أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية واليابان الثلاثاء إرجاء دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقررة هذا العام في طوكيو، بعد مطالب متزايدة بذلك من الرياضيين، في سابقة خارج زمن الحرب، يرجح ان تسبب تداعيات اقتصادية هائلة بعد أعوام التحضير.

وجاء الإعلان ببيان مشترك بين الطرفين بعد اتصال هاتفي بين رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي. ولم يحدد الطرفان موعدا جديدا للدورة، لكن اتفق على ان يتم تأجيلها "الى ما بعد العام 2020، لكن ليس أبعد من صيف 2021".

في ما يأتي عرض لأكبر التحديات التي يطرحها تأجيل الأولمبياد الذي كان مقررا بين 24 تموز/يوليو والتاسع من آب/أغسطس 2020:

- إعادة جدولة المنافسات -

وصف موقع "انسايد ذا غايمز" الالكتروني الرياضي الألعاب الأولمبية بأنها "تتمحور حول دورة تقام كل أربعة أعوام. إذا استيقظت يوما ما والشمس في مكان مختلف تماما، ستكون هناك تداعيات حتما".

أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية الأحد ان الإرجاء بات خيارا مطروحا، لكنها أمهلت نفسها أربعة أسابيع لاتخاذ القرار النهائي. تبيّن ان الأسابيع الأربعة كانت عبارة عن أقل من 48 ساعة. وبرر باخ قبل يومين عدم إعلان الإرجاء مباشرة، بأن خطوة كهذه تتطلب تعديلات ضخمة ونقاشات واسعة، قبل التمكن من تحديد موعد جديد.

إقامة الأولمبياد في صيف 2021 كما هو مطلوب من أطراف رياضية عدة، ستكون بمثابة كابوس بالنسبة الى الرياضيين ومالكي حقوق البث التلفزيوني، نظرا لأن هذا العام يتضمن أساسا مواعيد رياضية عدة.

وفي حال أرجئت الألعاب الى الصيف المقبل، قد تتعارض مع بطولة العالم لألعاب القوى المقررة في الولايات المتحدة في شهر آب/أغسطس. لكن الاتحاد الدولي لـ "أم الألعاب" أكد الإثنين أنه بدأ بمناقشة احتمال تعديل موعد البطولة، بالتنسيق مع مدينة أوريغون المضيفة.

كما من المقرر إقامة بطولة العالم للسباحة في اليابان بين 16 تموز/يوليو والأول من آب/أغسطس 2021، اضافة الى ان بطولتي كأس أوروبا وكوبا أميركا لكرة القدم كانتا مقررتين في صيف 2020، أرجئتا الى صيف العام المقبل على خلفية تفشي فيروس كورونا المستجد.

واقترح العداء الأميركي السابق كارل لويس المتوج بتسع ذهبيات أولمبية، إقامة الألعاب الصيفية في 2022، العام نفسه الذي من المقرر ان تقام فيه دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في العاصمة الصينية بكين.

يشار الى ان 2022 هو أيضا عام حدث رياضي أساسي هو نهائيات كأس العالم لكرة القدم، والتي ستقام في أواخر السنة في قطر.

- الملاعب والمنشآت -

ستقام الألعاب في 43 منشأة أولمبية، بعضها مؤقت، وبعضها بني خصيصا للحدث، والآخر سيعاد استخدامه لأغراض مختلفة بعد الدورة، وكلها ستواجه تحديات صعبة في حال التأجيل.

وسلطت اللجنة الدولية الضوء على هذه المسألة وحذرت أن "عددا من المنشآت التي نحتاج إليها للألعاب قد لا يكون متاحا" في حال التأجيل.

على سبيل المثال، من المقرر أن تتحول إحدى نقاط بيع التذاكر الرئيسية للملعب الأولمبي الجديد الذي يتسع لـ68 ألف مشجع، الى مكان لاقامة "فعاليات ثقافية ورياضية" عند انتهاء الاولمبياد. لذا سيتحتم نقل أي حدث مقرر فيها، الى مكان آخر بحال تزامَن مع موعد جديد للألعاب.

