في شقة بإحدى ضواحي القاهرة، جلست الشقيقات الثلاث سيلين وسيلفي وإليز تاكو يطلين أظافرهن بالأخضر والأصفر والأحمر، ألوان علم بلادهن الكاميرون استعدادا لتشجيع المنتخب للاحتفاظ بلقبه في بطولة كأس الأمم الإفريقية في كرة القدم المقامة في مصر.

وتقول سيلين لوكالة فرانس برس "لم يكن من الصعب العثور على طلاء الأظافر"، مبدية أسفها لعدم التمكن من جلب "كل اكسسوارات" التشجيع.&

وتضيف الكاميرونية البالغة من العمر 33 عاما والتي تعمل، مثل شقيقتيها، جليسة أطفال لعائلة فرنسية تقيم في حي راق مجاور لشقتهن "رغم أني أمتلك القليل، لكن سأقوم بإظهاره"، في اشارة لوسائل التشجيع.

المشجعات الثلاث لمنتخب "الأسود غير المروضة" الذي توج بطلا لإفريقيا في الغابون عام 2017 بفوزه في النهائي على حساب مصر بالذات&2-1، ارتدين قمصانا لتشجيع المنتخب، كل منها بلون مختلف من ألوان العلم، أحضرنها من بلادهن بمساعدة أفراد الجالية الكاميرونية في مصر، حيث يصعب إيجاد قمصان منتخبات أخرى غير "الفراعنة".

وتخوض الكاميرون السبت مباراتها في الدور ثمن النهائي ضد المنافس القوي نيجيريا، في اليوم الثاني من منافسات الأدوار الإقصائية للبطولة القارية الأكبر في تاريخ القارة السمراء بمشاركة 24 منتخبا، والتي تستضيفها مصر من 21 حزيران/يونيو وحتى 19 تموز/يوليو.

ويسعى منتخب الكاميرون السبت على ستاد الاسكندرية، الى مواصلة بحثه عن الاحتفاظ باللقب والتتويج للمرة السادسة في تاريخه، في مواجهة المنتخب النيجيري الذي توج باللقب القاري ثلاث مرات.

وتحمل النسخة الحالية من البطولة معنى رمزيا بالنسبة الى الكاميرونيين، اذ كان من المقرر أن يحتفوا بها على أرضهم، قبل أن يسحب الاتحاد الإفريقي ("كاف") التنظيم منهم أواخر العام المنصرم على خلفية عدم اكتمال التحضيرات على مستوى البنى التحتية، ومخاوف الوضع الأمني.

- فرصة للتواصل -&

وتأبى الشقيقات الثلاث أن يواصلن حياتهن اليومية المعتادة و"كأن شيئا لم يكن"، في بلد حيث يقيمون، ويستضيف حدثا كبيرا على مستوى القارة السمراء مثل بطولة الأمم ("كان") التي تقام مرة كل عامين.

وتقول سيلين "ليس من المنطقي أن نكون في البلد المضيف للكان ونشاهد المباريات عبر شاشة التلفزيون... نحن نفضّل الذهاب إلى الملعب وتشجيع لاعبينا وأن نعيش الحدث".

وتضيف "رغم بعدنا عن وطننا، إلا أننا نحبه وهذه طريقتنا في تشجيعه"، بينما كانت شقيقتها إليز تنفخ في بوق "فوفوتزيلا" الذي اشتهر في ملاعب اللعبة الشعبية، يوم استضافت القارة نهائيات كأس العالم للمرة الأولى (والوحيدة) في تاريخها، وذلك على أرض جنوب إفريقيا في 2010.

أبعد من التشجيع أو حضور مباريات كرة قدم، تشكل البطولة القارية في مصر فرصة للكاميرونيات الثلاث للتواصل مع أبناء وطنهم.&&

وتقول سيلفي ذات الشعر الملوّح بصبغة حمراء داكنة "أنا سعيدة للغاية لرؤية المواطنين (من الكاميرون)، نحن سعداء للغاية لأننا سنكون معا، هذا يخلق نوعا ما من العاطفة".

وبعد وضع اللمسات الأخيرة على التبرج وتسريحات الشعر، تستعد الشقيقات للالتحاق بالمشجعين الآخرين، وذلك على متن حافلات استأجرها أفراد الجالية الكاميرونية تعاونا مع سلطات بلادهم.

وتقول سيلفي "التذاكر مجانية، الحافلات مجانية، كل ما علينا فعله هو الحضور"، علما بأن المنتخب خاض الدور الأول ضمن المجموعة السادسة في الإسماعيلية، على بعد حوالى 120 كلم شمال القاهرة.

- إنجاز 2017 -

ويوضح جان دو ديو نونغا، المتحدث باسم الجالية الكاميرونية في مصر والتي تعرف باسم "العائلة الكاميرونية في مصر، أن ثمة "لجنة تعبئة تضم رئيسًا"، تتعاون مع مسؤولي كرة القدم في البلاد والحكومة.

وبحسب نونغا، تمثل هذه الجالية حوالى 800 كاميروني يعيشون في مصر. لكن المسؤولين عنها يريدون دعوة أبناء الجاليات الأخرى في القاهرة، مثل الكونغو وبنين وجيبوتي، وحتى أبناء البلد المصريين، لدعم "الأسود" الكاميرونية الذي يقودهم المدرب الهولندي كلارنس سيدورف.

على متن الحافلة في الطريق الى الاسماعيلية، هتف عشرات المشجعين، ورقصوا على إيقاع الطبول، ملوّحين بعلم بلادهم من النوافذ، في مزيج بين كاميرونيين مقيمين في مصر، وآخرين أتوا خصيصا لتشجيع المنتخب.

ويقول أحد بحماسة "نحن ملتزمون بحفظ شرف الكاميرون مهما كلف الأمر"، على رغم أن بعض المشجعين لا يخفون شعور المرارة الذي أصابهم بعد قرار الاتحاد الإفريقي سحب تنظيم البطولة منهم.

في الجزء الخلفي من الحافلة، جلس هنري مويبي، المشجع الكاميروني الذي بات أقرب الى "تميمة" المنتخب "منذ ما يقارب 30 عاما"، والذي يحضر غالبية مبارياته وألوان العلم تغطي جسده بالكامل.

ويقول "جئنا إلى هنا لتكرار إنجاز 2017: إعادة الكأس الى الكاميرون".