يقول الصحافي البريطاني أندرو نورث إنه قد تخيل للحظة أنه واقف على ضفاف نهر التيمز مع ايقاعات التجديف الطويلة والمحكمة للمجدفين العراقيين اللذين يرتدان الملابس المطاطية الخضراء وهما يشقان مركبهما الصغير والمهلك في مياه نهر دجلة. والصوت الوحيد الذي كان يسمعه المرء هو حركة راحة المجداف والأزيز الهادئ لمحرك ينطلق خلفهما.

ولكن هذه الصورة تحطمت عندما استدار الملاحين بمركبهما في منحنى وظهر مبنى تم تدميره من جراء القصف الأميركي، وفي بعض الأحيان تُفسد صوت اطلاق النيران أو الانفجارات البعيدة الدورات التدريبية لحيدر رشيد وحمزة حسين.

هذا هو عالم ثنائي التجديف الأولمبي العراقي في الوقت الذي يستعدان فيه للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية التي ستقام في لندن عام 2012، حيث أنهما يخططان للمشاركة في سباق التجديف المزدوج.

ومثل جميع الرياضيين من الدول الأخرى الذين يودون إبراز مهاراتهم في الألعاب الأولمبية، يتدرب حيدر وحمزة لساعات عدة كل يوم في دجلة أو على آلات التجديف أو على رفع الأثقال في مرفأة على ضفاف النهر. وكان هناك بعض من التجديف في عهد النظام السابق عندما حاولا ممارسة هذه الرياضة، ولكن منذ إطاحة النظام من قبل قوات التحالف لم تلق هذه الرياضة اهتماماً جدياً أو تأييداً، إلا أنه تم تشكيل اتحاد التجديف الوطني. وأصبح حيدر وحمزة من النجوم الذين فازوا بميداليات عدة في كل من المسابقات الاقليمية مثل دورة الألعاب الآسيوية. وشاركا كذلك في الألعاب الأولمبية التي اقيمت في بكين عام 2008، وقد يحققان حلمهما بالمشاركة في أولمبياد لندن 2012 الذي كثيراً ما بدا وكأنه حلماً بعيد المنال على مدى السنوات القليلة الماضية.

في بعض الأحيان، وبسبب إراقة الدماء والفوضى، فإنهما لم يكونا قادرين على التدريب على الاطلاق، خصوصاً في عام 2006 عندما قررا التخلي عن رياضتهما المحببة كلياً بعد تصاعد أعمال العنف في بغداد واشتباك الميليشيات للسيطرة على مناطق على امتداد نهر دجلة. ولكن كان هناك شيء من التعبير عن التفاؤل عندما تم الانتهاء العمل في مبنى الاتحاد العراقي للتجديف في العام الماضي قبل انزلاق الأمور إلى الفوضى مرة أخرى، وغادر حيدر رشيد بلاده وطلب اللجوء إلى السويد، إلا أن رئيس اتحاد التجديف أقنعه بالعودة ليكون فريقاً ثنائياً مع حمزة حسين من جديد.

إلا أن العنف لم يتوقف على رغم تراجعه بنسبة كبيرة. ومازالت بغداد واحدة من مدن العالم الأكثر خطورة، وهي ليست المكان المثالي المناسب للتدريب لدورة الألعاب الأولمبية. وبعدما ترعرع حيدر وحمزة في بغداد، فإنهما يعرفان جيداً أن الاضطرابات المتكررة لتدريبهم ستجعل من الصعب عليهما القيام بعمل جيد في لندن، إذ يقول حمزة: quot;بالطبع نحن نأمل أن تهدأ الأمور كثيراً، ولكن من الصعب جداً الفوز بميداليةquot;.

ويأمل حيدر وحمزة من الحصول على التمويل اللازم حتى يستطيعان من القيام بالتدرب خارج العراق، خصوصاً في المنافسات التي تسبق انطلاق أولمبياد لندن، لأن التجديف أصبح الآن كل حياتهما. ولكن حيدر اقتنع أولاً بعد محاولة من قبل صديقه الذي يعيش قرب النهر على أن يتدرب في دجلة، وبعدها بدأ حمزة بالتدريب على التجديف، لأن التفاني والدقة التي تتطلبها هذه الرياضة تناسب مزاجه، عندما أوضح: quot;أي شيء أقوم به أحاول أن أنجزه بكل دقة، أو لا أفعل شيئاً على الاطلاق. مازال لدينا الوقت على رغم بلوغي الـ35 عاماً. التجديف هي رياضة للاستمرار، والعمر ليس مشكلة طالما نواصل التدريب ونمارس هذه الرياضةquot;.

يذكر أن المجداف حمزة حسين جبر تأهل وزميله حيدر نوزاد (أو كما يسمى حيدر حمه رشيد المولود في بغداد لأبوين كرديين في 20 نيسان 1983) لمنافسات التجديف المزدوج للرجال في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي اقيمت في بكين عام 2008 وذلك من خلال دعوة اللجنة الثلاثية وشاركا في تصفيات أولمبياد بكين في آخر لحظة وذلك بعدما رفضت كوريا الشمالية دعوة لارسال المجدافين، لذا اعيد توزيع الدعوات ودعت العراق للمشاركة. وكانا عضوين من مجموع أربعة رياضيين فقط للمنتخب العراقي الأولمبي لعام 2008. ومازال حيدر وحمزة يتدربان في نهر دجلة وسط بغداد.