قد يحتفل فلافيو برياتوري بقرار محكمة فرنسية برفع الحظر عن حياته المهنية في رياضة سباقات السيارات لدوره في quot;كراش غيتquot;، إلا أن الرجل الذي كان له دوراً أساسياً في فرض عقوبات الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) على برياتوري يقول إنه مازالت هناك إمكانية لمنع الايطالي من العمل مع الفورمولا1 مرة أخرى.

ماكس موسلي، رئيس الاتحاد الدولي للسيارات، تقاعد بعد وقت قصير من ترؤسه لجلسة استماع للمجلس العالمي لرياضة السيارات في ايلول الماضي، التي أسفرت عن ايقاف رئيس فريق رينو السابق فلافيو برياتوري من التعامل مع هذه الرياضة مدى الحياة وذراعه الأيمن مدير الهندسة السابق في الفريق بات سيموندز لمدة خمس سنوات، لتآمرهما مع السائق نيلسون بيكيه الابن بافتعال حادث تصادم في سباق سنغافورة للجائزة الكبرى في 2008. ومنذ ذالك الحين فقد ترك لخليفته جان تود بتحقيق انجازات فيا من مقره في ميدان الكونكورد في باريس، إلا أن قرار محكمة ابتدائية في العاصمة الفرنسية الذي صدر الثلاثاء الماضي بالمساح لبرياتوري وسيموندز باستئناف حياتهما المهنية كانت ضربة حساسة بالنسبة إلى موسلي.

وباختصار، فإنه ما زال مصراً على أن التدابير التي اتخذها فيا بشأن quot;كراش كيتquot; تحت قيادته لا يمكن التراجع عنها. وقال إن تود يفكر بالروحية ذاتها.

وفي مقابلة حصرية لصحيفة quot;ذي تايمزquot; نشرت الخميس الماضي، جادل موسلي أن سبب وجود الهيئات الرئاسية وعملها في الرياضة سيقوضه رجال مثل بارياتوري وسيموندز، إلا أن الأول نفى علمه بالتآمر، أما الثاني فقد اعترف بذنبه ولكنه تراجع عنه بعد ذلك. وأضاف: quot;إذا كنا لا نستطيع معاقبة شخص ما مثل ما فعله برياتوري وسيموندز، فإن كل الغرض والأساس من فيا سيكونان تحت المساءلة، لأنهما يدخلان في صميم السلامة والانصاف وفي كل النقاط الأخرى لنشاطاتنا. وهذا سيقود في النهاية إلى مدى مصداقية الفورمولا1، لأنه لا يمكن تصور مثلاً خطورة أكثر من الغش الذي حدث في سنغافورة، ليس فقط أن الحادثة كانت خداعاً من وجهة نظر الغش بل إنها عرضت حياة الرياضيين للخطرquot;.

وعلل موسلي عدم تدخله في هذه القضية في هذه المرحلة على أنه مثال واضح لمحاولته إدارة الاتحاد الدولي للسيارات من قبل تود وحده بعدما سلمت إليه. إلا أنه ادعى أنه يتحادث مع الرئيس الجديد وأيضاً مع بيرني ايكلستون، صاحب الحقوق التجارية لفورمولا1، من وقت لآخر فقط على أساس الصداقة التي تربطهما. وأكد أنه لا يحاول اقحام نفسه فيها.

وقال الرئيس السابق لفيا إن احتفال برياتوري بعد صدور الحكم الثلاثاء الماضي كان سابقاً لأوانه، لأنه حتى لو لم يستأنف المجلس العالمي للرياضة القرار في المحاكم الفرنسية، فإنه سيغير الأنظمة الرياضية. ويمكن القيام بهذا التغيير بشكل سريع جداً لإعطاء الاتحاد الدولي للسيارات السلطة لاستبعاد أي شخص تصرف بما يخالف القواعد الأساسية للرياضة أو قام بعمل خطير في أي نشاط من أنشطة رياضة السيارات.

أما برياتوري فقال إنه يفكر بالعودة إلى الفورمولا1. كما كشف عن أنه قد يشرع باتخاذ اجراءات قانونية ضد بيكيه الابن ووالده بسبب اخلالهما بالعقد. ويعتقد موسلي بأنه سيلاقي استجابة قوية وصلبة من السائق البرازيلي ووالده إذا قام بذلك quot;لأن عيونه ستذرف بالدموعquot; إذا قدما شكوى مضادة.

