لم يعرف طريق المرمى في مونديال روسيا 2018 سوى مرة واحدة ولم يظهر سوى لمحات بسيطة... المهاجم الكرواتي ماريو ماندزوكيتش هو أشبه بالمارد الذي ينتظر لحظة الخروج من القمقم، ولعلها تأتي في نصف نهائي كأس العالم ضد انكلترا في موسكو الأربعاء.

لاعب يوفنتوس الايطالي البالغ من العمر 32 عاما، قادر على ان يصنع الفارق في أي مباراة في ظل الاصرار والعزيمة اللذين يتمتع بهما.

وعلى رغم تواضع سجله التهديفي في المونديال الحالي، أصر ماندزوكيتش على الاحتفال ببلوغ كرواتيا الدور نصف النهائي، وهو الانجاز الذي حققته سابقا مرة واحدة في عام 1998 خلال مشاركتها في مونديال فرنسا. صفة الكرم لا تفارقه داخل الملعب أو خارجه، وبحسب التقارير في بلاده، أهدى ماندزوكيتش سكان قريته "جولة" مجانية من الجعة بعد بلوغ المنتخب الدور نصف النهائي بالفوز على روسيا (4-3 بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1 في الوقت الأصلي و2-2 في الوقت الاضافي)، كلفته 3 آلاف يورو.

المؤكد ان اللاعب الذي يتمتع ببنية جسدية ضخمة (1،90 م و86 كلغ) لا يبخل بأي نقطة عرق خلال المباريات، فهو لم يجلس الى مقاعد البدلاء في المباريات الخمس التي خاضها المنتخب حتى الآن، ويعتبر مفتاح الأسلوب التكتيكي للمدرب زلاتكو داليتش، بقدر أهميته في خطط لعب نادي يوفنتوس الايطالي ومدربه ماسيميليانو أليغري.

- أكثر من مركز -

في صفوف فريق "السيدة العجوز"، يشغل ماندزوكيتش مركز الجناح، بينما يؤدي في المنتخب الكرواتي دورا أقرب الى مهاجم صريح.

وسبق للمهاجم الكرواتي أن تحدث عن تنوع دوره في الملعب، بقوله لشبكة "سكاي سبورتس" الانكليزية العام الماضي "مساهمتي الأساسية هي إيلاء عناية خاصة للناحية الدفاعية، لكن في الوقت نفسه المساهمة في الهجوم".

أظهر اللاعب قدرته على شغل أكثر من مركز داخل المستطيل الاخضر مذ كان يدافع عن ألوان فريق فولفسبورغ الالماني الذي انضم إليه عام 2010 قادما من دينامو زغرب حيث لعب على الجناح، لحين مغادرة زميله حينذاك المهاجم البوسني إدين دزيكو، الذي يلعب حاليا مع روما الإيطالي، الفريق الكرواتي للانضمام إلى نادي مانشستر سيتي الانكليزي عام 2011. 

وبفضل أهدافه تمكن ماندزوكيتش من إقناع بايرن ميونيخ الألماني بالتعاقد معه عام 2012، وأحرز مع النادي البافاري لقب دوري أبطال أوروبا في عامه الأول، وسجل هدف التقدم في المباراة النهائية أمام بوروسيا دورتموند (2-1)على ملعب ويمبلي في لندن.

مرة جديدة أظهر ماندزوكيتش قدرته على التأقلم، اذ برز في الدوري الإسباني مع اتلتيكو مدريد (2014-2015)، وفي ايطاليا مع يوفنتوس.

ولكن ماذا عن أدائه مع منتخب بلاده؟ الأرقام تشير الى تراجع معدله التهديفي، إذ سجل 31 هدفا في 87 مباراة دولية، ولم يعرف طريق المرمى سوى مرة واحدة في مونديال روسيا، على رغم أهمية هدف التعادل الذي سجله في مرمى الدنمارك ومساهمته في فوز فريقه بركلات الترجيح 3-2 بعد تعادلهما 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي في ثمن النهائي. كما مرر كرة حاسمة لزميله أندري كراماريتش الذي سجل هدف التعادل أمام روسيا (1-1) في الدور ربع النهائي.

- أول تمريرة منذ 2015 -

ألا تعد هذه الأرقام متواضعة بالنسبة للاعب على هذا القدر من الخبرة والموهبة؟ ستكون هذه الأرقام تحت الضوء أكثر عندما يتواجه الأربعاء مع هاري كاين، قائد المنتخب الانكليزي ومتصدر ترتيب الهدافين في المونديال الروسي مع ستة أهداف حتى الآن.

وبحسب شركة "أوبتا" للاحصاءات الرياضية، كانت تمريرة ماندزوكيتش الحاسمة لكراماريتش في مباراة روسيا، أول تمريرة حاسمة له في 21 مباراة دولية رسمية، علما ان الأخيرة تعود إلى آذار/مارس 2015.

وسيكون ماندزوكيتش مطالبا أمام انكلترا بتوفير قدرة الحسم لمنتخب بلاده الذي احتاج الى ركلات الترجيح لحسم مباراتيه في الأدوار الاقصائية حتى الآن، ضد الدنمارك في ثمن النهائي وروسيا في ربع النهائي.

يملك ماندزوكيتش الكثير من الشخصية والشجاعة، ولكن سكان سلافونسكي برود سيفتخرون أكثر بابن مدينتهم لو سجل مجددا، وخاصة الهدف الذي ربما سيؤهل كرواتيا الى المباراة النهائية لمونديال روسيا، وذلك للمرة الاولى في تاريخ مشاركاتها في نهائيات كأس العالم.