تنطلق رسميا الجمعة النسخة 23 لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ الكورية الجنوبية، وسط تقارب بين الكوريتين و"توتر" على خلفية المنشطات الروسية، يلقي بظلاله - كما البرد القارس - على الافتتاح.

وبعد أشهر من الترقب والحذر وسط توتر عسكري وسياسي بين الشمال والجنوب، والشمال والولايات المتحدة، اتخذ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون قرار المشاركة في الألعاب التي تستمر حتى 25 شباط/فبراير، وصولا الى حد إرسال شقيقته كيم يو-جونغ لترؤس الوفد الشمالي.

وعندما يتم إيقاد الشعلة الأولمبية في بيونغ تشانغ، هذه الزاوية المغمورة من العالم، تنطلق المنافسات بين حوالى 3 آلاف رياضي من حول العالم يتنافسون على الذهبيات الـ102 التي ستوزع في 15 رياضة شتوية.

التوقعات كبيرة بالنسبة الى مجموعة من النجوم، على رأسهم المتزلجتان الأميركيتان ميكايلا شيفرين وليندسي فون، بينما السؤال الكبير في التزحلق على الجليد مركز على ما إذا كان "أمير الجليد" الياباني يوزورو هانيو تعافى تماما من الإصابة وقادرا بالتالي على الاحتفاظ بلقبه.

خلف الكواليس، لا يزال التخبط سيد الموقف في ما يتعلق بقضية التنشط الروسي التي تلقي بظلالها مرة أخرى، بعدما عكرت أجواء الألعاب الشتوية عام 2014 والصيفية عام 2016.

وبعدما فرضت حظرا شاملا على الرياضيين الروس بسبب فضيحة التنشط المنظم الذي ترعاه الدولة الروسية، فتحت اللجنة الاولمبية الدولية "ثغرة" للسماح لأكثر من 160 روسيا "نظيفا" بالمشاركة في الألعاب تحت علم محايد، مانحة الأمل لرياضيين روس آخرين بالحصول على فرصة التواجد في الألعاب من خلال الاستئنافات القانونية.

الا ان السجادة الحمراء فرشت للكوريين الشماليين. ففي أداء دبلوماسي حاز الميدالية "الذهبية"، وبعد اشهر من الصمت حول هذه القضية، اتخذت بيونغ يانغ قرارها وأعلنت بأنها سترسل وفدا الى الالعاب.

وأراح قرار الشمال الجار الجنوبي، وبدد مخاوف سادت خلال معظم فترة التحضير، لاسيما لجهة أمن الألعاب وتأثير التوتر على مبيعات التذاكر.

وتبدو الأجواء الآن أكثر إشراقا وأقرب الى الارتقاء لمستوى تسمية "أولمبياد السلام" التي أرادها الجنوب، بعدما كان الموعد الأولمبي المرتقب قد تأثر سلبا بقرار اللجنة الأولمبية الدولية منع الرياضيين الروس من المشاركة.

ووافقت كوريا الشمالية التي قاطعت أولمبياد سيول الصيفي عام 1988، على حضور أول أولمبياد لها في الجار الجنوبي، بعد محادثات أدت الى نزع فيتل التوتر في شبه الجزيرة الكورية، على خلفية البرنامج النووي والصاروخي الكوري الشمالي.

وكانت فرنسا وألمانيا والنمسا قد أعربت عن مخاوفها من المشاركة في بيونغ تشانغ بسبب العلاقة المتوترة مع كوريا الشمالية، لاسيما وان المواقع المضيفة للألعاب تبعد نحو 80 كلم فقط من حدود البلدين.

ويشارك الشمال&في الاولمبياد الشتوي بـ22 رياضيا في ثلاثة ألعاب. الا ان الأهم سيكون الوفد المشترك في حفل الافتتاح، والفريق المشترك في منافسات هوكي الجليد النسائية.

- "ألعاب بيونغ يانغ" -

وستكون مشاركة البلدين بوفد مشترك في حفل الافتتاح، الرابعة في تاريخ الألعاب الأولمبية بعد مرتين في الأولمبياد الصيفي (سيدني 2000 وأثينا 2004) ومرة في أولمبياد تورينو الشتوي 2006.

وسيسير الوفد المشترك الى الملعب الأولمبي خلف علم كوريا الموحدة الذي سيحمله رياضيان من الجانبين. كما صمم زي موحد خصيصا لهذا الحدث.

ولن تخلو الألعاب من "العدائية" الشمالية، إذ قرر زعيم بيونغ يانغ ارسال "جيش الجميلات" لأسر قلوب الجنوبيين، كما فعلت هذه المجموعة من المشجعات حين تجاوزن الحدود بين الجارتين من أجل التواجد في دورة الألعاب الآسيوية التي أقيمت في بوسان عام 2002.

ومن أجل ألعاب بيونغ تشانغ، عبر الأربعاء "جيش الجميلات" الحدود نحو الجار الجنوبي، ومن المقرر أن يمضي فترة تواجده في بيونغ تشانغ في فندق فخم يبعد حوالى ساعتين عن الملعب الأولمبي.

ويؤيد العديد من الكوريين الجنوبيين التقارب مع الجار الجنوبي، لكن المتظاهرين الذين تجمعوا الأحد على هامش مباراة تحضيرية للمنتخب النسائي المشترك في الهوكي ضد السويد، اعتبروا أن الجنوب كان سخيا جدا تجاه جاره وبأنه سمح للأخير بخطف الالعاب.

وأطلق المتظاهرون على أولمبياد بلادهم "اولمبياد بيونغ يانغ" في إشارة الى عاصمة الجار الشمالي.

وقال أحد المتظاهرين لوكالة فرانس برس "اننا في حالة حرب ونحن ندعو مومسات عدونا" الى كوريا الجنوبية، في اشارة الى فريق المشجعات.

وإذ كان المسؤولون الأولمبيون سعداء بحل مشكلة الجار الشمالي، فإنهم يتمنون لو تختفي أزمة الرياضيين الروس التي تطرق لها أحد الأعضاء الكبار في اللجنة الأولمبية الدولية، المدير السابق للوكالة الدولية لمكافحة المنشطات ديك باوند، معتبرا أن قضية التنشط الروسي قد أضرت بشدة بمصداقية الحركة الاولمبية.

واعتبر أن اللجنة الاولمبية الدولية "لم تفشل وحسب بحماية الرياضيين النظيفين، بل جعلت من الممكن للرياضين الغشاشين في أن يسودوا على حساب الرياضيين النظيفين".

ويواجه الرياضيون بأكملهم مشكلة الصقيع في هذه الفترة من السنة مع انخفاض درجات الحرارة الى ما دون 20 درجة مئوية في الأيام الأخيرة.

ومن المتوقع ان تبقى درجات الحرارة عند معدل مماثل خلال الحفل الافتتاحي الذي كشف عدد من الرياضيين انهم قد يقررون عدم المشاركة فيه لأسباب صحية.