وتركز قرار المحكمة لمصلحة برياتوري على حجج أن موسلي قد سمح لنفسه بالتورط في التحقيقات، لذا فإن القاضي وهيئة المحلفين اعتبروا أن إبعاد الايطالي كانت بدوافع شخصية. إلا أن موسلي نفى ذلك وقال إنه كان يتمتع معه بعلاقة صداقة ودية حتى نهاية تموز الماضي عندما كانا quot;يتحادثان ودياًquot; على مأدبة الغداء. ولكنه اضاف انه بمجرد أن بيكيه الابن أدلى ببيان رسمي زاعماً أنه طُلب منه افتعال حادث التصادم الذي بسببه اجبر خروج سيارة الامان ومن ثم السماح لزميله الاسباني فرناندو ألونسو على المضي قدماً للفوز بسباق سنغافورة، فلم تكن لديه أي خيار سوى فتح التحقيق، قائلاً: quot;لو كان أي شخص في مكاني فلا يمكنه أن يفعل أي شيء سوى أن يأمر بفتح التحقيقquot;.

وادعى موسلي أن المحكمة الفرنسية قضت لمصلحة الايطالي في ما يتعلق بالجوانب الفنية، ولكنها لم تناقش قضية فيا الموضوعية، ذلك أن برياتوري وسيموندز شاركا فعلياً في هذه المؤامرة وحضرا اجتماعاً حاسماً قبل بدء السباق حيث نوقشت فيه الخطة مع بيكيه وعضو رابع في الفريق الذي تم تعريفه حتى الآن باسم quot;الشاهد إكسquot;.

وما زال موسلي يؤكد أن رئيس فريق رينو السابق متورط بالمشاركة في افتعال الحادث، وادعى أن سيموندز لا يمكنه القيام بذلك وحده اطلاقاً إذا لم تكن هناك أوامر من رئيسه، بالإضافة إلى أن هناك أدلة دامغة بوجود أربعة أشخاص حضروا الاجتماع، وسيموندز اعترف خطياً بذنبه ثم تراجع عن ذلك في وقت لاحق.

من جهته، يدرس الاتحاد الدولي للسيارات إمكانية استئناف القرار الذي لم يكن يتوقع بأن المحكمة كانت ستتجاوز قرار هيئته العليا. وإذا قدم استئنافه فمن شأنه أن يبقي هذا الحظر حتى صدور القرار النهائي من محكمة الاستئناف، بعدما وضع في اعتباره السلامة واستقامة الرياضة. وصمم في بيان أصدره نهاية الأسبوع على ضمان أن مثل برياتوري وسيموندز يجب أن يدفعا ثمن جرائمهما، وبعدم السماح لأشخاص يشاركون في مثل هذه الأنشطة الخطرة أو أعمال الغش المتعمد من بالمشاركة في الفورمولا1 مستقبلاً.

واستشهدت محكمة ابتدائية فرنسية لقرار إلغاء الحظر بوجود quot;مخالفاتquot; في حكم فيا، وأمرت باعطاء برياتوري 15 ألف يوريو على سبيل التعويض. أما بات سيموندز الذي كان قد تم حظره أيضاً لمدة خمس سنوات للسبب ذاته، فقد قررت المحكمة إلغاء الايقاف وأمرت بمنحه 5 آلاف يوريو للأضرار التي لحقت به.

وقال القاضي في محكمة فرنسية: quot;المحكمة ألغت العقوبات غير القانونيةquot;. ودعا الاتحاد الدولي للسيارات إلى اخطار أعضاءه في غضون 15 يوماً بالقرار أو مواجهة غرامة قدرها عشرة آلاف يورو عن كل يوم تأخير. إلا أن الفريق القانوني التابع للاتحاد أكد أنه سيدرس كل الخيارات، وربما سيطلب استئناف الحكم.

