بعض الورثة يمارسون اساليب الضغط والتخجيل عند التخارج

وفاء مطالقة من عمان: وقفت امام القاضي الشرعي quot; باكية quot; تقول انها قررت التنازل لاخوتها الذكور عن حصتها بميراث والدها المتوفى فقط قبل ثلاثة ايام.. لكن القاضي ايقن انها لا تدرك ماهية هذا التصرف النابع اصلا عن حالة عاطفية.. وحاول ان يثنيها عن التخارج وان يذكرها بان هذا حقها الشرعي الذي قسمه الله تعالى لها.


الا ان تأثرها الواضح تجاه وفاة والدها وتعاطفها مع اشقائها جعلها تقول quot; ما نفع الاملاك، اذا صاحبها راح quot; بينما القاضي كان اكثر ادراكا وقرر تاجيل البت بالامر الى اسبوعين على الاقل.
سماحة قاضي القضاة/ امام الحضرة الهاشمية الدكتور احمد هليل كان اصدر تعميما الى القضاة الشرعيين اكد فيه على ضرورة التريث في تسجيل معاملات التخارج ولا سيما في المعاملات التي ترد الى المحاكم الشرعية خلال الايام الاولى من وفاة المورث، الوقت الذي يكون فيه الحزن سائدا بين افراد اسرة المتوفي، حيث يستغل بعض الورثة تلك الظروف ويلجأون الى اقناع الورثة الاخرين بالتخارج وخاصة الاناث منهم باتباع اساليب الضغط والتضليل والخداع او قطع الوعود مع التخجيل.وان المحاكم الشرعية ملتزمة بذلك.
مدير المحاكم الشرعية في دائرة قاضي القضاة الشيخ عصام عربيات قال لوكالة الانباء الاردنية ان القاضي الشرعي هو قاضي احوال شخصية ولديه القدرة على التعرف على الظروف المحيطة بالاسرة موضحا انه يدرك حالة المتخارج والمتخارج له النفسية ولا يكون التخارج سببا في الخلاف بين افراد الاسرة مستقبلا.


واضاف ان على القاضي الشرعي ان يستمع من السيدة او مجموعة السيدات اللواتي ينوين التخارج كل على حدة مؤكدا انه قادر على تمييز السيدة التي تتنازل عن حصتها في تركة المتوفى خجلا او انها تعرضت لضغط ما من قبل احد الورثة لذلك عليه ان يستمع اليها بمفردها ليقتنع بكلامها.
واشار الى ان القاضي يتحقق من صحة التخارج بعد التثبت من رغبة المتخارجة في التخارج عن التركة كلها او بعضها بعيدا عن الضغط او الاكراه.
وقال..لقد تم وقف التخارج في عدد من المعاملات لشك في نفس القاضي من ان تلك المرأة قد تعرضت للاحراج او الضغط مشددا على ضرورة التأكيد على ان الميراث هو حق مكتسب للمرأة.
واشار الى ضرورة ان ينبه القاضي الشرعي ويحذر من مغبة التسرع في عملية التخارج من باب احياء الضمير لدى المتخارج له والتذكير باهمية توزيع الميراث على الورثة كافة وفق الاسس التي اقرتها الشريعة والقرآن الكريم.
ودعا الى توعية النساء بحقوقهن في الميراث مشددا على دور خطباء المساجد لتناول هذا الموضوع باعتبار ان المواريث والتخارج من القضايا الحساسة المتعلقة بحقوق الافراد وهي ذمة مالية.
وقال ان التخارج هو ان يتصالح جميع الورثة او بعضهم بان يعطي نصيبه في الميراث لوارث اخر او اكثر في جزء من التركة او كلها.. وقد يكون التخارج بين اثنين من الورثة على أن يحل أحدهم محل الآخر في نصيبه مقابل مبلغ من المال يقدمه له موضحا انه جائز اذا كان عن تراض وعن بينة وعدم وجود جهالة او غبن.


وحسب احصاءات الدائرة فقد بلغت حالات التخارج المسجلة لدى دائرة قاضي القضاة منذ عام 2001 وحتى نهاية 2006 / 20123 / حالة.
ابو احمد الذي كان برفقة شقيقته التي تخارجت عن حصتها بتركة زوجها الى ابنائه من زوجته الاولى مقابل 2000 دينار قال لوكالة الانباء الاردنية ان الاصل في موضوع التخارج هو الالغاء مؤكدا ان ما يحصل هو بيع صوري يضيع على اثره رسوم على الدولة وان هناك اجراءات quot; غير سليمة quot; تتم داخل اروقة المحاكم مثل الحياء والتهديد احيانا مما يضيع حقوق النساء.


ودعا الى ان تتولى دائرة الاراضي العملية برمتها بحيث يتم تقدير قيمة قطعة الارض او العقار المراد التخارج عنه ومن ثم يتم التسليم داخل الدائرة وبذلك لا تضيع الحقوق على النساء الخجولات الخائفات.
بدوره اكد الشيخ عربيات ان من يملك اساليب التضليل او الخداع سيستخدمها سواء كان في دائرة الاراضي او في المحاكم الشرعية مشددا على الاصل ان تتم في المحاكم الشرعية موضحا ان القاضي الشرعي هو قاضي احوال شخصية يستطيع ان يميز اذا كانت المراة راضية ومقتنعة فعلا بالتخارج او لا وان يبذل جهده في ان تتم المصالحة بين الورثة سواء بالتخارج او عدم امضاء ذلك التخارج اذا ظهر اي خلل في الارادة.

