إنتقدها الذكور ورجال الدين

جرعة الرومانسية الزائدة في المسلسلات التركية صدمت النساء العرب

نجلاء عبد ربه من غزة: دخلت المسلسلات التركية المدبلجة في صراع المجتمعات العربية على اختلاف عاداتها وتقاليدها، الأمر الذي حذا بعلماء الدين إلى تحريم مشاهدتها كونها تضر بالأسر العربية، وتخلق مشاكل بين الرجل وزوجته. وكانت بداية المسلسلات التركية المدبلجة رتيبة، إلا أن الوضع تغير تماماً كلما زادت حلقات مشاهدته، فالمسلسلات لا تحكي قصصاً تمجد ماضي المسلمين او تعالج طبيعة العلاقة بين أفراد المجتمع، لكنه عالج، بحسب الدكتور في التربية هاني العقاد أهمية حل المشاكل بين الرجل وزوجته بطريقة حضارية، دون المساس بكرامة المرأة.


يقول الدكتور العقاد لإيلاف إن 'المرأة العربية صدمت من أمرين مهمّين يلامسان حياتها اليومية، وهي الرومانسية التي فقدتها تماماً بعد العام الأول من زواجها، وطريقة حل المشاكل الحياتية التي تصادفها مع زوجها'.


ويقارن الدكتور العقاد بين أسلوب الرجل العربي في حل مشاكله مع زوجته من خلال الشتم وتكميم فاه الزوجة والضرب والعقاب وحرمانها من زيارة أهلها وغير ذلك من الإجحاف بحقها، وبين أسلوب 'مهند' في مسلسل نور الذي يعالج مشاكله مع زوجته نور بطرق علمية وهادئة يتخللها جرعات حب ورومانسية أثناء المشكلة القائمة، الأمر الذي صدم المرأة العربية بواقع مر تعيشه مع زوجها في هذين الأمرين المهمين بالنسبة إليها، وهو ما جعلها تتابع أدق تفاصيل المسلسل، وتحرص على مشاهدته بإنتظام.


ويهاجم أهم شخصية دينية مسلمة في العالم العربي، سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام في المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، المسلسلات التركية المدبلجة التي تعرض في القنوات الفضائية مثل 'سنوات الضياع' و'نور'، معتبرا أن مشاهدة مثل هذه الأعمال ومتابعتها من الأمور المحرمة على المسلم لما فيها من التنافي مع مبادئ الإسلام وتعميم للشر والبلاء وهدم الأخلاق.

ويوضح المفتي العام أن مثل هذه المسلسلات تدعو إلى الرذيلة وتحبذها وتنصرها وتؤيدها وتنشر أسبابها، وأنها تصور الجريمة كمادة عادية وهو دليل كما قال على انتزاع الحياء في العاملين فيه، واصفا القائمين على إعداد هذا المسلسل بـ 'المتخصصين في الإجرام والضلال، وهم دعاة للشيطان وجنود لإبليس'.


كما هاجم المفتي العام عقب لقائه مساء أمس الأول في ملتقى ربوة الرياض، المحطات الفضائية التي تنشر الثقافة التي تحملها هذه المسلسلات، معتبرا أنها بإذاعة مثل هذا الانحلال تكون قد أعلنت الحرب على الله ورسوله، لما فيه من دعوات وحركات مسيئة يقوم عليها فئة من نساء ورجال لا يراعون حرمة المجتمعات المسلمة.


وأوصى المفتى العام خلال اللقاء الشبان والشابات بتقوى الله، وأن يجعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية، وحثهم على طاعة الله وترك معصيته على علم وبصيرة. وقال: 'إن على الشباب ألا يستجيبوا للدعوات التي تهدف إلى إفساد قيمهم وأخلاقهم وإبعادهم عن المنهج المستقيم، والواجب عليهم شكر الله على نعمه، بالالتزام بالطريق المستقيم'.


ولم يقتصر هوس الفتيات على الملابس التي ترتديها بطلات مسلسلي 'نور' و'سنوات الضياع'، بل تعدى ذلك إلى تقليد طريقة رسم الحواجب ولون الشعر، كما حصل فيأحد المراكز النسائية الشهيرة بـ'عمان' عندما طلبت فتيات تقليد حواجب لميس بطلة (سنوات الضياع)، وصبغة مشابهة للون شعر شريفة والدة مهند في مسلسل (نور). وتعدى الأمر إلى تسجيل حالات ولادة كثيرة بأسماء أبطال المسلسلات التركية

واستغلت الفنانة اللبنانية 'رولا سعد' الحالة التي أحدثها مهند في المسلسل من هوس وجنون محليا وعربيا فقامت باستدعائه ليشاركها الفيديو كليب خاصتها مقابل مبلغ مقداره 120 ألف دولار.


الأمر من وجهة نظر الدكتور في التربية هي طريقة أسلوب معالجة المشاكل التي تحصل بين الزوج وزوجته. ويأخذ العقاد مثالا 'لماذا تُضرب المرأة وتهان كرامتها إذا ما دار نقاش حاد بينها وبين زوجها في موضوع ما، بينما هناك أساليب جيدة يمكن الإستعانة بها من قبل الزوج إذا كان مدركاً للأمر ومعنياً بدوام علاقة جيدة بينه وبين زوجته، كالتفاهم بالعقل والإقناع'.


ويقول الدكتور العقاد 'المرأة المسلمة لها مكانتها، وقد أوصى رسولنا الكريم بالحفاظ عليها وعدم إهانتها، إلا أن ما يحصل بين المجتمعات العربية عكس ذلك تماماً، فالرومانسية بين الرجل وزوجته مطلوبة إلى حدٍ كبير، لماذا تفتقدها نساء العرب بمجرد انتهاء العام الأول من زواجها!!؟'.


ويؤكد العقاد أن الإفراط في الرومانسية ينعكس سلباً على الطرفين 'الزوج والزوجة'، مبيناً أن 'نور' بطلة المسلسل التركي الذي يحمل اسمها أفرطت في رومانسيتها، ما أدى إلى تدمير حياتها الزوجية، بينما تعامل مهند بواقعية في الرومانسية، وهو ما ساعده على حل مشاكله بطريقة علمية وصحيحة'.


ويعتبر المفكر والكاتب عبد عبد الله أن هذه المسلسلات تدعو إلى حالة انفلات غرائزي دون حسيب أو رقيب. وقال 'قد يحاول البعض التقليل من شأن خطر هذه المسلسلات بأنها مجرد عمل فني يستمتع به لكن الواقع يشير إلى غير ذلك إذ إن نسبة الطلاق في العالم العربي ارتفعت بشكل ملحوظ إضافة للمشاكل الاجتماعية الناتجة من إدمان الأمهات والزوجات والمراهقين مشاهدة هذه المسلسلات التي تضع السم في الدسم وتحمل في حقيقتها مشروعا تدميريا كاملا تعطي شرعية للانتقام وتميع الأخلاق وتغير القيم والمعايير بفكر دخيل ابعد ما يكون عن حضارتنا وثقافتنا'.


تقول السيدة فداء لإيلاف 'إن إدمان المرأة العربية على مشاهدة تلك المسلسلات يعود لفقدها الحنان والرومانسية في زوجها'. وتضيف 'الأسر العربية الراقية في تعاملها الخاص لم تعترض على تلك المسلسلات، فهم يعالجون مشاكلهم بالطريقة التي يعالج بها مهند مشاكله، بينما دبت الخلافات داخل الأسر التي تفتقد المرأة فيها للحب وحنان الزوج'.