الرباط: حظي شريط، حمل عنوان "نور الدين أمرابط يقاتل أبو زعيتر"، نشره الدولي المغربي ولاعب النصر السعودي نور الدين أمرابط، على حسابه الشخصي بـ"إنستغرام"، وهو يخوض "نزالا" حبيا بإحدى صالات التدريب بهولندا، ضد مواطنه المقاتل أبو زعيتر البطل العالمي في فنون القتال المختلطة، بمتابعة وإعجاب كبير، أكد القتالية المعروفة عن اللاعب وقوته البدنية الهائلة، التي طبعت وتطبع مسيرته في ملاعب كرة القدم، إلى درجة أنها استرعت انتباه المتتبعين في ملاعب أوروبا وآسيا وأفريقيا.

ورغم أن موازين القوى بين مواجهة لاعب كرة قدم لبطل عالمي في فنون القتال قد تبدو طبيعية، فقد بدا أمرابط، في هذا الشريط الذي نشره أبو زعيتر أيضا على حسابه بـ"إنستغرام"، في لياقة بدنية عالية مكنته من الصمود في المواجهة التي جرت وسط أجواء من الحميمية والمرح بين الصديقين، بشكل أكد محافظة أمرابط على لياقته البدنية وجاهزيته لخوض منافسات الدوري السعودي، الذي أكد فيه قيمته كواحد من أبرز المحترفين الأجانب.

وفضلا عن شريط مواجهته للبطل أبو زعيتر، نشر أمرابط شريطا آخر يظهر طريقته القاسية في التداريب، كما لو أنه لاعب فنون قتالية، وذلك للحفاظ على لياقته البدنية، بشكل يفسر روح المحارب التي يظهرها في ملاعب كرة القدم.

ويعد أمرابط، الذي عاد من السعودية إلى هولندا، بعد توقف المنافسات الكروية جراء تفشي وباء (كورونا)، من أشهر وأبرز اللاعبين المغاربة حاليا، هو الذي تكون وبرزت مواهبه في ملاعب هولندا، على غرار لاعبين آخرين.

وكانت تقارير إخبارية قد تحدثت، قبل أيام، عن مشاركة أمرابط في حملة تبرعات لبناء مسجد بهولندا، إلى جانب لاعبين آخرين، بينهم شقيقه سفيان وحكيم زياش وابراهيم أفلاي.

نور الدين أمرابط .. وصداقة أبو زعيتر

غلادياتور

وكسب أمرابط، بعد واقعة إصابته بارتجاج في المخ بسبب الارتطام التي تعرض لها في مقابلة إيران، برسم الدور الأول من نهائيات كأس العالم بروسيا 2018، وإصراره على خوض لقاء البرتغال، خمسة أيام بعد ذلك، متحدياً إجراءات سلامته الشخصية، للمساهمة في الدفاع عن ألوان القميص الوطني في مباراة مصيرية، مزيداً من حب وتقدير والمغاربة وتعاطف جزء كبير من الرأي العام العربي والعالمي، خصوصاً بعد ما رافق مواجهة رفاق البرتغالي كريستيانو رونالدو والإسباني سيرخيو راموس من أداء بطولي لأمرابط ورفاقه، ليتحول أمرابط إلى رمز للتضحية، وعنوان للبذل والعطاء، فلقبه كثيرون بالمقاتل والمحارب والغلادياتور، فيما استحضر آخرون أداءه في ملاعب هولندا وإنجلترا وإسبانيا، مع الفرق الكثيرة التي لعب له، والتي فرض فيها شخصيته كلاعب مشاكس لكن بروح مرحة، متفائلة.

حوار محارب

ونقرأ في حوار سابق مع موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم، عن أمرابط الذي تلقى، وهو في عمر لا يتجاوز الثالثة عشرة سنة، خبراً كاد أن يغير حياته للأبد؛ بعد أن قرّر نادي أياكس أمستردام أن يتخلى عن خدمات الفتى المغربي الصغير، لأنه غاب عن اللعب لفترة بسبب إصابته بداء "أسغوود شلاتر" على مستوى الركبتين. وقتها، بدا مسار أمرابط الكروي في مهب الريح، إلا أن الأقدار أبت إلا أن تمنح لمسيرته بداية جديدة نحو فضاء تألق أرحب.

