دخل المدرب الوطني ناصر الجوهر تاريخ المنتخب السعودي من أوسع أبوابه باعتباره أول مدرب يتولى الإشراف عليه أربع مرات في غضون عشرة أعوام وربما تُعد هذه الحالة الأولى من نوعها على مستوى مدربي المنتخبات في العالم ولا غرابة في ذلك فعالمنا الرياضي المحلي مليء بالعجائب فنحن من يتميز على مستوى العالم بإقالة المدرب بعد أول مباراة يخسرها والأغرب من هذا ان اتحاد الكرة لم يهيئ الكابتن ناصر لهذه المهمة قبل عامين بوضعه ومساعده يوسف عنبر عضوين مساعدين ضمن طاقم الجهاز الفني المصاحب للمدرب السابق بيسيرو الذي رفض بقاء طاقمه في الدوحة وأصر على سفره معه فوضعنا بلا شك في مأزق لم نحسب حسابه قبل عامين عندما أبرم اتحاد الكرة اتفاقه معه!!

لقد كان الجوهر مساعداً للمدرب التشيكي ميلان ماتشالا عندما أقاله الاتحاد في نهائيات كأس آسيا بلبنان عام 2000 ونجح ناصر في تجربته التدريبية الأولى بقيادة المنتخب للمباراة النهائية بفضل ما كان يضمه المنتخب من كوكبة نجوم آنذاك في مقدمتهم نواف التمياط الذي اختير أفضل لاعب في آسيا في ذلك العام.

وحين استعان الاتحاد بخدماته للمرة الثانية خلفاً للصربي سلوبدان في التصفيات المؤهلة للمونديال 2002 نجح ناصر بفضل استمراره كمساعد للمدرب الصربي آنذاك إذ لم يتغير عليه شيء فضلاً عن قربه من اللاعبين فوُفِّق في مهمته.

وفي تجربته الثالثة استدعاه اتحاد الكرة خلفاً للمدرب البرازيلي (الناجح) انجوس عام 2008 لكنه - أي ناصر - فشل في مهمته لابتعاده عن العمل الميداني مع انجوس كمساعد مدرب ولم يتكرم اتحاد الكرة حينها في استغلال ذلك الفراغ بارساله في دورات تدريبية خارجية سيما وان مسمى وظيفته - مستشار فني - باتحاد الكرة تتطلب الحرص على نهل كل ما هو جديد في عالم الكرة الحديث فالتدريب علم ومعرفة.

واليوم جاء الجوهر في تجربته الرابعة بأسلوب مماثل لما كان عليه في تجربته الثالثة، واللاعبون المتواجدون حالياً في صفوف المنتخب ليسوا في مستوى وكفاءة لاعبي منتخبي 2000 و 2002 وبالتالي فلا نتوقع نجاح (أبو خالد) وهزيمتنا أمس أمام الاشقاء الاردنيين اقرب مثال لأن التركة ثقيلة والمنتخب الأول يحتاج إلى غربلة ادارية وإعادة بناء في عناصره ولعل تجربتنا في خليجي (20) باليمن مشجعة في الاستمرار عليها فأفراد الفريق الشاب ذهبوا إلى هناك بآمال عريضة لاثبات قدراتهم وتأكيد أحقيتهم وجدارتهم بتمثيل الكرة السعودية خير تمثيل ورغبتهم في العطاء بطموح غير محدود ويحسب لمدربهم بيسيرو اكتشافه عدداً من العناصر الموهوبة ومنحهم الفرصة للبروز من أمثال الحارس عساف القرني ومهند عسيري وأحمد عباس وإبراهيم غالب وعبدالعزيز الدوسري وخالد الغامدي ويحيى الشهري ويوسف السالم وراشد الرهيب ومحمد عيد إلى جانب اللاعبين المصابين الذين اختارهم المدرب البرتغالي مثل محمد السهلاوي ونواف العابد وأحمد الفريدي فضلاً عن منحه الثقة المطلقة للنجم الموهوب محمد الشلهوب واستطاع بهذه التوليفة اشاعة الأمل بقدرة الكرة السعودية على تجاوز المرحلة الانتقالية وتكوين منتخب للمستقبل يمزج بين خبرة الكبار وحيوية الشباب ونجح المدرب بيسيرو في هذا المشروع على أرض اليمن السعيد لبُعده عن الضغوط الادارية والإعلامية والجماهيرية طيلة مشوار البطولة واستطاع قيادة فريقنا الشاب إلى المباراة النهائية في وقت لم نكن نتوقع منه هذا النجاح المذهل قياساً بفشل منتخبات كبرى في تحقيق هذا الهدف مثل قطر والإمارات والعراق.

وليت خبراء اتحادنا البريطانيين والفرنسيين والمحليين اقترحوا على مسؤولي الاتحاد التضحية بكأس آسيا باستمرار إعطاء فرصة التمثيل بعد تطعيمه بعدد من العناصر الخبيرة في الدوحة للمنتخب السعودي الشاب الذي وُلد في اليمن.. ومات هناك بانتهاء مباراته الختامية في خليجي (20).