عاشت الرياضة البريطانية صيفاً تاريخياً توجه آندي موراي بإحرازه لقب بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، آخر البطولات الأربع الكبرى في كرة المضرب، بفوزه في النهائي على الصربي نوفاك ديوكوفيتش بطل 2011.

وافتتح موراي باكورة ألقابه في بطولات الغراند سلام وأصبح أول بريطاني يتوج بلقب إحدى البطولات الكبرى منذ ان حقق ذلك فريد بيري عام 1936 حين أحرز لقبيه السابع والثامن في بطولات الغراند سلام بتتويجه بطلاً لويمبلدون (للمرة الثالثة) وفلاشينغ ميدوز (للمرة الثالثة ايضا) لكن ذلك كان قبل حقبة البطولات المفتوحة التي سمحت منذ عام 1968 للهواة بالمشاركة في الدورات والبطولات مع المحترفين.

كما أصبح موراي اول لاعب يتوج بلقب بطولة الولايات المتحدة بعد اسابيع معدودة على احرازه ذهبية فردي الرجال في الالعاب الاولمبية، واضعا حدا لمسلسل هزائمه في المباريات النهائية للبطولات الكبرى عند اربع.

وكان موراي سقط عند الحاجز الاخير اربع مرات سابقا، اولها عام 2008 في فلاشينغ ميدوز بالذات امام السويسري روجيه فيدرر ثم عام 2010 امام اللاعب ذاته لكن في بطولة استراليا المفتوحة التي وصل الى مباراتها النهائية في العام التالي ايضا لكنه خسر امام ديوكوفيتش، قبل ان يسقط للمرة الثالثة امام فيدرر وكان ذلك في تموز/يوليو الماضي في نهائي بطولة ويمبلدون.

quot;حين كنت ارسل نقطة الفوز بالمباراة شعرت بمدى اهمية هذه اللحظة لتاريخ كرة المضرب البريطانيةquot;، هذا ما قاله موراي بعد فوزه باللقب، مضيفا quot;يطالبوني بذلك (الفوز بلقب كبير) منذ فترة طويلة وازداد الطلب بعد ذهبية الالعاب الاولمبية: +متى ستفوز بلقب احدى بطولات الغراند سلام؟+، من الرائع ان اتمكن من تحقيق ذلك بعد طول انتظارquot;.

وكان موراي صاحب انطلاق شرارة نجاحات البريطانيين هذا الصيف عندما اصبح في تموز/يوليو الماضي اول بريطاني يصل الى نهائي بطولة ويمبلدون منذ 1938، ثم اتبعه تشارلي ويغينز بانجاز اكبر حين حقق في 22 تموز/يوليو ما كان يحلم به منذ الصغر ودخل التاريخ بعد ان اصبح ول بريطاني يتوج بطلا لسباق فرنسا الدولي للدراجات الهوائية.

وكانت نسخة 2012 من سباق فرنسا مميزة جدا للبريطانيين، اذ حل ويغينز في الترتيب النهائي امام مواطنه كريستوفر فروم، فيما كانت المرحلة العشرين الاخيرة التي انتهت في جادة الشانزيليزيه من نصيب البريطاني الاخر مارك كافنديش، بطل العالم وزميل ويغينز في فريق quot;سكاي بروسايكلينغquot;.

quot;الجميع يقول بانه حلم يتحول الى حقيقة لكنه (الفوز بسباق فرنسا) ما كنت اطمح لتحقيقه في الاعوام السابقة الاخيرة، بل منذ ان كنت طفلا، حين كنت في الثانية عشر من عمري قلت باني اريد الفوز بسباق فرنساquot;، هذا ما قاله ويغينز الذي خرج من سباق العام الماضي وهو مكسور الترقوة.

وأضاف ويغينز الذي كان حل رابعا في هذا السباق قبل ثلاثة اعوام quot;لم يتخيل احد ان تحقيق هذا الامر سيكون ممكنا في هذا العمر. ها انا بعد 20 عاما واصبح (الحلم) واقعا الانquot;.