ولا يقتصر الأمر على المنشآت الرياضية، اذ حجز المنظمون مركز معارض ضخما في طوكيو لتحويله الى المركز الصحافي الذي يتوقع ان يستخدمه الآلاف خلال تغطيتهم الحدث العالمي.

ويعتبر مركز "بيغ سايت" من الأضخم في آسيا، ويستضيف مؤتمرات وفعاليات كبيرة، وعادة ما يكون محجوزا قبل أشهر. وسيكون تعديل موعد حجزه من أجل الألعاب الأولمبية، أو إقناع من سبق لهم حجزه بالانتقال الى مكان آخر (بحال تعارض الموعدين)، تحديا كبيرا للمنظمين.

- القرية الاولمبية -

تدور أسئلة كثيرة حول مصير القرية الأولمبية المقامة على عقارات غالية مطلة على خليج طوكيو وناطحات السحاب وجسر "قوس قزح" الشهير.

تضم القرية 21 مبنى مؤلفا من 14 الى 18 طابق بسعة اجمالية تبلغ 18 ألف سرير خلال الألعاب الأولمبية وثمانية آلاف للألعاب البارالمبية.

وكان المخطط يقتضي إعادة تأهيل القرية وتحويلها الى آلاف الشقق الخاصة الفخمة وعرضها للبيع أو الايجار. وطُرحت الدفعة الأولى المؤلفة من 940 شقة للبيع بداية صيف العام 2019، وقد تم بيع القسم الأكبر منها، بحسب ما تفيد التقارير الصحافية اليابانية.

وفي ظل تأجيل الألعاب، سيضطر المنظمون لتأجيل أعمال التأهيل، وتاليا تأخير تسليم الشقق للشراة الذين سبق لهم توقيع عقود.

- الفنادق -

من بين التحديات "الكثيرة الكثيرة" التي ذكرتها اللجنة الدولية هي حجوزات الفنادق التي كلفت الملايين والتي سيكون "من الصعب جدا معالجتها".

قبل تفشي فيروس كورونا المستجد، ساد قلق في اليابان من عدم توافر غرف كافية في الفنادق للذين سيحضرون لمتابعة الألعاب، وتم اقتراح رسو سفينة سياحية واستخدامها كفندق عائم. لكن يبدو ان هذه الفكرة باتت مستبعدة لا سيما بعد تسجيل إصابة أكثر من 600 شخص على متن سفينة "دايموند برينسس" السياحية بفيروس "كوفيد-19"، ووضع أكثر من ثلاثة آلاف شخص في الحجر الصحي على متنها لأسابيع عدة.

تم حجز العديد من الغرف الفندقية قبل أشهر عديدة حيث دفع الكثيرون مبالغ طائلة كدفعة أولى قد يخسرونها، إضافة الى اضطرارهم لاعادة الحجز مجددا في ظل إرجاء الألعاب.

ويخشى ان يواجه القطاع الفندقي أزمة كبيرة جراء إرجاء الأولمبياد، علما بأنه يعاني أصلا من تراجع الحجوزات بسبب الانخفاض الحاد في أعداد السياح على خلفية تفشي فيروس "كوفيد-19" الذي أودى بحياة أكثر نحو 17 ألف شخص، وتسبب بفرض قيود واسعة على حركة التنقل والسفر.

- هل من جانب إيجابي؟ -

إقامة الأولمبياد في فترة غير الصيف قد تحل معضلة شكلت مصدر قلق كبيرا في دورة طوكيو، وهي الطقس الحار الذي تشهده البلاد في هذا الفصل. وقد يتيح ذلك إعادة سباق الماراتون الى العاصمة اليابانية بعدما تم نقله الى مدينة سابورو الشمالية ذات الطقس الأكثر اعتدالا، خوفا من تأثير الحر الشديد والرطوبة العالية على سلامة العدائين.

وسيمنح إرجاء الالعاب الاتحادات الرياضية حول العالم الوقت للتحضير للدورات التأهيلية والتصفيات، وهو أمر شكل مصدر قلق للعديد من الرياضيين كونهم غير قادرين على التدرب في ظروف طبيعية.