يذكر أن برياتوري كان غاضباً عندما وجهت إليه الاتهامات في القضية، وادعى بأن قرار فيا كان quot;سخيف قانونياً واستخدمه كأداة للانتقام من رجل واحد، بالإضافة إلى تجاوز استخدام السلطة بشكل واضحquot;. وكان قد قدم استئنافه في تشرين الأول الماضي، مدعياً أن حقه في الدفاع عن نفسه بصورة حرة ونزيهة كان قد تم الاستهزاء بها.

وكان بيكيه قد أثار واحدة من أكبر الفضائح في عالم الرياضة عندما أعلن عن الحادثة بعدما استغنى فريق رينو عن خدماته في تموز الماضي.

أما برياتوري فقد قال بعد قرار المحكمة إنه من السابق لأوانه الحديث للعودة إلى الفورمولا1: quot;اسمحوا لي أن اغتنم القليل من الوقت لاستمتع بهذه اللحظات من السعادة بعد هذه الفترة الصعبةquot;.

أما صديقه القديم ايكلستون فإنه لم يكن واثقاً من عودة الايطالي إلى حلبة السباقات كونه مرتبطاً مع واحدة من أسوأ الفضائح في تاريخ الرياضة. وقال: quot;لا أعرف كيف يريد العودة. وإذا أراد، كيف سيفعل ذلك؟ إن أكبر مشكلة... هو إذا ما اعتقل شخص ما بتهمة القتل المتعمد وبرأته المحكمة ولكن ما زال يحمل صفة القاتلquot;.

ويود ايكلستون من الرئيس الجديد لفيا جان تود بإسقاط هذه القضية التي تبدو غير مرجحة اطلاقاً، معللاً ذلك بقوله: quot;لو كنت رئيسا للاتحاد لدعيت برياتوري لأقول له لنتحادث في الموضوع، ربما كان قرارنا جائراً بعض الشيء، دعنا نحاول اصلاح الأمورquot;.

وفي وقت لاحق من يوم الثلاثاء أعلن رينو أن السائق اريك بويلير سيقود فريقه في سباقات الفورمولا1 للموسم الجديد. علماً أنه ليست لدى اريك (36 عاماً) أي خبرة في سباقات الجائزة الكبرى وسيكون واحداً من المسؤولين الشباب في حلبات السباق التي ستوسع نطاقها إلى 13 فريقاً.

يذكر أن الاتحاد الدولي للسيارات قرر في جلسته في باريس في ايلول الماضي ايقاف رئيس فريق رينو لسباقات فورمولا1 مدى الحياة، وذلك لدوره في عملية الاحتيال التي وقعت في سباق سنغافورة للجائزة الكبرى العام الماضي.

وقضت الجلسة بأن أي شخص يحمل، على وجه التحديد، رخصة المجلس العالمي لرياضة السيارات لا يمكنه العمل إطلاقاً مع الايطالي في المستقبل. وهذه هي أشد عقوبة التي بموجبها لم يعد يسمح لبرياتوري بالحضور إلى سباقات الجائزة الكبرى مستقبلاً حتى ولو كان متفرجاً. أما سيموندز فقد تم معاقبته بعقوبات مماثلة، إلا أنها حددت بفترة خمس سنوات فقط. يذكر أن الاثنان كانا قد انفصلا عن فريق رينو قبل اسبوع من اصدار هذا القرار، في الوقت الذي أعلنت شركة السيارات الفرنسية العملاقة أنها لن تشارك في هذه النزاعات.

وعلى نقيض من عقوبة برياتوري وسيموندز، فإن رينو افلتت بخسائر بسيطة نسبياً. فقد عوقب الفريق بحظره لأجل غير مسمى لتحديد ما اعتبر الحادث أنه الأول من نوعه تحت الأضواء الكاشفة لسباقات الجائزة الكبرى، ولكن تنفيذ القرار أُجل حتى عام 2011.

وكان بيكيه وألونسو قد حضرا جلسة الحكم على الايطالي في ايلول الماضي، لكن أياً منهما لم يتم معاقبتهما في هذه القضية. فالأول كان يعلم بأنه سوف لن تفرض عليه عقوبات لأنه كان قد وافق مسبقاً على تقديم الأدلة على أساس الحصانة، في حين أن الثاني كان قد أكد باستمرار أنه لا يعرف شيئاً عن المؤامرة.