طوكيو: كافحت أسطورة سباقات السرعة الجامايكيّة شيلي آن فريزر برايس لتنتقل من مضمار الفقر المدقع إلى عالم الأغنياء، كي توفّر لابنها زيون تنشئة مريحة أكثر ممّا عاشته.

يُطلق على هذه العدّاءة، البالغة 34 عامًا، كنية "صاروخ الجيب"، فطولها لا يتعدّى 1.52 م، حيث يعتبر كثيرون أنّ العصر الذهبي لـ "ملكة السبرينت" الجامايكية لم ينتهِ بعد.

فازت فريزر برايس بأوّل لقب أولمبي في مسيرتها في سباق 100 م، في سجلّ يحتوي على تتويجين أولمبّيين لهذه المسافة، في أولمبياد بكين 2008 ولندن 2012.

وتراهن في طوكيو على استعادة الذهب الذي خسرته في ريو دي جانيرو 2016، عندما طوّقت عنقها بالميدالية البرونزيّة بحلولها خلف الفائزة مواطنتها إيلين تومسون هيرا والأميركيّة توري بوي صاحبة الفضيّة.

وتبني العدّاءة الجامايكيّة أحلامها على قاعدة الإنجاز الذي حقّقته في حزيران/ يونيو الماضي بتسجيلها 10.63 ثوانٍ في بلدها، لتصبح ثاني أسرع امرأة على الإطلاق خلف الراحلة الأميركيّة فلورنس غريفيث جوينر.

عادت أقوى

قالت بعد التوقيت الذي حققته "10.6 ث كان حلمًا وهدفًا"، مضيفةً "لقد كنت أعمل بجهد وكنت صبورة وأرى الآن أن الأمر بات حقيقة على أرض الواقع. أشعر بفرح كبير".

عادت فريزر برايس إلى المضمار أقوى ممّا كانت عليه بعدما غابت عن عام 2017 بسبب الحمل الصعب، لتظهر للألسن البغيضة والمشكّكة أنّها فقدت القليل من قدرتها التنافسيّة بفوزها بذهبيّة بطولة العالم في سباق 100 م في الدوحة عام 2019، وهي تاسع ميداليّة ذهبيّة عالميّة في سجلّها، إضافة إلى خمسة ألقاب فرديّة.

ستواجه فريزر برايس في سباق 100 متر في طوكيو منافسة شرسة، حيث يقام النهائي السبت، من مواطنتها تومسون هيرا ومن بطلة العالم في 200 متر الإنكليزيّة دينا آشر سميث.

وكانت العدّاءة الجامايكية صرّحت لموقع "ذي أنديفيديت" المتخصّص بالرياضة وثقافة البوب في عام 2018 "بصراحة، أعتقد أنّ ابني وضع الأمور في نصابها، حيث يمكنني القول ( أنا بخير، ولديّ ابني والآن لقد حققت الكثير، لكنني ما زلت أريد المزيد)".

لا تحب الإثارة

وبالفعل، قد ترغب فريزر برايس في الحصول على المزيد من الألقاب والمعدن الأصفر من المضمار، لكنّها تملك أيضًا الكثير خارجه. فهي تمتلك صالونًا لتصفيف الشعر، وهذه ليست مفاجأة بالنظر إلى ولعها في صبغ شعرها بألوان غريبة. كما تقضي أيضًا الكثير من الوقت في التحدّث إلى الشبان والشابات في مجتمعها حول تحسين حياتهم.

قال الكاهن ونستون جاكسون الأب الروحي للعدّاءة لصحيفة "ذي غلينر" المحليّة في عام 2012 "إذا فهمت شيلي، فهي سيدة تحب أن تكون خلف الكواليس".

وتابع "إذا كانت ستساعد شخصًا ما، فستفعل ذلك على انفراد. إنّها لا تحب كل تلك الإثارة".

انعكس عملها مع الأطفال على الجانب الشخصي لـ "ملكة السبرينت" التي ترعرعت في مدينة غيتو في كينغستون في أجواء عنيفة، حيث قُتل ابن عمها بالرصاص بالقرب من منزل العائلة، وقد رفضت قبول الكثير من أجل مجرد البقاء على قيد الحياة.

غرست والدتها ماكسين، الكثير من هذه الصلابة في ذهنيّة وعقليّة الطفلة شيلي آن وقامت بمفردها بتربيتها وشقيقَيها في حيّ ووترهاوس، ودأبت على القول لابنتها "لديك موهبة، إذهبي واستخدميها".

لا نقود لشراء الغداء

وتتابع فريزر برايس لموقع "ثي أنديفيديت": "أحب مجتمعي وأحب حقيقة أنّ هذا هو المكان الذي أتيت منه، وعلى الرغم من أنّه من الصعب أحيانًا رؤية بعض الشبّان والشابّات الذين نشأت معهم وهم لا يفعلون ذلك لا يقومون بعمل أفضل لأنفسهم أريد (منهم) أن يفهموا أنّني أجسّد كل ما نحن عليه".

وأردفت "بالنسبة لي، كوني جزءً من المجتمع مع العلم أنّني ما أنا عليه الآن، أعتقد أنّه يمنحهم الأمل وأريد دائمًا أن يؤمن الشبان والشابات في مجتمعي بأنّ كل شيء ممكن".

تمكّنت فريزر برايس بفضل سرعتها وموهبتها من تسديد جزء ممّا تدين به لوالدتها بعد النجاح الذي حقّقته على المضمار.

وفي منزل فريزر، غالبًا ما احتاجت العائلة للمال حتى لشراء الطعام، في حال لم تتمكّن الأم ماكسين من توفيره.

استرجعت فريزر برايس هذه الذكريات الأليمة حين صرّحت لصحيفة ديلي تلغراف في عام 2009: "كانت صارمة معنا وعملت بجهد كبائعة متجوّلة للتأكّد من أنّنا سنذهب إلى مدرسة جيّدة".

وتابعت "كان الأمر صعبًا عليها. في بعض الأحيان لم يكن لدينا ما يكفي من الطعام" و"كنت أذهب إلى المدرسة من دون نقود لشراء وجبة غداء، حيث توجّب على مدرستي توفير هذه الوجبة".

وتختم "لم تسمح لي أمي بالخروج (من المنزل). عند عودتي من المدرسة كان رجال العصابات يتفوّهون بكلمات ولكني كنت أمر بجانبهم من دون أن أردّ. كانت أمي تذهب وتخبرهم أن يتركوني وشأني".