ويعتبر الفوز بسباق فرنسا الشهير انجازا هاما بالنسبة لرجل عاش طفولة صعبة للغاية في ظل غياب والده الذي كرس حياته للخمر فكانت نهايته على يد الكحول عام 2008، ما ولد عند برادلي ضغينة ضد والده لكن ذلك لم يؤثر على حياته العائلية اذ انه اب متفان يقدر الامور البسيطة quot;مثل الذهاب الى السوبرماركت وشراء الخبز والحليبquot;.

وضع ويغينز خلفه مصاعب الطفولة وسعى الى السير على خطى مثاله الاعلى الدراج الاسباني ميغيل ايندوراين الذي توج بطلا لسباق فرنسا من 1991 حتى 1995، وكانت خطاه الاولى في quot;هيرن هيل فيلودرومquot;، المنشأة التي استضافت اولمبياد 1948.

وفي عمر ال18 اصبح ويغينز بطل العالم للشباب وبعد عامين فاز بميداليته الاولمبية الاولى وكان ذلك في اولمبياد سيدني 2000، وفي عمر ال32 اصبح في اولمبياد بلاده البريطاني الاكثر تتويجا في الالعاب الاولمبية حيث رفع رصيده الى 7 ميداليات متخطيا اسطورة التجذيف ستيف ريدغريف الذي يملك 6 ميداليات بينها 5 ذهبيات.

وأحرز ويغينز ذهبيتين في سباق المطاردة فردي وفرق في بكين 2008 وذهبية المطاردة فردي في اثينا 2004 وفضية الفرق في العام ذاته وبرونزية السباق ذاته في سيدني 2000 وبرونزية ماديسون في اثينا 2004، ثم اضاف في لندن 2012 ذهبية سباق ضد الساعة.

لكن الحدث الابرز للبريطانيين هذا الصيف كان في الاولمبياد الذي احتضنته العاصمة لندن، اذ حققوا افضل نتيجة لهم في تاريخ مشاركاتهم الاولمبية بحصدهم 65 ميدالية، بينها 29 ذهبية، ما سمح لهم في احتلال المركز الثالث في الترتيب العام خلف العملاقين الاميركي والصيني.

ولم تشهد بريطانيا العظمى نجاحا مماثلا في الالعاب الاولمبية منذ 1908، اي قبل انطلاق الالعاب الحديثة عام 1894.

لكن الامر لم ينته عند هذا الحد، ففي اليوم الذي اسدل فيه الستار على العاب لندن 2012، كان الايرلندي الشمالي روري ماكلروي وعلى بعد الاف الكيلومترات، تحديدا في كارولاينا الجنوبية (الولايات المتحدة)، يدخل تاريخ رياضة الغولف من الباب الواسع باحرازه البطولة الاميركية للمحترفين، اخر محطة من ملتقيات الغراند سلام لهذا العام.

وفي سن الثالثة والعشرين اظهر الايرلندي علو كعبه ونجح في اخذ المبادرة مند البداية وتوسيع الفارق عن مطارديه لثلاث نقاط.

وهذا التتويج الهام هو الثاني لماكلروي بعد نيله عام 2010 لقب البطولة الاميركية المفتوحة، وقد تفوق على الاميركي الاسطورة تايغر وودز كما انه نجح في استعادة صدارة اللاعبين المحترفين.

وفرض ماكلوري نفسه quot;زعيمquot; المنتخب الاوروبي الذي يستعد لمواجهته التقليدية مع نظيره الاميركي في بطولة quot;رايدر كابquot; التي ستقام في نسختها التاسعة والثلاثين في شيكاغو بين 28 و30 الشهر الحالي بمشاركة سبعة بريطانيين يطمحون الى منح المملكة المتحدة سببا اضافيا لكي تفخر بما حققته في صيف 2012.