برز خلال الآونة الأخيرة اسم النجم الاسباني الكبير، تشابي هيرنانديز، الذي أضحى اللاعب الأبرز في صفوف منتخب الماتادور وناديه برشلونة، وهو ما عزاه زملاؤه إلى قدرته البارعة على التمرير بشكل تخاطري، معتبرين ذلك دليلاً على أنه يلعب في المستقبل.
مجلة دير شبيغل الألمانية بادرت كغيرها من الصحف والمجلات الأوروبية والعالمية بإعداد تقرير مطول حول تلك الموهبة التي نادراً ما تجود بها ملاعب الكرة، في زمن باتت فيه النواحي البدنية والتكتيكية هي العنصر الأهم في عالم الساحرة المستديرة.
واستهلت المجلة حديثها بلفتها إلى المهارات التي يبرزها تشابي داخل أرضية الميدان حالياً في تدريبات منتخب بلاده ( في قرية غنيوينو البولندية حيث يشارك ببطولة الأمم الأوروبية يورو 2012 ) على صعيد التمرير والاستحواذ على الكرة، وإبرازه السمة التي يتميز بها فريقه برشلونة وهي القدرة على السيطرة عبر التمريرات القصيرة.
ورغم إصابة تشابي، 32 عاماً، مؤخراً بمشكلات في الأوتار والعضلات، إلا أنه عاد من جديد، وبات الوتر الأهم في قوس الكمان الخاص بالمدرب فيسنت ديل بوسكي، من خلال قدرته على السيطرة على وسط الميدان وعمله باعتباره كبير لاعبي الفريق الاستراتيجيين، تماماً مثلما كان تحت قيادة المدرب لويس أراغونيس.
ومضت المجلة تقول إن تشابي جسّد، وكذلك أجاد، تقديم نموذج لعب المنتخب الوطني الاسباني بدرجة كبيرة مقارنةً بغيره من اللاعبين. وأعقبت بتأكيدها أن اللاعب، ذي الجسم الصغير، يعتبر المنظم وصانع القرار في المنتخب الإسباني الذي اشتهر بلقب الأحمر القوي أو quot;لافوريا روخاquot;. وأشارت دير شبيغل إلى أن تشابي الذي يطلق عليه موقع اتحاد كرة القدم الإسباني quot;أمير التمريرات الدقيقةquot; يأخذ خطوات قليلة إلى اليسار أثناء التدريبات خلال تحرك اللاعبين بالكرة إلى الأمام. حيث يهيأ نفسه للتمرير،
ويوجه جسمه صوب الخط الجانبي للملعب، حيث ينوي تمرير الكرة. وبعدها يبدأ الظهير الأيسر، خوردي ألبا، في الانطلاق على الخط، بينما يقوم تشابي بكل أناقة بتمرير الكرة في المكان الذي يجد ألبا نفسه فيه بكل دقة.
وقال المدافع البرازيلي، داني ألفيز، الذي يلعب إلى جانب تشابي في البارشا، إن تشابي لا يميل لتسريع وتيرة اللعب من خلال الجري سريعاً، وإنما من خلال إجباره زملائه على الركض إلى أماكن معينة، وأضاف quot; وهو ما يجعلني أشعر بأنه يلعب في المستقبلquot;.
ووافق المدرب ديل بوسكي على أن فن التوقع يصنع كل الفارق بين التكنيك والموهبة الحقيقية، وهو ما يتطلب ذكاء. وبناءً على ما يطلب منه، يتحول تشابي إلى محرك أو مُسرِّع أو عقل المنتخب الاسباني، ما يثير سلسلة من ردود الفعل المعقدة من خلال تحركات بسيطة على ما يبدو. فضلاً عن دوره في تعزيز دور صانعي الألعاب واللاعبين الذين يتميزون بالسرعة، حيث يمدهم بالتمريرات التي تجعلهم يتألقون.
ثم مضت المجلة تشدد على أهمية توقيت التمرير لتشابي، حيث يتميز بقدرته على التمرير بطريقة تربك دفاعات الخصوم، لصالح زملائه بالنادي ليونيل ميسي أو أندريس انييستا وفرناندو توريس في المنتخب. حيث تخلق لهم تمريراته مساحة من أجل الانطلاق بها، وهو يقوم بهذا الدور دون مشاكل، إذ يعتبر نفسه مجرد لاعب بالفريق.
كما سبق لمدرب تشابي السابق، جوان فيلا، أن وصفه بـ quot;البصمة الوراثيةquot; لطريقة لعب برشلونة. وسبق أيضاً للاعب وسط إيه إس روما، دانيلي دي روسي، أن أكد أنه يحب الطريقة التي يلعب بها تشابي في مختلف المنافسات والفعاليات التي يشارك بها.
ولم تقف عبارات الإشادة بتشابي عند هذا الحد، حيث قالت المجلة إن تشابي يدافع عن الكرة، ويحولها على الفور إلى الهجوم. وسبق لوالده جواكيم، الذي يدير أكاديمية كرة قدم بمدينة تيراسا الكاتالونية، أن قال عنه :quot; لا يمكنك أن تأخذ الكرة من تشابي، لأنه يمررها بالفعل من جديدquot;. وقد حصد تشابي، بفضل مواهبه التي لا خلاف عليها، ثلاثة ألقاب من بطولة دوري أبطال أوروبا وستة ألقاب من بطولة الدوري الإسباني.
وبينما كان يواجه انتقادات من قبل من جانب بعض الجماهير نظرا لاتسام طريقة لعبه بعدم المجازفة بالتمرير في العمق واكتفائه بتوزيع الكرات يميناً ويساراً، قال مؤخراً في تصريحات أدلى بها لصحيفة لا فانغارديا الكاتالونية :quot; العالم بأسره يحترمني الآن. وقد علمني أبواي طوال حياتي أن أكون متواضعاًquot;. وقد أنشأ معجبون به صفحة له على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وأطلقوا عليها اسم quot; pelopinaquot;، وهي اسم خدعة يقوم بها تشابي بالكرة لمراوغة الخصم بطريقة ذكية.
كما تحدث تشابي عن ما وصفها بـ quot;السرعة الذهنيةquot;، التي يتسم بها لاعبو المنتخب الإسباني، وتمكنهم من تغيير طريقة اللعب، حسب مقتضيات وظروف المباريات. وهي الجزئية التي نوه إليها المدرب السابق فيلا من خلال تأكيده أن تشابي سرعان ما أثبت أنه quot;أسرع مفكرquot; في الملعب.
وختمت المجلة بتأكيدها أن تشابي يدرك حقيقة المقولة التي سبق أن قالها المدرب المخضرم أراغونيس :quot; كلما اجتهدت في العمل، كلما زادت حظوظيquot;.
وأضافت أن تشابي يقوم الآن بتدريب لاعبي كرة القدم الشبان بنفسه، ويعلمهم فن التمريرات القصيرة، وقواعد الجمال واللياقة.
التعليقات