كراتين وquot;قواطيquot;
طلال الحمود
حين حذّر العقلاء من السلبيات الاعلامية المصاحبة لبطولات كأس الخليج لكرة القدم، لم يستمع أحد إلى تلك الآراء المتزنة، بل ان البعض بدأ يسفّه من يحاول إعادة البطولة الى جادة الصواب، على اعتبار أن ذلك يعتبر،
حسب المقتاتين على المهاترات، تكميماً للأفواه تجاوزته المرحلة.طلال الحمود
بالأمس دخلت على الخط قناة كويتية خاصة، يمتلكها برلماني سابق بالتضامن مع شقيقته، التي تمتهن كتابة المسلسلات التلفزيونية، ومن دون أدنى اهتمام بالأنظمة والقوانين والأعراف، فتحت تلك القناة الرسائل الهاتفية أمام المراهقين وأصحاب النفوس السوداء، لإفراغ شحناتهم نحو الآخر، وباتت الشاشة تمتلئ بالعبارات الفجة، التي تدور حول المنتخبات الخليجية، حتى تحوّل شريط الرسائل إلى معركة بين الكويتيين والسعوديين، بطريقة لا يمكن لشخص محترم أن يقبل ظهورها في قناة تعود إلى ملكيته إلا أن يكون سفيهاً أو فاقداً للأهلية.
ومن ضمن العبارات المستخدمة كلمات على نحو laquo;كراتينraquo; وlaquo;قواطيraquo;، حتى ان احدى الرسائل تتهكم على فوز منتخب laquo;الكراتينraquo; بنتيجة عريضة أمام منتخب اليمن في بطولة الخليج، ويرى كاتب الرسالة أن laquo;الكراتينraquo; ومنتخبهم لن يذهبوا بعيداً، وأن الكويت ستظفر باللقب، وفي الجانب الآخر ترى رسالة وردت من السعودية، أن منتخب laquo;القواطيraquo; سيخرج من الدور الأول، وأن مصير laquo;القوطيraquo; دائماً سلة النفايات مهما بقي طويلاً على طاولة الطعام!وعقب منتصف الليل، تزداد عادة حدة المعركة في تلك القناة على شريط الرسائل بين laquo;الكراتينraquo; وlaquo;القواطيraquo;، ولم تفلح جهود التهدئة التي بذلها العقلاء من الطرفين، وزادت أعداد الرسائل، وسط فرحة صاحب القناة وشقيقته، ومعهما شخص ثالث يدعى laquo;أبو عيدةraquo;، وهو الذي تمر الرسائل خلال حديثه في برنامج يعتمد على laquo;المهايطraquo;، لجلب المشاهدين واللعب على مشاعرهم.
وشهدت تلك المعركة استخدام laquo;الكراتينraquo; لعبارات سياسية، تنال من سيادة الكويت ومواقف أهلها، بهدف التأثير في معنويات laquo;القواطيraquo;، غير أن الفريق الأخير وجدها فرصة لفتح الملفات والتذكير بعشرات laquo;الكراتينraquo;، الذين يتسولون في شوارع الرياض أمام سيارات laquo;القواطيraquo;، في إشارة إلى أن laquo;القوطيraquo; يتمتع بحياة اجتماعية تفوق ما يتوفر لنظيره laquo;الكرتونraquo;! ما جعل laquo;كرتوناًraquo; يتدخل لإيضاح أن laquo;القواطيraquo; يتسولون بطريقة laquo;فايف ستارraquo;، من خلال ابتزاز laquo;الكراتينraquo; للحصول على أموالهم، بتوجيه عبارات مسيئة لهم، من أجل إجبارهم على إرسال الرسائل الهاتفية، التي يعود ريعها لقناة يمتلكها laquo;قوطيraquo;، وتفتح بايراداتها بيوت مئات laquo;القواطيraquo;!
وبعيداً عن المعركة الدائرة في قناة البرلماني وشقيقته، أصبحنا نتأسف على الأجواء الاعلامية المصاحبة لبطولات الخليج، واعتماد كثير من القنوات على خلق المشكلات وترويج العبارات العنصرية، من خلال التفنن في طرح قضايا أقل ما يقال عنها انها هامشية. مستفيدة من سهولة اللعب على وتر الرغبات، إذ ان المواطن العربي متحدث لا يسكت إلا حين تتغلب عليه شهوة الاستماع إلى المهاترات وعبارات السب والقذف. وهو يجد فيها متعة تجعله يسبح في بحور المتعة والانعتاق من واقعه الرديء. ولا أشك في أن تلك القنوات تدرك المشكلة. وبدلاً من أن تعمل على الارتقاء بذائقة المشاهد، على اعتبار أن ذلك يعتبر تلبية لحاجاته. اختارت تلبية رغباته التي لا يحكمها العقل، بحثاً عن أقصى استفادة من سذاجة ذلك المشاهد، ومن ثم تحقيق انتشار ومكاسب مالية، ترى فيها الهدف الأهم.
ما أتمناه ويتمناه العقلاء أن يقطع أهل الحل والربط الطريق على هذا الاعلام، الذي يقتات منذ سنوات على المتناقضات وعلى الفرقة والعنصرية. وذلك بايقاف مشاركة المنتخبات الرسمية في بطولات الخليج، وتخصيصها للمنتخبات الاولمبية، خصوصاً أن هذه البطولة ليست ذات فائدة فنية، بل انها سبب في تحطيم معنويات اللاعبين، وإشغالهم عن المناسبات الأهم. ويكفي برهاناً ما حدث لمنتخب العراق في البطولة الحالية، وتأثيراته التي ستنتهي بتفكيك المنتخب الحائز على بطولة كأس الأمم الاسيوية، وابعاد أو ابتعاد أكثر اللاعبين من دون سبب منطقي أو عذر مقنع!
عن الحياة
التعليقات