مرت الأندية الهولندية مؤخراً بأيام عصيبة، كما تكافح فرقها لإحداث تأثير في المسابقات الأوروبية لكرة القدم. وشوهد قبل عامين أيضاً أنها تعرضت لمتاعب مالية أدت إلى افلاس هارلم، أقدم نادٍ في البلاد.

وفي الوقت نفسه، خسرت الأندية المحترفة مجتمعة حوالي 90 مليون يورو، فيما نجا فيندام من الإفلاس في آخر لحظة.

وظهرت هذه المشاكل المالية للعلن خلال مراجعات يجريها الاتحاد الهولندي لكرة القدم ثلاث مرات في السنة كجزء من نظام ترخيص الأندية.

وأدى هذا النظام، الذي يسمح للاتحاد الهولندي بالاشراف على ميزانيات الأندية، في نهاية المطاف إلى استقرار. ويعني هذا الآن أنه يجب على الأندية أن تكون في وضع جيد لقواعد اللعب المالي النظيف الذي أقره الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

ووفقاً لهذه القواعد، فإنه ينبغي على الأندية ان تكون غير رابحة ولا خاسرة مالياً بدءاً من الموسم 2013/2014، إذا كانت تريد المشاركة في منافسات دوري أبطال أوروبا أو يوربا ليغ.

رسم الانتقالات

مالياً، مرت معظم الأندية الهولندية بأوقات عصيبة، ولكنها تكيفت وفقاً للظروف المالية والاقتصادية، وتأمل أن تترك النقاط المحبطة خلفها.
وعلى عكس انكلترا وايطاليا والمانيا وفرنسا واسبانيا، فإن النوادي الهولندية نادراً ما تتأهل إلى البطولات الأوروبية الكبرى. وهذا يعني أنها تحصل على عائدات أقل بكثير من نظيراتها من أموال البث التلفزيوني.

ومع ذلك، بالنسبة إلى حجم البلاد ndash; 16 مليون نسمة ndash; فإن الأندية الهولندية تعمل جيداً نسبياً عندما يتعلق الأمر بصفقات الرعاية. في حين أن مصدر الدخل الآخر لها هو حضورها لمؤتمر لقانون الرياضة ورجال الأعمال الذي يعقد في لندن سنوياً، حيث يعتبر البوابة المالية ومشاركة بعضهم في دوري أبطال أوروبا ورسم الانتقالات.

وتأمل بعد ذلك تعاقب هذه الأموال وصولاً إلى أصغر الاندية. مثل انتقال لويس سواريز إلى ليفربول من اياكس، الذي اشترى بديلاً عنه من نادي الكمار الهولندي الذي جاء هو الآخر بمهاجم جيد من الولايات المتحدة.

نظام الترخيص

ولّت تلك الأيام التي كان هناك خط انتاج نجوم عالميين من أمثال يوهان كرويف وماركو فان باستن ودينيس بيركامب ورود خوليت، على رغم أن هولندا ماتزال تنتج لاعبين من الدرجة الأولى.

ولكن في ظل المناخ العالمي الحالي، فإن المشترين يكونون أكثر حذراً. وبالتالي الدخل من مصدر رسم الانتقالات قد انخفض كثيراً.

ومن أحد الأسباب الرئيسية للترخيص في الكرة الهولندية هو ضمان عدم افلاس الأندية في منتصف الموسم. لذلك تم تنقيح اللوائح في 2004 لتشمل مزيداً من التدقيق المالي للأندية وهياكل الشركات لتجنب الإفلاس.

ووصف ماكس فان دون بيرغ، السياسي الهولندي والنائب السابق في البرلمان الأوروبي، هذا النظام، على أنه quot;معد ليكون شفافاً وسليماً وموجه ليكون ملائماً للأندية على المدى الطويلquot;.

خطة العمل

على الأندية أن تقدم المعلومات المالية في تشرين الثاني وآذار وحزيران من كل سنة، بما في ذلك النتائج المالية الكاملة للعام السابق ونتائج النصف الأول من السنة والتوقعات المالية والميزانيات للعام المقبل.

