رفضت محكمة التحكيم الرياضي ("كاس") الأربعاء القضية التي رفعتها العداءة الجنوب إفريقية كاستر سيمينيا ضد القواعد الجديدة المثيرة للجدل للاتحاد الدولي لألعاب القوى حول مستويات التستوستيرون لدى الرياضيات، مبدية في الوقت ذاته مخاوف حيال القواعد "التمييزية".

وفي ختام مسألة حظيت بمتابعة واسعة واستمعت فيها المحكمة الى شهادة الأطراف المعنيين في سلسلة جلسات أقيمت في شباط/فبراير الماضي، أصدرت "كاس" قرارها اليوم برفض القضية التي رفعتها العداءة المتوجة بميداليتين ذهبيتين أولمبيتين بذهبيتين.

ورأت لجنة مؤلفة من ثلاثة قضاة في المحكمة التي تتخذ من مدينة لوزان السويسرية مقرا لها، بقرار صادر بأغلبية 2-1، أن القواعد الجديدة "تمييزية"، لكن "هذا التمييز هو وسيلة ضرورية، معقولة، ومتناسقة لتحقيق هدف الاتحاد الدولي لألعاب القوى للحفاظ على نزاهة العداءات".

وعلى رغم أن اللجنة القضائية رفضت في قرارها اليوم مطلب البطلة الأولمبية الجنوب إفريقية باعتبار القواعد الجديدة "باطلة"، أبدت في الوقت ذاته "مخاوف جدية من التطبيق المستقبلي" لهذه القواعد، وذلك في مستند من 165 صفحة تم إرساله الى الاتحاد الدولي.

وأضافت "على رغم أن الأدلة المتوافرة حتى الآن لا تظهر أن هذه المخاوف تلغي الاستنتاج الأولي بوجود تناسبٍ، لكن هذا الأمر قد يتغير في المستقبل ما لم يتم توفير اهتمام دائم لعدالة الطريقة التي يتم من خلالها تطبيق القواعد".

وفي بيان صادر عن فريق الدفاع عنها، اعتبرت العداءة البالغة 28 عاما أن الاتحاد الدولي لألعاب القوى يسعى "منذ عقد من الزمن لإبطائي".

وأضافت "هذا الأمر جعلني أقوى. قرار +كاس+ لن يدفعني الى التراجع. سأتخطاه وأواصل إلهام النساء والعداءات في جنوب إفريقيا والعالم".

ولا تزال أمام العداءة فرصة رفع القضية الى المحكمة الفيدرالية السويسرية، وهي الوحيدة المخولة نقض قرارات صادرة عن "كاس".

وأمام سيمينيا 30 يوما للتقدم بالتماس من هذا النوع.

في المقابل، أكد الاتحاد الدولي أنه "ممتن" للقرار، مشيرا الى مضيه في تطبيق هذه التعديلات ودخولها حيز التنفيذ في الثامن من أيار/مايو المقبل.

- أخذ التحفظات في الاعتبار -

وأوضح الأمين العام لمحكمة التحكيم ماتيو ريب في تصريحات الأربعاء، إن المحكمة "لم تعط موافقتها على قواعد الاتحاد الدولي لألعاب القوى، بل قامت حصرا برفض القضية التي رفعتها سيمينيا".

وأضاف "يعود حاليا الى الاتحاد الدولي لألعاب القوى أن يعمل على قواعده من أجل أن يأخذ في الاعتبار التحفظات التي أبدتها +كاس+".

وتعد التعديلات من الأكثر إثارة للجدل في أم الألعاب، ويتوقع أن تكون حاسمة لمستقبل سيمينيا التي حظيت قضيتها بدعم واسع لاسيما من سلطات جنوب إفريقيا التي أعربت اليوم عن "خيبة أملها" جراء القرار.

ويقول الاتحاد الدولي إن القواعد التي كان من المقرر بدء العمل بها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، لكن تم تأجيلها لخمسة أشهر، تهدف الى ضمان المساواة بين العداءات على المضمار. وتتطلب القواعد من العداءات اللواتي يتمتعن بمستويات مرتفعة من التستوستيرون، بخفض الى ما دون مستويات معينة اذا ما أردن مواصلة خوض المنافسات.

ولقيت القواعد انتقادات لاسيما من اتحاد جنوب إفريقيا لألعاب القوى الذي اعتبر أنها موجهة ضد سيمينيا بالذات، وتصل الى حد "التمييز" الجنسي.

وأثارت القواعد الجدل على خلفية المساواة حيال العداءات.&

وأكد الاتحاد الدولي في تصريحات سابقة، أن القواعد تطال العداءات بشكل عام ولا تستهدف سيمينيا، موضحا أن تمتع أي عداءة "بمستويات ذكورية من التستوستيرون، يؤدي الى زيادة في حجم العظم والعضلات والقوة، مماثلة لتلك التي يختبرها الذكور في مرحلة البلوغ، وهذا ما يمنح الذكور أفضلية في الأداء مقارنة بالإناث (...)، لذلك، ومن أجل الحفاظ على منافسة عادلة لدى الإناث، من الضروري الطلب من العداءات اللواتي يتمتعن بنمو جنسي مختلف، بخفض مستويات التستوستيرون قبل المنافسة على المستوى الدولي".

وتعد حاملة الذهبية الأولمبية مرتين في سباق 800 م (2012 و2016)، وبطلة العالم ثلاث مرات (2009، 2011، 2017)، من الرياضيات الأكثر تأثرا بهذه القواعد الجديدة. وعلى الرياضيات مثل سيمينيا، اللواتي لديهن نسبة عالية من انتاج التستوستيرون، العمل على خفض مستوياته لمواصلة المشاركة في المنافسات، وهذا ما تراه العداءة الجنوب إفريقية انتهاكا لقواعد الاتحاد الدولي لألعاب القوى والشرعة الأولمبية.

ويرى متخصصون أن القواعد تفرض ثلاثة تحديات أساسية تشمل صعوبة تطبيق نظام محايد بتحديد سقف مستويات التستوستيرون، وصعوبة إثبات أن العداءات اللواتي يتمتعن بمستويات مرتفعة يحظين بأفضلية في سباقات المسافات المتوسطة، والآثار الجانبية المحتملة للعلاج بالهورمونات.

واعتبرت شيري بيكر، الأستاذة المتخصصة في العلوم الصحية لاسيما في المجال الرياضي في جامعة باث البريطانية، إنه "من غير العادل (...) أن يعتمد الاتحاد الدولي لألعاب القوى قواعد جديدة تطبق على العداءات، وتؤدي عمليا لاستبعاد بعضهن، قائمة على تفسيرات مضى عليها الزمن".