في ذات الحوار، سيتذكّر أمرابط هذه الحادثة، قائلا: "كان الأمر قاسياً. كنت أتدرب بأكاديمية دي توكومست التي تبعد بمئات المترات فقط عن ملعب أمستردام أرينا. بإمكانك أن ترى الملعب من هناك؛ إنه حلم كبير أن تلعب فيه. للأسف لم أتمكن من فرض نفسي بأياكس، إلا أنني سعيد حيث أنا الآن".

تواضع

أكد موقع الاتحاد الدولي أن "الجناح المغربي السريع يملك كل الأسباب ليكون سعيداً بمساره الكروي إلى الآن"، بعد أن مرّت سنوات على تلك الواقعة.

وكان أمرابط "بعد أن اشتغل في تنظيف أرضية مدرسية محلية والأواني في أحد المطاعم عقب إعفائه من قبل العملاق الهولندي، قد خطط لدراسة التسيير والاقتصاد والقانون؛ إلا أن مساره سيتغير حين اكتشفه نادي الدرجة الثانية أومنيوورلد وهو يلعب كرة قدم الهواة. وفي ظرف سنتين، خاض مسابقة دوري أبطال أوروبا رفقة بطل الدوري الهولندي الممتاز آيندهوفن".

وجواباً عن سؤال سبب صعود نجمه بهذا الشكل السريع، شرح أمرابط ذلك، قائلاً: "أنا شخص متواضع وأبذل قصارى جهدي؛ سواء لعبت رفقة نادٍ هاوٍ أو نظفت الأواني أو خُضت دوري أبطال أوروبا. يتعين على المرء أن يركز بشكل كامل على ما يقوم به في الحياة، وهو ما أفعله دائماً".

ويبدو أن اللاعب المغربي، يضيف موقع الاتحاد الدولي، قد تعلم كثيراً من ذلك الإخفاق المبكر. ومن بين العوامل التي ساعدت على تحفيزه لتحقيق الأفضل رغبته في إعادة إنجاز 1998، حين تمكن المنتخب المغربي من خوض نهائيات كأس العالم في فرنسا، الذي تابع أمرابط، الذي كان حينها تلميذاً في هولندا، خلاله نجومه المغاربة باندهاش كبير وهم يتنافسون ضمن العرس الكروي العالمي.

ذكريات مغربية

بنبرة اعتزاز واضح، تذكر أمرابط مشاركة أسود الأطلس في مونديال فرنسا، قبل 22 سنة، قائلاً: "أتذكر المباراة ضد اسكتلندا، كانت جيدة. الجميع كان متحمساً واستمتعنا كثيراً. أتذكر أيضاً المباراة أمام البرازيل التي كانت تملك بين صفوفها رونالدو. خسر المغرب تلك المواجهة بثلاثية نظيفة. وكان مصطفى حجي قد سجل أيضاً هدفاً رائعاً ضد النرويج".

وحيث أن كرة القدم تجلب بعض الصدف الرائعة في مسار اللاعبين، كما نقرأ في موقع الاتحاد الدولي بخصوص اللاعب المغربي، فبعد عشقه الكبير لمصطفى حجي، لاعب سبورتينغ ليشبونة وديبورتيفو لاكورونيا وأستون فيلا سابقاً، والمتوج بالكرة الذهبية الأفريقية في 1998، ها هو اليوم يجاوره ضمن المنتخب المغربي. وفي حقه قال أمرابط، وابتسامة تعلو مُحيّاه: "يُعدّ حجي أحد أفضل اللاعبين بالنسبة لي. اليوم يشغل دور مساعد المدرب في المنتخب الوطني؛ إنه شخص رائع. في البدء كان الأمر خاصاً، أما اليوم فهو واحد منا".

