عفوا رئيس الهلال.. هنا أخطأت!
محمد الشيخ

لن امتدح رئيس الهلال الأمير عبد الرحمن بن مساعد على سلسلة الدروس التي قدمها في حواره الأخير، فالمديح فن لا أجيده؛ لكنني سأكتفي بالقول بأن ما سمعناه على مدار ساعتين يمثل كل معاني المسؤولية.

تلك المسؤولية التي جعلته يحمل نفسه فاتورة الإخفاقات التي صاحبت مسيرة الفريق في الموسم المنصرم، لاسيما في مرحلة ما بعد كوزمين حينما أشار إلى ذلك بقوله: quot;ربما لم نوفق في التعامل في مرحلة ما بعد كوزمين, ربما لم نوفق في إخراج اللاعبين من الفراغ الذي حدث آنذاكquot; مردفا حديثه باعتذار لجماهير ناديه.

عند هذه النقطة سأتوقف لأستفيض؛ لأن الانقلاب الذي عاشه الهلاليون في مستوى الفريق ونتائجه إنما حدث بعد قرار إبعاد كوزمين، فما قبل القرار مرحلة، وما بعده مرحلة، وببساطة أكثر فإن القرار كان خطا فاصلا بين مرحلتي الاستقرار واللا استقرار.

هذا الكلام قلته غير مرة وأكدت عليه في مقالاتي وآرائي المتلفزة، بل وزدت عليه محملا إدارة الهلال وجهاز الكرة مسؤولية الإرباك الفني والإداري الذي صاحب القرار، بإضاعتهم لبوصلة القيادة في أحلك الظروف وأصعبها، قلت ذلك لأنني أريد أن أضع المعنيين بأمر الهلال أمام الواقع دون مواربة أو تدليس، ولثقتي بأنهم يريدون ذلك، بعيدا عن فنن التملق وشطارة مسح الجوخ، فخرج من أراد حرف كلامي عن موضعه، بكلمات لا تغني أصحاب البيت الأزرق ولا تسمنهم من جوع، حتى جاء إنصافي من ربان السفينة الزرقاء باعترافه بذلك وأكثر، على الرغم من أنه كان قادرا على تعليق الإخفاقات على غير مشجب، ولو فعل ذلك لما عارضه منصف، ولا غالطه حاقد، فتلك أيضا حقيقة تجعلني أقول للرئيس الهلالي هذه المرة لحظة من فضلك، فهنا أخطأت!.

أخطأت يا رئيس الهلال لأنك حملت نفسك ما لا تحتمل، بإعلانك تحمل المسؤولية وحدك، في حين أن مسؤولية الإخفاقات صنعتها ظروف خارجة عن الإرادة، وساهم فيها مدير كرة حديث تجربة، ومدرب مغامر، وآخر خوَّاف، ولاعب مستهتر، ومثله لم يقدر المسؤولية، وثالث لم يعر وزنا لنفسه وناديه، وفوق هذا وذاك فإن معادلة البطولات تقوم على إما الفوز أو الخسارة، ولا شيء بينهما، ولذلك فنحن وإن وضعناك شريكا في الإخفاق، فلا يعني أن نقبل بأن تتبناه وحدك، وإلا سنكون ممن يباركون ثقافة quot;للفوز ألف أب وللهزيمة أب واحدquot;، وتلك ثقافة تكرس للانهزامية، وتدفع باتجاه الهروب من المسؤولية.

وأخطأت حينما ظننت أن كل الوسط الرياضي مسكون بهواجس حمل الكؤوس واحتضان الدروع، فاعتذارك للجماهير الهلالية على الإخفاق في استدعاء البطولات غير مقبول، إذ أنها تدرك عن قناعة، وتؤمن عن حقيقة بأنك البطولة الأغلى، والإضافة الكبرى للمسيرة الزرقاء، ومعها أيضا المنصفون الذي لمسوا ما زرعته في عامك الأول من ثقافة في أرضنا الرياضية المتصحرة بالكراهية، والموبوءة بالأحقاد، فراهنوا على أن بقاءك في الوسط الرياضي سيغير خارطة التنافس المحلي من صراع على ذهب البطولات إلى تنافس على قيم الفضيلة، وهو ما نريده!

عن الرياض