يجد فراس الخطيب نفسه على مفترق طرق لم يتصور انه سيبلغه في خضم النزاع السوري: غاب طويلا عن منتخب بلاده لكرة القدم بعدما أعلن تأييده للمعارضة، وعاد قبل أشهر ليساهم في الإبقاء على آماله في تحقيق إنجاز تاريخي ببلوغ مونديال 2018 في روسيا.
في تموز/يوليو 2012، أعلن الخطيب المولود عام 1983 في مدينة حمص، وخلال لقاء داعم للمعارضة السورية في الكويت، انه لن يدافع عن ألوان "نسور قاسيون" طالما ان "هناك مدفعا يقصف أي مكان في سوريا" الغارقة في نزاع دام بين نظام الرئيس بشار الأسد ومعارضيه منذ 2011، حصد أكثر من 330 ألف قتيل.
الا ان المهاجم صاحب اللحية المشذبة والشعر البني، عاد للمنتخب الذي يحمل شارة قيادته، ومثله فعل لاعب نادي الأهلي السعودي عمر السومة بعد غياب يرجح انه أيضا لأسباب سياسية.
آثر الخطيب عدم التطرق للسياسة أو أسباب ابتعاده وعودته، ويقول لوكالة فرانس برس "عدنا الى المنتخب كي نسعد الشعب السوري بعد الفترة الصعبة والطويلة التي عاشها داخل البلاد وخارجها. يتمثل همنا الوحيد في إسعاد الجماهير الرياضية وغير الرياضية لان السوريين بأجمعهم سيسعدون بالانجاز في حال وصلنا الى المونديال".
يتابع "لمسنا من الجماهير سعادة غامرة لا يمكن وصفها بعد ان خطفنا بطاقة الملحق، فما بالك إن بلغنا النهائيات!"، مؤكدا "هذا هو سبب عودتي الى المنتخب".
يضيف "اذا دعانا البلد الى خدمته في أي مجال، فعلينا تلبية النداء".
وشكل حلم بلوغ المونديال للمرة الأولى بارقة توحيد نادرة وموقتة بين السوريين المنقسمين منذ اندلاع الاحتجاجات في آذار/مارس 2011، والتي تحولت الى نزاع دام بعد القمع الذي تعرضت له من النظام. واحتفل السوريون في مناطق النظام والمعارضة مساء 5 أيلول/سبتمبر بتعادل منتخبهم مع ايران وحجز بطاقة التأهل الى الملحق الآسيوي.
وساهم اللاعبان بشكل أساسي بتحسن أداء المنتخب ضمن الجولة الثالثة للتصفيات الآسيوية. فبعد ثلاث خسارات في سبع مباريات، فازت سوريا مرة وتعادلت مرتين في المباريات الثلاث الأخيرة.
وحلت سوريا ثالثة في المجموعة الآسيوية الأولى، وستخوض الملحق ضد أستراليا التي حلت ثالثة في المجموعة الثانية. وتقام مباراة الذهاب بين المنتخبين في 5 تشرين الأول/أكتوبر في ماليزيا، بينما تستضيف سيدني الإياب في العاشر منه. ويخوض المتأهل من هذا الملحق، ملحقا عالميا ضد رابع منطقة الكونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي)، يتأهل الفائز به الى المونديال.
- "أفضل المحترفين" -
لا يخفي الخطيب أهمية عودته والسومة، مشددا على ان "المنتخب منظومة كاملة، لكن مما لا شك فيه ان السومة هو نجم آسيا الاول. هو المهاجم الرقم واحد في العالم العربي من دون منازع. من الطبيعي ان تشكل عودته إضافة كبيرة، وقد تجلى ذلك في المباراة الاخيرة امام إيران" عندما سجل هدف التعادل في الوقت بدل الضائع.
يتابع "أتمنى شخصياً ان أضيف شيئا ما الى المنتخب في الفترة المقبلة متسلحا بخبرتي التي أنقلها الى إخواني اللاعبين خصوصا ان هذه هي خامس تصفيات لكأس العالم أخوض غمارها".
ويتميز الخطيب بموهبته أمام المرمى والقدرة على التسديد بالقدمين، إضافة الى الضربات الرأسية على رغم قامته المتوسطة (1,74 م). كما تلفت خفة حركته في مراوغة المدافعين، والتسديد من بعيد.
وبدأت مسيرته مع المنتخب عام 2002، وسجل 29 هدفا في 73 مباراة (بحسب إحصاءات الاتحاد السوري). غاب لأكثر من خمسة أعوام، وعاد ضد أوزبكستان في التصفيات في آذار/مارس 2017.
نشأ في نادي الكرامة الحمصي حتى 2002، قبل الانتقال الى الكويت لخوض تجربة طويلة تنقل خلالها بين أندية النصر والعربي والقادسية، وساهم في إحراز نادي الكويت رباعية تاريخية (الدوري وكؤوس السوبر والأمير وولي العهد) الموسم الماضي.
وشملت تجربته أيضا اللعب على سبيل الاعارة في قطر والصين والعراق، وهو يدافع هذا الموسم عن ألوان نادي السالمية الكويتي.
يعد من أبرز اللاعبين الأجانب في تاريخ الدوري الكويتي، وبات قريبا من تحطيم الرقم القياسي لعدد الأهداف المسجلة في الدوري، والذي يحمله حاليا جاسم يعقوب (146 هدفا مقابل 143 للخطيب).
ويقول مدرب السالمية عبد العزيز حمادة ان "دور الخطيب مهم جدا من الناحية النفسية، فهو لا يتوقف عن تحفيز زملائه خلال التدريبات والمباريات"، معتبرا انه "اذا لم يكن افضل المحترفين الأجانب الذين جاؤوا الى الكويت، فهو بالتأكيد من أفضلهم".
- بعيدا عن الأرض -
أما اللاعب الكويتي محمد جراغ الذي عاصر الخطيب في نادي العربي، فيرى انه "قائد بكل ما للكلمة من معنى (...) يعرف طريق المرمى جيدا، وقادر على إنهاء المباراة في أي لحظة".
يضيف "حضوره في المنتخب السوري طاغ خصوصا لجهة القيادة في الفترة الاخيرة (...) ثمة نجوم كثر (في المنتخب) لكن القليل منهم يحمل صفة القائد، وهذه ميزة الخطيب".
وحالت الأوضاع الأمنية في سوريا دون اقامة مباريات منتخبها على أرضه، وهو ما يفتقده الخطيب وزملاؤه.
ويرى اللاعب ان البعد عن الجماهير "عامل سلبي (...) لكننا نتمنى تجاوز ذلك في التحدي المقبل، تماماً كما فعلنا في المباريات السابقة".
وعن المواجهة مع استراليا، يرى ان "الحظوظ متساوية بين المنتخبين، وإن كان الاستراليون يتفوقون علينا بالخبرة وتحديدا في تصفيات كأس العالم" التي شاركوا في نسخها الثلاث الماضية.
ويضيف "هذا ما يمنحهم الافضلية، لكن لا يعني بأن المسألة محسومة. ففي كرة القدم، عندما ينزل اللاعب الى الميدان، كل الفروقات تزول وتصبح المعادلة 11 لاعبا ضد 11 لاعبا".
التعليقات