من الأسلم أن نفترض أنه عندما يحين موعد المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في 22 أيار، فإن الجذور الافريقية ستكون في فريق واحد، وهو انتر ميلان.
تأسس انترناسيونالي بهدف الانفتاح على الأجانب، وبقي وفياً لجذوره مع مجموعة متنوعة ليس فقط من اللاعبين الأوروبيين والأميركيين الجنوبيين، بل ثلاثة أفارقة، على عكس خصمه في ذلك اليوم بايرن ميونيخ الذي لا توجد في تشكيلته أي افريقي.
وعلى رغم أن جماهير الكاميرون وغانا وكينيا سيصرخون بأعلى أصواتهم لتشجيع نجومهم ndash; صامويل إيتو وسولي مونتاري وماكدونالد مارياغا، إلا أنه سيكون هناك دعماً قارياً هائلاً لجوزيه مورينيو. وهذا يعود إلى حد كبير بسبب شعبية تشلسي في افريقيا، وبالتأكيد ازدادت قاعدة الدعم للبرتغالي، خصوصاً أن مدرب انتر ظل دائماً يعطي الفرصة للاعبين أفارقة.
وبدأ مورينيو يصعد إلى أعلى السلم الأوروبي مع بورتو البرتغالي في لحظة حاسمة للنجاح المذهل في الدور قبل النهائي عام 2004 عندما هزم مانشستر يونايتد 3-2 في مجموع المباراتين مع مشاركة بيني مكارثي من جنوب افريقيا.
وعندما استقر في غرب لندن، فإن quot;المدرب الخاصquot; انكب بنشاط في محاولة لشراء خدمات لاعبين أفارقة الذين بالكاد كان معظم مشجعي تشلسي قد سمعوا عنهم. وتحت سمعه وبصره فإن الأسماء الكبيرة مازالت في ستامفورد بريدج حتى اليوم: ديدييه دروغبا ومايكل اسين وجون اوبي ميكيل وسالمون كالو. وجميع هؤلاء الذي تعاقد معهم برزوا بشكل رائع.
والأن يحصل الشيء ذاته مرة أخرى في انتر. وكان مونتاري هناك بالفعل عندما وصل مورينيو إليه، ولكن quot;خبير التكتيكاتquot; حصل على توقيعي إيتو ومارياغا.
ومن الواضح أن البرتغالي ليس فقط هو المدرب الذي لديه سمعة عالية في دوري أبطال أوروبا لملء الميدان مثل هؤلاء اللاعبين. فأسماء مثل ارسين فينغر وجوسيب غوارديولا تظهر على البال، ولكن تقدير مورينيو للأفارقة من المؤكد أنه يسير باتجاهين بالنسبة إلى القارة: مذاقه الأنيق ورفضه أن يكون خائفاً من المجازفة. ومن حقيقة أن زوجة مورينيو كانت قد ولدت في أنغولا، فإنه من السهل أن نفهم لماذا لديه الكثير من المشجعين الأفارقة.
وفي حين أن البرتغالي كان بالتأكيد الفائز الأكبر يوم الأربعاء الماضي، إلا أن إيتو لم يكن يبتعد عن هذا النجاح كثيراً. فعلى رغم كل النجاحات التي حققها اللاعب مع برشلونة ndash; الفائز مرتين ببطولة دوري أبطال أوروبا وثلاث مرات بالدوري الاسباني ndash; إلا أنه شعر في موسمه الأخير أو نحو ذلك وكأنه أصبح مرفوضاً. وبعدما فشل غوارديولا على إبعاده في صيف عام 2008، رد المهاجم الرشيق بأسلوب رائع مسجلاً ما يقرب من 40 هدفاً.
ومع ذلك، ففي نهاية الموسم عندما فاز برشلونة بالألقاب الثلاث التاريخية، إلا أن الكاميروني ظل فائضاً عن الحاجة وذهب إلى انترناسيونال بعدما تم استبداله بزلاتان إبراهيموفيتش مع 46 مليون يورو.
وبالتالي، فإن هذا المبلغ أصبح في المصرف ومع إيتو والتأهل لنهائي دوري أبطال أوروبا، فإنها ليست صفقة سيئة، خصوصاً إذا أخذ في الاعتبار أن جيرار بيكيه شكل أكثر تهديداً من quot;إبراquot; في مباراة الأربعاء الماضي.
