يجسد المدرب فلاديمير بتكوفيتش، الكرواتي-البوسني الأصل، التنوع الثقافي لسويسرا التي تشارك في مونديال روسيا 2018 بتشكيلة لاعبين من جذور مختلفة، لكنهم يشكلون رغم ذلك "توليفة" منسجمة على غرار التنوع الثقافي والإندماج في المجتمع السويسري.

تضمنت رحلة بتكوفيتش نحو رأس الهرم الفني في كرة القدم السويسرية مشوارا كلاعب ومدرب في مختلف الأنحاء الاوروبية، فضلا عن عمله 5 سنوات في متجر كاثوليكي خيري.

لم تقابل الجماهير السويسرية بتكوفيتش (54 عاما) بعاطفة مثالية منذ توليه مهام تدريب سويسرا في 2014، ليس بسبب جذوره البوسنية، بل لأنه خلف مدربا كبيرا هو الألماني أوتمار هيتسفيلد، كما ان التوقعات بشأن ما قد يحققه بتكوفيتش لم تكن مرتفعة.

ولعل ما قاله ساندرو كومبانيو، المحرر الرياضي في يومية "20 دقيقة" السويسرية، عن وضع بتكوفيتش قبل كأس أوروبا 2016، يعكس تماما الحالة التي كانت قائمة في تلك الفترة، اذ اعتبر ان "هيتسفيلد كان اسما كبيرا.. لذا فالمقارنة حاصلة دوما".

لكن المدرب المولود في ساراييفو عام 1963 والحامل للجنسيات السويسرية والكرواتية والبوسنية، كان على قدر المسؤولية بقيادة المنتخب السويسري الى الدور الثاني من كأس أوروبا 2016 قبل الخروج بركلات الترجيح على يد بولندا. 

ثم نجح في قيادة "لا ناتي" الى نهائيات روسيا 2018 عبر الملحق القاري على حساب ايرلندا الشمالية، وذلك بعدما حل ثانيا في المجموعة الثانية تساويا بالنقاط مع متصدر المجموعة المنتخب البرتغالي بطل أوروبا الذي كان الوحيد الذي يفوز على رجال بتكوفيتش في التصفيات وذلك في الجولة الأخيرة (2-صفر)، ما سمح لكريستيانو رونالدو ورفاقه بتصدر المجموعة.

لمع نجم بتكوفيتش كلاعب وسط مع ساراييفو قبل الانتقال الى سويسرا عام 1987، حيث حصل لاحقا على الجنسية. بعد اعتزاله عام 1999، درب أندية في سويسرا وتركيا ولاتسيو الايطالي حيث أحرز لقب الكأس المحلية عام 2012.

وكشف كلاوديو لوتيتو مالك لاتسيو لصحيفة "ذا غارديان" الانكليزية في 2014 ان تجربة المدرب مع كاريتاس (تجمع عالمي لمنظمات خيرية كاثوليكية) كانت سبب تعاقده معه لأنه أراد "تغذية" لاعبيه "روحيا".

واقال لوتيتو مدربه بتكوفيتش عندما علم انه يتفاوض مع الاتحاد السويسري لتدريب منتخبه الاول.

وكان هيتسفيلد تكتيكيا من الطراز الرفيع، معززا ثقافة انضباط مبنية على تفادي تلقي الاهداف كأولوية، وهي مقاربة جلبت النتائج في كأس العالم 2014 في البرازيل حيث خرجت سويسرا من الدور الثاني بصعوبة بالغة في الوقت الاضافي امام الارجنتين الوصيفة 1-صفر.

وعلى غرار بتكوفيتش، هاجر عدد كبير من لاعبي سويسرا من أوروبا الشرقية، ما يعقد الوحدة اللغوية والثقافية لفريق يمثل بلدا لديه في الواقع 4 لغات هي الالمانية والفرنسية والايطالية والرومانش.

ولتعزيز الوحدة، طلب المدرب من لاعبيه تناول الطعام على طاولة واحدة لتفادي خلق زمر صغيرة داخل المنتخب تقودها العصبيات الاثنية.

ومنع ايضا استخدام الهواتف المحمولة في بعض أحداث المنتخب.

وتسببت اللغة الألمانية الضعيفة لبتكوفيتش بمكشلات مع الوسائل الاعلامية، لكن جذوره اليوغوسلافية ساعدته على نسج علاقات جيدة مع بعض نجوم الفريق من تلك الجذور، على غرار شيردان شاكيري (ستوك الانكليزي) وغرانيت تشاكا (ارسنال الانكليزي) وفالون بهرامي (اودينيزي الايطالي) وهاريس سيفيروفيتش (بنفيكا البرتغالي).