يكاد يكون انطونيو دي ناتالي مهاجماً مجهولاً، ولكن الكثير سيكونوا مندهشين لرؤيته ينافس لاعبي كرة القدم النجوم من أمثال واين روني وليونيل ميسي على لقب جائزة quot;الحذاء الذهبيquot; لهذا الموسم كأفضل هداف في كرة القدم الأوروبية.

وعلى رغم أن تركيز الاهتمام على دوري الدرجة الأولى الايطالي يدور غالباً حول المنافسة على اللقب بين ناديي مدينة ميلان، إلا أن كابتن أودينيزي دي ناتالي (32 عاماً) يتصدر قائمة هدافي هذا الدوري برصيد 21 هدفاً لحد الآن، ويواصل نشاطه المدوي بغض النظر عن مدى سوء أداء زملاءه على أرض الملعب.

ويتمتع دي ناتالي بأفضل موسم له على الاطلاق، ويحاول بمفرده تقريباً الحفاظ على تاريخ نادي الطرف الشمال الشرقي لايطاليا في دوري الدرجة الأولى. وعلى رغم خسارة أودينيزي 4-2 أمام روما في نهاية الأسبوع الماضي، إلا أن العرض الذي قدمه كان أفضل بكثير من عروضه المعتادة، ولكن مازال هناك الكثير من الثغرات في خط دفاعه. وحتى محاولة حصوله على نقطة كان يبدو غير مرجحاً بعدما كان متأخراً 2- صفر في منتصف الشوط الأول، ومع ذلك تمكن دي ناتالي من تسجيل هدفي ناديه، والأول جاء من ركلة جزاء.

ويقبع أودينيزي حالياً في المركز الـ17 في دوري سيريا آ بفارق 4 نقاط عن منطقة الهبوط. وعلى رغم أهداف دي ناتالي، إلا أنه من شبه المؤكد أن يحتل النادي أحد المراكز الثلاث في القاع ويحدق إلى العودة للدرجة الثانية للمرة الأولى منذ موسم 1994/1995.

ومع ذلك، فإن حقيقة أن المهاجم الايطالي الدولي مازال يلعب في دوري الدرجة الأولى، ناهيك عن التهديف بغزارة، تعتبر خطوة بارزة في شجاعة وشهادة كبيرة لهذا اللاعب. وكان معظم المراقبين الذين ظنوا أنه سوف لن يعود إلى هذا النوع من المستوى بعد اصابته البليغة التي تعرض لها أثناء مشاركته مع منتخب بلاده ضد الجبل الأسود في التأهيلات لنهائيات كأس العالم قبل سنة تقريباً. فقد اصيب في أربطة ركبته اليسرى بعد سقوطه برعونة قبل وقت قليل من نهاية المباراة، حتى أن بعضهم اعتقد بأنه قد تهدد حياته المهنية على رغم من التشخيصات المحسنة.

وتكريس الربيع والصيف الماضيين لإعادة تأهيله المؤلم، مكنته من استعادة لياقته البدنية والاستعداد لموسم جديد مع أودينيزي. وبإستعادة تألقه في وقت مبكر مكنته من تسجيل سبعة أهداف في أول خمس مباريات له في الحملة الحالية. وأثبت لمارتشيلو ليبي، مدرب منتخب ايطاليا، أنه كان لائقاً تماماً حتى اضطر الأخير إلى إعادته لتشكيلة المنتخب للمباراتين أمام جمهورية ايرلندا وقبرص في الخريف الماضي.

يذكر أن ليبي لم يختر دي ناتالي في تشكيلة المنتخب الايطالي الذي فاز بكأس العالم قبل أربع سنوات. ولكن يبدو من المرجح هذه المرة أن يختاره المدرب ربما ليكون احتياطياً لفينتشينزو ياكوينتا وألبرتو غيلاردينو، خصوصاً مع اختيار المهاجمين لوكا توني وأليساندرو ديل بييرو، وربما غوسيبي روسي، ضمن التشكلية الـ23 الذاهبة إلى جنوب افريقيا هذا الصيف.

وبعودة دي ناتالي إلى شكل تألقه الحالي، فإنه ربما سيغلق الباب أمام عودة المتقلب المزاج انطونيو كاسانو إلى التشكيلة الايطالية، وكذلك ضمان بقاء معجزة انترناسيونال الشاب ماريو بالوتيلي في بلده أيضاً. وعلى رغم أن المناقشات التي تجري الآن في ايطاليا مازالت محتدمة حول ما إذا كانت تشكيلية ليبي معمرة جداً مع استخدام دي ناتالي مثالاً ممتازاً على رغم سرعته وابداعه اللذان بالكاد يجري التقليل من قيمتهما بسبب كبر عمره واصابة ركبته، إلا أنه بالنسبة إلى هؤلاء، فإنهم يبذلون جهوداً كبيرة لتكون ايطاليا أول دولة تفوز بكأس العالم للمرة الثانية على التوالي منذ فوز البرازيل في عامي 1958 و1962.