وستحكم لجنة الترخيص على هذه الأندية إما غير مؤهلة اقتصادياً وغير كفوءة، أو لديها موارد مالية ممتازة.

ومن بين 36 نادياً في دوري محترف من درجتين، فقط 6 منها هي من الفئة الأولى حالياً، و20 في الثانية، وتعتبر حوالي 9 أندية في صحة مالية جيدة.

وهذا يعتبر تحسناً عن عامي 2010 و2011 عندما اعتبر 13 نادياً غير مؤهلاً مالياً، ووجدت نفسها مضطرة للعمل بخطة مدتها ثلاث سنوات وضعها الاتحاد الهولندي.

وتشمل الجوانب الأخرى من نظام الترخيص دراسة الهيكل القانوني للأندية لضمان عدم وجود تأثير مالي فرط من فرد احد، وأن الجانب الإداري متعافٍ تماماً.

وإذا لم تصل الأندية إلى نقطة الصفر فهناك 3 عقوبات محتملة: الأكثر استخداماً هو الالتزام بخطة عمل اقتصادية في ظل اتجاه الاتحاد الهولندي.

ومع ذلك، هناك أيضاً إمكانية أن يكون الاتحاد قادراً على حسم نقاط أو فرض غرامات مالية، بالإضافة إلى العقوبات النهائية مثل سحب رخصة النادي.

وهذا ما حدث لهارلم في كانون الثاني 2010 عندما أعلن افلاسه. وعلى رغم كونه أقدم أندية هولندا، إذ تأسس في 1889، إلا أنه تم استبعاده من كرة القدم المحترفين وذلك بأثر فوري. وهو يلعب الآن، بعد دمجه، في كرة القدم للهواة.

وإذا أراد هارلم، أو أي نادٍ آخر، الوصول إلى قمة الهرم، من نادٍ هاوٍ وشبه محترف إلى دوري المحترفين، فإن عليه أن يضع خطة عمل واضحة التي لا بد أن توافق عليها السلطات الكروية.

ويضمن نظام الترخيص للاتحاد الهولندي أنه يجب على الأندية أن تدفع مستحقات الموظفين وإلى أندية أخرى وإلى صندوق تقاعد اللاعبين. وأيضاً دمج نظام اللعب المالي النظيف ليويفا في مسألة إصدار الترخيص، لضمان أنه يمكّن الأندية الكبرى، مثل اياكس، من اللعب في دوري أبطال أوروبا من دون خوف من عقوبات يويفا.

quot;إبداعquot; الحلول المالية

هدف يويفا هو أنه على النادي ألا ينفق أكثر من دخله الخاص، وألا يعتمد على طرف ثالث لـquot;الحقن المالquot;.

وفي الوقت الذي يعتقد الكثيرون بأن نظام يويفا quot;سيسهمquot; بوضع الأندية ميزانية أكثر عقلانية، فإنه لا يمكن أن يضمن تحقيق النزاهة المالية، إذ أن النوادي ستبحث عن حلول مالية quot;خلاقةquot; وخيارات أخرى.

وعلى رغم أن الصيغة النهائية لعقوبات يويفا ضد الأندية الباغية لم يتجسد شكلها النهائي بعد، إلا أن بعض المراقبين يعتقد بأن عقوبات الغرامات ستضيف عبئاً على الأندية المٌدينة فقط. لذا فهم يفضلون خطة عمل الهولندية الصارمة، ويؤكدون، مثلاً، أن اياكس، الذي فاز لتوه وللمرة الثانية بلقب الدوري الهولندي بإدارة مدربه فرانك دي بوير، لا يمكنه شراء فرناندو توريس بخمسين مليون جنيه استرليني كما فعل تشلسي.

وعلى رغم كل ذلك، إلا أن المشهد المالي الحالي للأندية الهولندية محظوظ جداً، لأن لديه تراث تنمية اللاعبين الشباب. ففلسفة هذه الأندية ليس شراء لاعب بأموال ضخمة، بل التركيز أكثر على تطوير المواهب الشابة الذين بعدما يتأهلوا إلى الفريق الأول فمن الممكن بيع خدماتهم بعد ذلك.