في معجم اللغة العربية هناك مدرستين للغة الضاد، المدرسة المصرية والمدرسة البصرية وهي عائدة الى مدينة البصرة العراقية، والمصرية الى مصر العروبة وقلبها الحي .. وأعتقد أن المتعرب لايفقه من هذا بشئ وإنما وليد اللغة العربية ومحبها يتغنى بهاتين الحلتين اللغويتين لما لهما من صراع يصب في مصلحة واحدة وهي اللغة العربية محراب ديننا ووطننا لطالما القرآن أنزله الله عربياً .. نعم أنزله الله عربياً ..عربياً .. وعربياً .. وهذه إرادة الله عز وجل سبحانه بقدرته وعزته وجلاله.

وما يجرني الى هذه الاطلاله هي تلك المغالطات اللغوية في إمتعاضات إخواننا في الجزائر التي تتشرذم وتجر آهاتها من فوق لتحت وكما يقال quot; طالع نازل quot; في معضلة كرة القدم والتعبئة الجرارة في متناولها، والمتربصين في إستغلال هذه الشرارة للضغط والتضييق على الشارع السياسي المصري، وأعتقدني جازماً أن أهل الشارع السياسي يلمون بقصاصات بعضها دون أي كلمة، ويغرفون quot; المراد quot; ويبقى التساؤل .. من أين هذه الدسيسة فالجزائر ونظراً للعواصف السياسية والاجتماعية التي تعيشها ولاتزال راحت هي الاخرى في quot; مهب quot; هذا الالم.

وكنت أتمنى من أن يأتي أي سياسي جزائري لخوض باب التهدئة والعقلانية في خطابه، وهذا القياس بالنسبة لمصر أيضاً، ومن المعيب الجزم بأن الاعلام هو المثير لما نراه، وإنما هذا quot; الاعلام quot; المسكين ما هو إلا لما يكتبه الناس ولم نقرأ إعلاماً وإنما quot; تعليق quot; الناس حتى لا أقول القراء لإنني وعلى مدى أيام أقرأ كلام لايقال، والذي يسمع بإن الاعلام هو وراء ذلك يفهم أن هذه البلاد تحكمها جرائد ورأي وحرية .. هذا لم يحدث ولن يحدث حتى عند المتدمقرطين الفعليين .. إذاً ؟

نعم كتبت في الرياضة وكتبت في السياسة وأعتقدني دون مواربة لا أجادل في مسعى فريقين كرويين الى النوط بالتأهل الى كأس العالم وليس نهائي كأس العالم، لإن الوصول الى هذا الاخير لن يكون في مناط المنتخبين واقعاً لا الآن ولا لاحقاً، وإن كان إتحاد الكرة الجزائري ينساق وراء هذا التيار ويزيد quot; الغاز quot; على النار لكونه لا يريد الفشل في خطوات عمله والخروج من المونديال يعني وداعاً يا روروا، إنما يلزم أن يكون الفشل quot; خارجاً quot; عن إرادته، أما الصحافة والاعلام فهي تنقل ..

وأتساءل عن إتحاد الكرة العربي هنا، ودوره وسط هذه quot; المعضلة quot; وتدخله لإنجاح الحدث الذي يجري على ملاعبه، حتى وإن كانت المباراة مونديالية ومن رقعة منافسات المونديال، والتدخل واجب من خلال وفد بسيط .. لتبقى الامور كروية، ولا أريد خوض الذكاء السياسي الذي تستخدمه كبريات الدول في مواعيد كرة القدم للتقاربات وتقريب وجهات النظر والمصافحات التي تعتبر بمثابة quot; كواليس quot; مفتوحة ويمكننا الاسهاب بالأمثلة، وكم تم إستخدامها وأتساءل هنا عن زيارة الرئيس حسني مبارك للملعب المصري، وإعلان الرئيس الجزائري من جانبه quot; التبرع quot; بسفر عشرة الآف مشجع، وكأن البلدين على واقعة حرب .. يا جماعة، ليس بهذا الشكل الفادح والفاضح، فأنتما أسياد بلدكما وإلا كما يقال .. إذا كان ربا البيت بالطبل ضاربا فما على الساكنين سوى الرقص.

والمعيب أنها التذكرة العربية الوحيدة في كأس العالم، هذا بدل أن يعزز العرب من عمقهم التاريخي ويبينان أخوتهما لبعضهما البعض ومساندتهما لبعضهما، من خلال التواجد جنباً الى جنب وفي السودان وفي نهاية المباراة يصافح الرئيسان المتأهل العربي ... لكن البلدين يتصرفان وكأنهما عرب وعجم، وهو الواقع الذي نشده .. ؟

وكإعلامي .. عايش كأس العالم لمرات منذ مطلع الثمانينيات فإنني وبعد مباراة مصر والجزائر التي تابعتها وجدت أن quot; المهنية quot; الكروية لكلا الفريقين ليست في أحسن حال ولا يمكن قياس المنتخب الجزائري ب quot; النكهة quot; الكروية، وهو يتخبط ململماً كراته ومشتتاً لها ومحافظاً عليها طوال شوط حفاظاً على نتيجة quot; التأهل quot; فهو بذلك يخالف أبسط قواعد الفيفا الكروي باللعب النظيف، أما المصري فهو في أرضه وبين جمهوره لم يفلت في مباراة كان فيها ضاغطاً طوال مجرياتها ولكننا لم نرى تسديدة بعيدة كان يمكنها أن تكون بمثابة الفرج، وعلى حسن شحاتة أن ينظر جيداً وهو أبن الجيل الذي تعتبر فيه أهداف الكرات البعيدة فن بحد ذاته لنتيجة المباراة وللمتعة الكروية.

راجين من المنتخبين أن يفيقونا من سطوة هذا الغم الذي نعيشه، ويبينان أنهما في العمق أفضل من أنظمتهما .. لطالما إعتدنا القول أن الشعوب لاتختلف حتى وإن كانت الانظمة مسرفة .. وكم أتمنى تكون مصر كما عودتنا بعروبتها الكريمة quot; الاصيلة quot; أن تعتذر من الفيفا في هذه المباراة، وأن لا تذهب الى السودان، وتترك التأهل للجزائر .. لطالما أهل الجزائر وكما قرأت .. يرون أن أبواب جانسبورغ بمثابة أبواب quot; الجنة quot; وعفوك يارب .. من أن تجرنا الى خفة العقل هذه التي تبين قهر هذا الشعب على مدى تاريخه، أستعمار، وخونة، وشهداء، ودمار، وجوع، ومذابح كالنعاج باسم الدين، ... رحمك الله يا بومدين، فالجزائر اليوم ليست بتلك التي عرفها ولو سمع كلمة واحدة من الذي يقال لوقف حياً من قبره.