وفي احدى المحاكم الشرعية في عمان وقفت سلمى بجانب زوجها وقد اقنعها بان عليها ان لا تاخذ شيئا مما ترك والدها حفاظا على سمعته بين افراد عشيرتيهما وقالت quot; لا اريد شيئاً، وقد تخارجت لاخوتي الذكور علما باني كنت اتمنى ان اتخارج لوالدتي ولكن زوجي اصر على ان يكون التخارج لاخوتي الذكور فقط quot;
والتخارج جائز كما قال الشيخ عربيات متى كان عن تراض كون الهدف منه هو المصالحة بين افراد الاسرة الواحدة، ولكنه ركز على ان يكون المتخارج قد استلم بدل التخارج.
اما سهام وهي سيدة في اربعينيات عمرها فقالت ان والدها كان سجل قطع الاراضي خاصته باسم اخوتها الذكور وانه حرم ابنتيه من الاراضي في حين انه ترك المال النقدي ليوزع بين جميع الورثة حسب الاصول الشرعية.


وفي المحكمة الشرعية في العبدلي قالت احدى السيدات التي جاءت طاعنة بالتخارج الذي اقدمت عليه لشقيقها قبل حوالي ستة اشهر فلم تكن تعلم عن كامل املاك والدها عند وفاته، واعتقدت ان قطعة الارض في ناعور هي كل ما كان يملك ليتبين لها ان هناك ثلاثة مخازن اخرى كانت مؤجرة وتعود ملكيتها لوالدها.
واضافت ان اخاها الذي تخارجت له عن حصتها في تركة والدها قبل ستة اشهر مقابل 200 دينار، باع قطعة الارض بعد ان آلت اليه باكثر من 50 الف دينار.


واسترسلت : quot; عند وفاة والدي، قال اخي بانه لن ينساني اذ لم يبق لنا سوى بعضنا البعض مؤكدا ان ما يحدث له سيحدث لي quot;. واستدركت ان ما حدث حقيقة هو انه باع قطعة الارض واشترى سيارة جديدة ومصاغا ذهبيا لزوجته اضافة الى ان ايجار المخازن كلها يذهب له ولاولاده، بل انه ومنذ انتهاء فترة عزاء والدي لم اره الا قبل يومين اذ مر بسيارته من جانبي ولم يبد اي اهتمام بي.


احد المحامين اشار الى الفقرة الثانية من المادة / 539 / من القانون المدني والتي تنص على quot; لا يشمل عقد المخارجة كل ما يظهر للميت بعد العقد ولم يكن المتخارجان على علم به وقت العقد quot;.
الشيخ عربيات اكد ان على المواطن ان يكون على بينة ووعي واحاطة بالتركة التي تركها المتوفى مشيرا الى ان المحكمة تكلف الورثة بابراز ما ترك المرحوم من اموال منقولة وغير منقولة وعندما يصار الى التخارج فانه يسأل الورثة ماذا ترك المتوفى وماهية التركة المنقولة وغير المنقولة والديون التي للتركة والديون التي هي عليها.


وقال ان القضية تسير في الوقت الحالي وفقا للبيانات التي يقدمها صاحب المعاملة مؤكدا انه لا بد ان يكون هناك اجراء اكثر احترازا في المستقبل وعليه ان يسجل ذلك في سجل خاص وان يتحمل مسؤولية تقديم البيانات اذا كانت خلاف ذلك.
وشدد على ان الشخص المتخارج يجب ان يكون على علم بما ترك المتوفى كما يجب ان يتم تذكيره بذلك مشيرا الى ان الاناث هن الاكثر ضررا في هذا المجال بحكم ان المتزوجات يكن بعيدات عن تفاصيل الامور في بيوت اهلهن.. فلا يعلمن عن ملكية الاب من اموال منقولة او غير منقولة.


واوضح ان على الشخص الذي يدَعي لدى المحكمة بانه لم يكن على علم بماهية التركة عند التخارج له ان يطالب بابطال التخارج وبالتالي ابطال سندات التسجيل على ان يثبت عدم علمه بذلك امام المحكمة مؤكدا انه يصار عندها الى ابطال التخارج وما ترتب عليه من اجراءات لانه بني على باطل.
وقال انه اذا تم التخارج بطريق الاكراه او الحيلة او الحياء او الاستغلال او الابتزاز يجعل هذا التخارج فيه عيب من العيوب التي تجعل الحق للطرف الاخر في الطعن والادعاء بان التخارج الذي تم من قبله لم يتم بالصورة الشرعية والقانونية اذ لا بد من البينة بالصورة التي يقتنع بها القاضي الشرعي بطريق الشهود واثبات ذلك امام المحاكم الشرعية.


وشدد على ان المواريث والتخارج تعتبر من القضايا الحساسة المتعلقة بحقوق الافراد وهي ذمة مالية فلا بد ان تكون على بينة وان تكون الامور واضحة كما شدد على القاضي ان يتنبه الى الظروف التي يعيشها افراد الاسرة بعد وفاة المورث لان حالة من الحزن تسود عائلته ويكونوا متاثرين عاطفيا بوفاة فقيدهم لذلك يجب عدم التسرع بالبت بقضايا التخارج خلال فترة الحزن القريبة.

لقراءة تحقيقات اخرى في ايلاف