وعلى رغم أن جماهير برشلونة استقبلت إيتو استقبالاً حاراً، إلا أنه أظهر ضبط النفس من اللاعب الذي لم يشتهر بالسيطرة على انفعالاته، ولكنه بالتأكيد كان مضطرباً داخلياً. وفي وقت سابق من هذا الموسم كان عليه أن يعود إلى نو كامب في لقاء انترناسيونال في مرحلة المجموعات، فقد وقف ما يقرب من 100 ألف كتالاني للتصفيق للاعب الذي يقدرونه أكثر من الجهاز الفني في النادي. ولكن في هذه المرة كان هناك ارتياحاً لا مثيل له لأنه أقصى المدرب والنادي، اللذين كانا لا يريدانه، من دوري أبطال أوروبا. وبعد تواصل بعثات quot;الثأرquot;، وإن كان إيتو قد عاد مرات كثيرة إلى بيرنابو منذ انتقاله من ريال مدريد، إلا أنه لم تسنح له فرصة لرفع كأس البطولة في عقر داره حيث ستقام المباراة النهائية في بيرنابو يوم 22 أيار الجاري.
ومن المؤكد أن ريال مدريد سيرتبك مرة أخرى، مثلما فشل في اقتناء الشاب الذي كان يرتجف في المطار، ثم لم يقدم له فرصة حقيقية للعودة إلى خوض مباراة بكرة القدم التي كانت تعني الكثير بالنسبة إليه. وبعدما شُحن إلى مايوركا فإن الماضي أصبح تاريخاً بالنسبة إلى إيتو. والآن، ومع المفارقات الكثيرة، سيعود إلى بيرنابو بعد حصوله على المزيد من ميداليات دوري أبطال أوروبا منذ رحليه، وحتى أكثر من ميداليات ريال مدريد نفسه. وقد يتساءل المرء كيف سيقيم مشجعو ريال مدريد استراتيجية ناديهم عندما يجدون ليس واحداً بل ثلاثة لاعبية سابقين يرجعون إلى بيرنابو، حيث سينضم إلى إيتو الثنائي الهولندي الرائع ويسلي شنايدر (انتر) وارين روبن (بايرن ميونيخ).
وللمباراة التي لا مثيل لها فإنه من المرجح أن يكون إيتو هو الوحيد من الأفارقة الثلاث في التشكيلة الأساسية لانتر ضد بايرن ميونيخ. فبالنسبة إلى مورينيو فإنه قد يشارك مارياغا بتمهل، وذلك كبديل أساساً وفي وقت متأخر لدعم فريقه. في حين أنه ليس من المرجح أن يضع المدرب ثقته في مونتاري بعد سوء أداء الغاني في اسبانيا. فقد دخل بديلاً في الشوط الثاني. وحصل لاعب خط الوسط على بطاقة صفراء في الدقيقة الـ82 من المباراة، ولم يستطع أن يضع بيكيه في حال التسلل عندما سجل برشلونة هدفه في الدقيقة الـ84، وأخذ يسحب داني ألفيس من قميصه في منطقة الجزاء في الدقيقة الـ88 لما بدا ركلة جزاء واضحة التي لم يحتسبها حكم المباراة.
وسبق أن غاب مونتاري من حملة غانا الناجحة لنهائيات كأس الأمم الافريقية بسبب عدم الانضباط، والكارثة في كاتانيا الشهر الماضي عندما تم طرده بعدما منحت ركلة جزاء ضد فريقه في غضون دقيقتين من نزوله على أرض الملعب.
في غضون ذلك، علاقة الحب بين الكينيين ومارياغا وصلت إلى آفاق جديدة، ليس فقط لأنه أول كيني يشترك في دوري أبطال أوروبا، ولكن مارياغا كفل أصالة كرة القدم في شرق افريقيا ndash; عشية غيابهم من كأس العالم ndash; لأنه سيقدم عرضاً في واحدة من أكبر الأحداث في كرة القدم.
وكما أن الإثارة تتصاعد في كل أنحاء افريقيا حول نهائيات كأس العالم التي تلوح في الأفق، فإن نهائي دوري أبطال أوروبا ينبغي أن يكون quot;رفع الستارquot; المثالي للاعبين الكبار. ويتيح لمونتاري ومارياغا فرصة الانضمام إلى مجموعة مختارة من اللاعبين الأفارقة البارزين الذين فازوا بكأس أوروبا، ومن بينهم بروس غروبيلار وعبيدي بيليه ورباح ماجر وصامويل كوفور وكانو وجيمي تراوري.
التعليقات