يدخل صانع الالعاب المميز لوكا مودريتش الى نهائيات كأس اوروبا واضعا نصب عينيه تعزيز قيمته في سوق الانتقالات من خلال تألقه مع منتخب بلاده كرواتيا، خصوصا انه يمني النفس بترك توتنهام الانكليزي من اجل الانتقال الى جاره اللندني تشلسي، بطل مسابقة دوري ابطال اوروبا.

ويأمل مودريتش ان يتمكن من تكرار سيناريو 2008 حين قاد بلاده الى الدور ربع النهائي قبل ان تخسر امام تركيا بركلات الترجيح، من اجل رفع سعره في سوق الانتقالات واقناع تشلسي بالذات انه يستحق المبلغ الذي سيدفعه فريق الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش للحصول على خدماته.

وسعى مودريتش (26 عاما) جاهدا لاقناع توتنهام بالتخلي عنه لمصلحة تشلسي وذكرت بعض التقارير ان الاخير وضع على الطاولة مبلغ 50 مليون يورو من اجل الحصول على خدماته، لكن مدرب سبيرز هاري ريدناب رفض التنازل عنه ونصحه الصيف الماضي بان ينسى فكرة الانتقال الى الغريم اللندني والتركيز على اللعب مع فريقه الحالي.

quot;انه ليس للبيع، هذا هو الوضع القائمquot;، هذا ما قاله ريدناب حينها عن مودريتش لكن الوضع قد يتغير هذا الصيف لان رغبة اللاعب الكرواتي باللعب مع فريق قادر على المنافسة محليا واوروبيا ستزيد من تصميمه على الانضمام الى تشلسي، خصوصا بعد فوز الاخير بدوري ابطال، المسابقة التي سيغيب عنها توتنهام رغم احتلاله المركز الرابع في الدوري المحلي وذلك لان غريمه اللندني الازرق توج باللقب وسيدافع عنه الموسم المقبل لان مركزه السادس في الدوري لم يكن يخوله المشاركة في المسابقة.

وسيغيب توتنهام عن المسابقة الاوروبية الام للموسم الثاني على التوالي وهو يتحمل مسؤولية ذلك لان الفرصة كانت سانحة امامه لحسم المركز الثالث لمصلحته لكنه تنازل عنه في القسم الحاسم من الموسم لمصلحة جاره الاخر ارسنال بعد ان اكتفى باربعة انتصارات من اصل مبارياته ال13 الاخيرة.

وهذه الوقائع ستدفع مودريتش لتقديم افضل ما لديه خلال نهائيات بولندا واوكرانيا من اجل دفع الفرق المهتمة بخدماته، منها قطبا مانشستر وريال مدريد الاسباني بحسب وسائل الاعلام، الى رفع سقف العرض الذي ستقدمه الى توتنهام، الفريق الذي يرتبط معه بعقد يمتد حتى 2016.

يعتبر مودريتش صانع العاب صاحب رؤية صائبة في الملعب، فتى ذهبي ذو وجه طفولي، سار به القدر لينتقل من مدينة زادار الساحلية مراوغا اصدقائه الصغار، ليصل الى الدوري الانكليزي متوجا بصفقة خيالية مع نادي توتنهام بلغت 21 مليون يورو.

يجسد مودريتش اناقة صانع الالعاب القادر على استعمال القدمين، فهو قادر على اللعب في وسط الملعب او في مركز الجناح الوسطي، ورغم ضعف بنيته الجسدية (74ر1 م) الا ان طاقته وشراسته تعوضان في اختراقه مناطق الخصم.

نشأ لوكا الصغير على ضفاف بحر الادرياتيك، وتفتحت موهبته مع نادي ان كاي زادار في مدينة زادار مسقط رأسه وخامس مدينة في كرواتيا، لكن كشافي الاندية الكبيرة لم يتأخروا في سحبه الى العاصمة وتحديدا الى دينامو زغرب وهو لم يتجاوز السادسة عشرة.

بعد سنة أمضاها مع فريق الناشئين، أعير مودريتش الى اندية صغيرة كي يبدأ في تكوين نفسه، فانطلقت مسيرته رسميا عام 2003 في صفوف زرينيسكي موستار البوسني، حيث سطعت نجوميته مسجلا 8 اهداف في 22 مباراة، وانتخب بجدارة افضل لاعب في الدوري البوسني.

عاد مودريتش بعدها الى quot;برفاquot; أي دوري الدرجة الاولى الكرواتي، حيث أعير هذه المرة الى ناد محلي هو انتر زابريسيك، لينتشله من تواضعه ويوصله الى وصافة دوري 2004-2005، ورغم عدم تسجيله سوى 3 اهداف في 18 مباراة، سمي quot;املquot; الكرة الكرواتية نظرا لادائه المميز.