ومع ذلك، فإنه يبدو أن مهاجم أودينيزي يأخذ كل شيء حسب مساره، الذي هو على الأرجح من بين الأسباب التي يبدو أنها تدفع ليبي الآن بالاعتماد عليه. لأنه، بكل صراحة، يملك القيم الشخصية العليا بغض النظر عما إذا كان قد حصل على الاستحسان مسبقاً أم لا. وعلى رغم وضوح ثقة ليبي به، إلا أن دي ناتالي بالتأكيد لا يمكنه أخذ تذكرة الطائرة إلى نصف الكرة الجنوبي بأنه أمراً مفروغاً منه. وقد لعب للمرة الأولى من مبارياته الـ31 مع منتخب بلاده في عام 2002 عندما كان مع ناديه السابق امبولي. ولكن بعد ذلك كان يشارك بصورة متقطعة، حتى أصبح أكثر منتظماً قبل أعوام عدة. ومازالت شعبيته ضئيلة لدى بعض النقاد، على رغم أن ليبي أثبت ضعفه نسبياً أمام الرأي العام والصحافة بعد اضطراره إلى الإعلان عن تحمله العبء الأكبر للظهور الفاتر لايطاليا في كأس الأمم الأوروبية عام 2008، خصوصاً بعدما أهدر الفريق ركلة جزاء ترجيحية حاسمة في الدور الربع النهائي أمام اسبانيا.

ومثل العنقاء، فإن دي ناتالي أصبح ماهراً جداً بالانبعاث من الرماد عندما بدا أن حياته المهنية قد احترقت في الأرض. وما إذا كان الموقد قد اشعل من قبل وسائل الإعلام أو إصاباته أو انخفاض أداءه أحياناً، إلا أن سلوكه الراقي هو أحد أسباب حصوله على تقدير كبير على حد سواء من ليبي والعديد من المشجعين الايطاليين وزملاءه.

ويعتبر دي ناتالي لافتاً للنظر بالنسبة إلى اللاعبين الايطاليين النخبة، فهو لم يرتد اطلاقاً قميص أي من quot;الأندية الثلاث الكبرىquot; في ايطاليا: انترناسيونال وميلان ويوفنتوس، وفي الواقع حتى قمصان روما أو فيورنتينا. وسبق له أن ارتبط مع انتقالات الأموال الضخمة في عامي 2007 و2008 مع أندية مختلفة في المانيا واسبانيا. كما جرى تحريكه أيضاً جنباً إلى جنب مع بعض الأندية المعتاد الاشتباه بهم في دوري درجة الأولى الايطالي، ولكنه أنهى كل التكهنات بعد توقيعه عقداً جديداً قبيل بداية الموسم الماضي الذي سيبقيه في أودينيزي حتى عام 2013.

ولم يكن اسمه في سجل أكثر من ناديين منذ احترافه، فقد أمضى ثماني سنوات مع أمبولي، على رغم أنه تم إعارته مرات عدة في السنوات المبكرة من حياته المهنية. ومن ثم، بعد هبوط ناديه إلى الدرجة الثانية، انتقل إلى أودينيزي في عام 2004. وبقي دي ناتالي في هذا النادي منذ ذلك الحين، على رغم أنه من سكان الجنوب ويعيش في مدينة شمالية متأثرة بنفوذ قوي للجرمانية، إلا أنه قال مؤخراً: quot;أحب المدينة لأنها ممتعة وتناسبني وعائلتيquot;.
وهو بالتأكيد لا يشعر بالحنين إلى مدينته بوميليانو داركو، التي تقع إلى شمال شرقي نابولي، على رغم أنه يحب دائماً أن يروي قصة كيف أنه اشتاق إلى عائلته عندما هرب من مدرسة امبولي لتدريب الشباب عندما كان عمره 13 عاماً بعد بضعة أيام فقط في اقليم توسكانا.

بمعنى أنه مازال يعدو، ويعدو سريعاً، ما أثار الدهشة والإحباط المستمر لخط دفاع الفرق المنافسة.

يذكر أن روني قد سجل لحد الآن 39 هدفاً في 47 مباراة، وميسي 36 هدفاً في 50 مباراة ويليهما دي ناتالي بـ21 هدفاً في 33 مباراة.