميحي: إن الفضيلة والاخلاق تمارسان من خلال قدوة موجودة فاذا غابت القدوة زادت المشكلات، والقدوة هي الاسرة أولاً ويأتي الخواء الديني في مقدمة اسباب لجوء الشاب الى طرق الاستهزاء ببنات الناس من خلال مضايقاتهن ومعاكساتهن بطريقة غير اخلاقية، فغياب دور المسجد وعدم الالتزام بالعادات والتقاليد وسحب البساط من تحت أرجل الهيئات التعليمية ادى الى تراجع الدور الكبير في زرع القيم في نفوس الأبناء.

هذا ديننا

المعروف ان الدين الاسلامي رسالة اخلاقية راقية ويحرم مثل هذا السلوك المشين وقد ورد في الحديث الشريف عن الرسول الكريم ( اعط الطريق حقه ) قالوا وما حقه يا رسول ؟ قال اماطة الاذى وغض البصر ويلاحظ ان القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة اهتما بشكل واسع بموضوع الاخلاق والسلوك وقد خاطب الله سبحانه وتعالى نبيه laquo;وإنك لعلى خلق عظيمraquo; وقال تعالى: laquo;والذين هم عن اللغو معرضونraquo;