سيرة

ولد أمرابط في 31 مارس 1987، في ناردن بهولندا. وتنحدر عائلته من جماعة بن الطيب، التابعة لقبيلة آيت أوليشك في إقليم الناظور بمنطقة الريف(شمال المغرب). وتقول "الموسوعة الحرة" إن أمرابط بدأ مساره الرياضي مع فريق الهواة زاودفوخلس من مدينة هاوزن، ليتم اكتشافه من طرف فريق أياكس أمستردام في وقت مبكر من عمره الكروي الذي تسبب له، أيضاً، في بعض المشاكل التأقلمية مع ذلك الفريق، خصوصاً أنه كان يشتكى من مشاكل صحية جراء نموه الجسمي والعضلي.

وبعد مدة ليست بالطويلة رجع إلى فريقه الأول، قبل أن ينتقل إلى فريق هواة آخر في نفس المدينة، هو أس في هاوزن، حيث بدأت تظهر مهاراته الكروية، ما جعل مدرب فريق الصغار يورغن كوك الذي صار مدرباً أول للكبار، يضمه إلى فريق الكبار؛ حيث صار أهم لاعب في الفريق، لينتقل، في موسم 2006 _ 2007، إلى إف سي أمني وورلد من مدينة ألمر، وكان عمره 19 سنة، حيث سجل 14 هدفاً، لينتقل، في الموسم الموالي، إلى فريق في في في فنلو في الدوري الهولندي الممتاز وتتم المناداة عليه للعب في صفوف المنتخب الأولمبي الهولندي، الشيء الذي دفع كبار فرق هولندا إلى إبداء رغبة التعاقد معه، من قبيل بي أس في آيندهوفن وفاينورد روتردام وأياكس أمستردام وإف سي أوتريخت وإس سي هيرفين؛ قبل أن تميل الكفة، في مارس 2008، لصالح بي أس في آيندهوفن في عقد امتد لأربعة مواسم. وفي موسم 2011 _ 2012 سينتقل أمرابط إلى الدوري التركي، حيث لعب في صفوف قيصري سبور، في موسمه الأول، قبل أن يوقع لغلاطاسراي لثلاثة مواسم (2012 _ 2015)، وتمت إعارته في غضونها إلى مالقا الإسباني، ما بين 2014 و2015، لينتقل رسميا إلى الفريق الأندلسي برسم 2015 _ 2016، وبداية من الموسم الموالي إلى واتفورد الإنجليزي، الذي أعاره لليغانيس الإسباني، قبل أن ينتقل إلى النصر السعودي، حيث سيؤكد أيضا قيمته ويتبث حضوره.

أمرابط .. بسم الله

قبل مشاركته، رفقة أسود الأطلس، في نهائيات كأس العالم بروسيا، ظهر أمرابط في شهادات قصيرة مصورة للتلفزيون المغربي، متحدثاً عن مشاعره وتوقعاته بخصوص المشاركة المغربية في هذه التظاهرة العالمية، التي وضعتهم قرعتها ضمن مجموعة حديدية، ضمت إيران والبرتغال وإسبانيا. وقتها، تحدث أمرابط بلهجة مغربية، تعكس حبه لبلده المغرب وروحه المرحة وثقته في نفسه وقدرات الأسود، حيث قال: "مع المنتخب .. اللي جا بسم الله"، والمعنى، بالعربية الفصحى:" نحن لا نهاب أي منتخب". وكذلك كان، حيث تابع العالم كيف تحدى المغاربة رفاق كل من كريستيانو رونالدو وسيرخيو راموس، لولا الحظ وتقنية (الفار)، التي بقدر ما وظفت لصالح كبار أوروبا تم "غض الطرف" في عدد من الحالات المؤثرة، كلما كانت في صالح المغرب.

عائلة كروية

من المؤكد أن نور الدين أمرابط (33 سنة) قد سجل اسمه في تاريخ كرة القدم المغربية، هو الذي يجاوره اليوم ضمن المنتخب شقيقه الأصغر، سفيان (23 سنة)، أحد أبرز لاعبي الوسط في الدوري الإيطالي: سفيان أمرابط، الذي سعت هولندا لاستقطابه للعب ضمن منتخب الطواحين، غير أنه اختار نداء القلب مفضلاً المنتخب الذي سبق لشقيقه الأكبر أن لبى دعوته، في وقت سابق.