باريس: يتطلّع باريس سان جرمان لاستعادة لقب الدوري الفرنسي لكرة القدم الذي تنازل عنه الموسم الماضي لصالح ليل، وذلك تزامناً مع عودة الجماهير إلى الملاعب بعدما غابت عنها لفترة طويلة بسبب فيروس كورونا.

ويفتتح الموسم الجديد من "ليغ 1" الجمعة بلقاء موناكو مع ضيفه نانت في الإمارة، قبل أن يبدأ سان جرمان المُدَعَّم بأسماء جديدة رحلته نحو استعادة الزعامة السبت في ضيافة تروا، بانتظار أن يستهلّ ليل حملة الدفاع عن اللّقب الأحد خارج قواعده أيضاً ضد متز.

وسيكون الدوري الفرنسي أول بطولة كبرى تبدأ موسمها الجديد، لكنّه ما زال بالتأكيد بعيداً عن الأجواء التنافسيّة وجماهيريّة الدوري الإنكليزي والإسباني أو الإيطالي والألماني.

كما تعاني أندية "ليغ 1" من التبعات المالية لجائحة "كوفيد 19" وانهيار اتّفاق نقل المباريات مع العملاق الإسباني "ميديابرو".

وكان تتويج ليل بلقب الدوري في المرحلة الختامية في أيار/ مايو بمثابة بريق أمل، إذ أعاد روح التنافس بعدما كسر إحتكار سان جرمان للّقب طيلة ثلاثة مواسم متتالية، وكان يستحق الإحتفال به بشكل أفضل لولا تبعات "كوفيد 19" الذي حرمه من جمهوره، كما سائر الأندية الـ19 الأخرى.

لكن هذه المرة، ستعجّ المدرّجات بالمشجّعين بكامل طاقتها الإستيعابية ومن دون كمامات منذ المرحلة الإفتتاحية في نهاية الأسبوع الحالي لكن شرط أن يُبرز الراغبون بحضور المباريات شهادة تلقيح ضد الفيروس، أو إختبار سلبي أو إثبات بالتعافي مؤخّراً من الإصابة بالفيروس.

وما زال بمقدور السلطات المحليّة فرض قيود على الحضور الجماهيري في الملاعب في وقت تكافح فرنسا في وجه موجة تفشّي جديدة ناجمة عن المتحوّرة دلتا.

أزمة مالية

بالنسبة للاعب مرسيليا فالنتان رونجييه "نأمل حقّاً بأن نتمكّن من خوض مباراتنا التالية أمام مدرّجات ممتلئة" بحسب ما أفاد بعد مباراة وديّة ضد فياريال الإسباني أُقيمت على ملعب "فيلودروم" بحضور 30 ألف مشجّع، أي نصف قدرة استيعاب المدرجات.

واعتبر أنّ "الطاقة التي يقدّمونها تدفعنا. لهذا السبب نحن نلعب كرة القدم. الموسم الماضي كان صعباً كثيراً بدون المشجّعين".

وبعد انهيار صفقة الأعوام الأربعة القياسيّة مع "ميديابرو" التي كانت ستحصل على حق نقل 80 بالمئة من مباريات الدوري مقابل 800 مليون يورو، وافقت "أمازون" على دفع 250 مليون يورو سنوياً لنقل الغالبيّة العظمى من المباريات.

لكن رابطة الدوري الفرنسي وجدت نفسها الآن في معركة قضائيّة مع شبكتي "بي إن سبورتس" القطرية و"كنال بلوس" المحليّة بخصوص صفقة مقدّرة بـ332 مليون يورو سنوياً من أجل نقل المباراتين المتبقّيتين أسبوعيّاً (غير المنقولتين على أمازون)، وهو المبلغ الذي ترفض الشبكتان دفعه.

وبسبب هذه المشاكل الماليّة المتشعّبة، لم يكن مفاجئاً على الإطلاق ألّا تنشط الأندية الفرنسية في سوق الإنتقالات الصيفيّة، وهذا ما تطرّق إليه مدير دائرة الرقابة الإداريّة الوطنيّة (دي أن سي جي) على ماليّة الأندية الفرنسية جان مارك ميكيلير بقوله مؤخّراً "من غير المرجّح أن تتمكّن معظم الأندية من الصمود هذا الموسم إلّا إذا قام مالكوها بضخ كميّة هائلة من الأموال".