عام 2005 كانت البداية الجدية لمودريتش، وفيها خبر دينامو زغرب جيدا طاقته، فوقع معه عقدا ربطه لمدة 10 سنوات!

وفي الموسم ذاته فتح منتخب تحت 21 سنة ابوابه للاعب الصاعد حيث امضى سنة واحدة قبل ان يثبت اقدامه مع المنتخب الاول بمواجهة الارجنتين (3-2) في اذار/مارس 2006 تاركا بصماته الفريدة.

كان لوكا يافعا في تشكيلة المدرب زلاتكو كرانيكار خلال كأس العالم 2006، فشارك بديلا بمجموع 30 دقيقة في مباراتي اليابان واستراليا.

أضحى مودريتش معبود جماهير دينامو، انهمرت الالقاب، اثنان في الدوري وواحد في كاس الاندية المحترفة وكاس السوبر، فاستحق شارة القائد بعمر ال22.

بقي quot;مودريquot; عملاقا محليا ومجهولا اوروبيا، الى ان خاض تصفيات دوري ابطال اوروبا موسم 2006-2007 فلفت نظر مدرب ارسنال الفرنسي ارسين فينغر صاحب العين الثاقبة، لكن تصفيات كاس اوروبا 2008 التي خاض فيها 11 مباراة من اصل 12 كانت منعطفا هاما في تحوله أكثر النجوم طلبا من الاندية الكبيرة.

طالت اللائحة اندية برشلونة وريال مدريد في اسبانيا وصولا الى انتر ميلان الايطالي وبايرن ميونيخ الالماني اضافة الى اندية المقدمة في انكلترا حيث كان تشلسي الاقرب للحصول على خدماته في كانون الاول/ديسمبر 2007 لكن خلافات على مبلغ الصفقة ابقته في زغرب.

عاش مودريتش اصعب فترات حياته بعد خيبة أمله بعدم الانتقال الى تشلسي رافقها تراجع في مستواه حوله من معبود للجماهير الى كائن غير محبوب في الفريق.

حاولت الفرق المتوسطة اصطياد مودريتش في هذه الفترة، فكان على مشارف الانضمام الى نيوكاسل يونايتد الانكليزي غير ان رغبة مدرب توتنهام هوتسبر الاسباني خواندي راموس حينها وضعت حدا لكل الطامحين، ليتحول مودريتش من العاصمة الكرواتية الى نظيرتها الانكليزية، وتحديدا الى شمالها على ملعب quot;وايت هارت لاينquot;.

قدم مودريتش اداء مميزا في كأس اوروبا 2008 وقاد منتخب بلاده للفوز بمباراته الاولى امام النمسا المضيفة بتسجيله الهدف الوحيد من ركلة جزاء هي الاسرع في تاريخ البطولة (في الدقيقة 4)، ثم واصل تألقه واختير افضل لاعب في المباراة الثانية التي شهدت فوز بلاده على المانيا (2-1) قبل ان تختتم دور المجموعات بفوز ثالث على حساب بولندا (1-صفر)، ما سمح لها بتصدر مجموعتها بفارق ثلاث نقاط عن المانيا التي وصلت لاحقا الى النهائي وخسرت امام اسبانيا.

اعتقد مودريتش ان بلاده حجزت مقعدها في الدور نصف النهائي حين استفاد من خطأ للحارس التركي روستو رشبر ليمرر الكرة الى زميله ايفان كلاسينتش الذي وضعها في الشباك قبل دقيقة فقط على نهاية الشوط الاضافي الثاني، لكن الاتراك ادركوا التعادل مباشرة بفضل سميح شانتورك، فاحتكم الطرفان الى ركلات الترجيح وخالف الحظ مودريتش لانه اهدر الركلة الاولى لبلاده ما ساهم بفوز تركيا 3-1، دون ان يمنعه ذلك من ان يكون ضمن التشكلية المثالية للبطولة، وهو امر لم يسبقه عليه سوى لاعب كرواتيا واحد هو دافور سوكر.

وفي التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب افريقيا 2010، قدم مودريتش اداء جيدا وسجل ثلاثة اهداف لبلاده الا ان ذلك لم يكن كافيا لكي تحجز مكانها في النهائيات بعد ان تخلفت بفارق نقطة فقط عن اوكرانيا ثانية المجموعة التي تصدرتها انكلترا.

ويتوقع ان يكون مودريتش الذي خاض حتى الان 54 مباراة دولية (اولها يعود الى الاول من اذار/مارس 2006 ضد الارجنتين)، من الاعمدة الاساسية التي سيرتكز عليها المدرب سلافن بيليتش في نهائيات كأس اوروبا 2012.