قبل انطلاق كأس العالم كان هناك حفل (فيفا) المصاحب عادة للمونديال، ومن أهم فقراته تسليم جائزة (FIFA Order of Merit) التي تسلم لأبرز الشخصيات إنجازاً على مستوى القارة بترشيح من كل اتحاد قاري، ورغم الأبعاد السياسية والاقتصادية التي تصاحب تلك الاختيارات إلا أن الجميع صفق للاختيار الأوروبي، الذي وقع على نجم مختلف في كل شيء، أعني بذلك مفتاح الكرة الشاملة quot;كرويفquot;.
هذا المبدع الذي كان يستحق في رأيي المتواضع كأس العالم74م، ولكن الألمان سرقوها منه مثلما سرقوا من quot;مارادوناquot; كأس العالم90م، وقد زاد إعجابي بالنجم الكبير حين ارتجل كلمة امتدح فيها مستلمي الجائزة من الاتحادات القارية الأخرى رغم أنهم لا يعادلونه في المكانة والإنجاز على الصعيد الرياضي، فقد كان حديثه درساً في التواضع ونكران الذات، وهي سمة النجوم الكبار الذين يزدادون تواضعاً كلما علا شأنهم.
في الحافلة التي عادت بنا إلى الفندق جلست بجوار النجم الكبير(لاحظوا أنه رجع في الحافلة)، فسألته عن شعوره بالحصول على الجائزة، فقال بتواضع: إن فخري يزداد حين أستعرض أسماء الحاصلين على هذه الجائزة في تاريخ (فيفا)، والتفت للسير quot;بوبي تشالتونquot; وقال: quot;هذا الرجل العظيم يستحق الجائزة أكثر منيquot;، فجاء الرد سريعاً من مستشار quot;مانشستريونايتدquot; نجم كأس العالم66م: quot;لا أحد في أوروبا يستحقها أكثر منكquot;، هنا درس آخر في الحب والاحترام والتقدير المتبادل بين كبار النجوم، ليت بعضنا يتعلم.
في حفل الافتتاح كنت وحيداً ولم أتعرف بعد على كثير من أعضاء (فيفا) وضيوفهم، ولذلك كنت أصور نفسي بنفسي، فتقدم مني quot;كرويفquot; وأخذ الكاميرا وقام بأخذ لقطات وضعتها في صفحتي على quot;فيسبوكquot; وكانت بداية رحلة طويلة مع صور وأخبار المونديال. سألته عن منصب الرئيس الفخري لنادي quot;برشلونةquot; فتكلم بمرارة عن قرار الرئيس الجديد بإلغاء المنصب، وقال: quot;لم أطلب المنصب ولم أسع إليه، ولكنني فرحت كثيراً بتقدير النادي لي لاعباً ومدرباً، ولكن الفرحة لم تكتمل وهذا حال الدنياquot;. ساورني حينها شعور غريب بأن النادي الكاتلوني لن يحافظ على القمة بإدارة تفكر بهذا الأسلوب الناكر للجميل.
سألت quot;كرويفquot; عن نهائي 74م، فقال: أنت صغير لتسأل عن تلك المباراة، فأخبرته أنها أول مباراة دولية أشاهدها في طفولتي المبكرة وأنني مازلت أتذكر ركلة الجزاء في الدقائق الأولى، وأنه كان ولا يزال أفضل نجم يجري بالكرة بمرونة وانسيابية كأنها قصيدة شعرية، فضحك وقال: quot;كم يحتاج قلبي الذي أنهكته العمليات إلى مثل هذا الإطراءquot;.
كان هذا quot;كرويفquot; أحد أعظم نجوم الكرة في التاريخ يتحدث بتواضع مع مجهول مثلي، ويشيد بنجم آخر من زمن آخر ودولة أخرى، فهل أحتاج إلى تعليق أو توضيح أو توجيه رسائل لنجومنا؟ .. وعلى منصات التواضع نلتقي.
*quot;الرياضيةquot; السعودية
التعليقات