وكاد أن يكون بوردو، الفائز بلقب الدوري ست مرات، أوّل ضحايا الأزمة الماليّة بعدما كان قريباً من إعلان إفلاسه قبل أن يقوم رجل الأعمال جيرار لوبيز، المالك السابق لنادي ليل، بشرائه.

سان جرمان الإستثناء

وبالطبع يبقى سان جرمان الإستثناء في ظلّ الدعم المالي المؤمّن من مالكيه القطريين الذين ينظرون إلى أبعد من الدوري الفرنسي بكثير، لأنّ طموحهم الأساسي هو إحراز لقب دوري أبطال أوروبا الذي أفلت منهم الموسم قبل الماضي بعد وصول النادي الباريسي إلى النهائي للمرّة الأولى في تاريخه قبل الخسارة أمام بايرن ميونيخ الألماني (صفر-1).

ويبقى الفوز بلقب الدوري المحلّي طموحاً أساسيّاً أيضاً لفريق تُوّج به سبع مرات في المواسم الثمانية الماضية.

وفي الإختبار الأوّل لجدّيته هذا الموسم، خسر سان جرمان أمام ليل على كأس الأبطال الموازية للكأس السوبر في الدول الأخرى، لكن هذه المباراة لا يمكن أن تعكس المستوى الحقيقي لفريق المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو بما أنّه خاضها بغياب عدد كبير من نجومه على رأسهم البرازيلي نيمار وكيليان مبابي.

ورغم قيادته ليل إلى لقب الدوري الفرنسي للمرّة الأولى منذ 2011، اتّخذ المدرّب كريستوف غالتييه قرار الرحيل (تعاقد لاحقاً مع نيس) ما دفع النادي إلى التخبّط للبحث عن بديل ووقع الخيار على جوسلان غوفرنيك.

ويبدأ الفريقان حقبة جديدة ستكون لليل الذي حسم اللّقب في المرحلة الختاميّة بفارق نقطة فقط عن نادي العاصمة، من دون غالتييه والحارس مايك مانيان (انتقل إلى ميلان الإيطالي) وبوبكاري سوماريه (انتقل إلى ليستر سيتي)، وقد يلحق بهم لاعبون مؤثّرون جدّاً مثل البرتغالي ريناتو سانشيز أو جوناتان إيكونيه.

ولم يجرِ ليل أي تعاقد حتى الآن وما زال يبحث عن حارس يسدّ فراغ رحيل مانيان، لكن القائد البرتغالي جوزيه فونتي بدا متفائلاً بالقول "لم نخسر سوى لاعبين... ولدينا فريق يتمتّع بالكثير من المؤهّلات. ننتظر لمعرفة ما سيحصل، لكنّي لست قلقاً".

"لدينا ثأر لنأخذه من أنفسنا"

في نادي العاصمة، الأمور سارت باتجاه معاكس، ففريق بوكيتينو كان فاعلاً جدّاً في سوق الإنتقالات هذا الصيف وبلاعبين من العيار الثقيل، حيث ضمّ المدافع الإسباني المخضرم سيرخيو راموس، الهولندي جورجينيو فينالدوم، المغربي أشرف حكيمي والحارس الإيطالي بطل أوروبا جانلويجي دوناروما.

وأقرّ بوكيتينو أنّ "الحصول على المركز الثاني في الدوري والخروج من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا (على يد مانشستر سيتي الإنكليزي) تركا مرارة. لدينا ثأر لنأخذه ضد أنفسنا".

على الورق، يبدو سان جرمان فريقاً قادراً على اكتساح كافة الألقاب الممكنة بانضمام هؤلاء النجوم الكبار إلى نيمار ومبابي الذي يبدو أنّه سيستمر مع نادي العاصمة أقلّه حتى الصيف المقبل.

وبمواجهة فرق تخسر نجومها عوضاً عن التعزيز، مثل ليون الذي تعاقد مع المدرب الهولندي بيتر بوس لكنّه خسر نجمه الأكبر مواطن الأخير ممفيس ديباي لصالح برشلونة الإسباني، يبدو سان جرمان مرشّحاً لفرض هيمنته مجدّداً رغم طموح بعض منافسيه مثل موناكو ثالث الموسم الماضي بقيادة مدرّبه الكرواتي نيكو كوفاتش، أو نيس بقيادة مدرّبه الجديد غالتييه.