وارسو: لطالما تمتّعت إيغا شفيونتيك، المصنفة الأولى عالمياً التي رفعت السبت الكأس الثانية في بطولة رولان غاروس محققة لقبها الكبير الثاني في مسيرتها، بروح قتالية منذ ضرباتها الأولى على ملاعب التنس في العاصمة البولندية وارسو حيث رغبت في التفوق على شقيقتها الكبرى.

يستذكر مدربها الأول بيوتر شوستاشكو "كانت طفلة صغيرة تريد أن تتعلم اللعب في أسرع وقت ممكن. وعندما تعلمت ذلك، كل ما كان يعنيها هو تحقيق الانتصارات".

ويتابع صاحب الـ51 عامًا في حديث مع وكالة فرانس برس "كانت مقاتلة... كنت أعرف أنه في حال كانت المجموعة ستصل إلى شوط كسر التعادل، فلا داعي للقلق فهي لن تتزعزع".

لا يزال شوستاشكو يدرّب على الملعب الترابي نفسه حيث حملت النجمة المستقبلية التي احتفلت ببلوغ عامها الحادي والعشرين الثلاثاء، المضرب للمرة الأولى وحاولت ضرب الكرة على جدارٍ من الإسمنت، بينما كانت شقيقتها الكبرى أغاتا تتدرب بقربها.

يقول من أمام هذا الجدار المغطى بألوان الـ"غرافّيتي" في نادي وارساشفيانكا لكرة المضرب "نحو اليسار، نحو اليمين، كانت تركض في كل مكان لالتقاط الكرة، كان ذلك يسلّيها"، ويضيف "عادة، يكافح الطفل لضرب حتى كرة واحدة أو اثنتين على التوالي، أما هي فكانت تسدد عشرات الضربات تواليًا".

ابنتا المجذف توماس

هما ابنتا توماس، رياضي التجذيف السابق المشارك مع الفريق البولندي في مسابقة القارب الرباعي ضمن أولمبياد سيول 1988. أشرف شوستاشكو على الشقيقتين الموهوبتين على مدى خمس سنوات حتى أصبحت إيغا في سن العاشرة.

بعد عقد من الزمن، احتلت اللاعبة صدارة تصنيف السيدات في نيسان/أبريل الماضي وبات في رصيدها لقبان في البطولات الكبرى (رولان غاروس 2020 و2021)، وتسعة ألقاب في مجمل في مسيرتها الاحترافية، بينها خمسة في دورات الألف دبليو تي ايه، وستة على التوالي هذا العام (الدوحة، إنديان ويلز، ميامي، شتوتغارت، روما ورولان غاروس) إثر سلسلة من 35 انتصارًا تواليًا، آخرها في نهائي باريس على الاميركية كوكو غوف.

عادلت بذلك سلسلة الأسطورة الأميركية فينوس وليامس التي حققتها في العام 2000، الأطول في الألفية الثالثة.

شوستاشكو فخور بتلميذته السابقة. يستذكر صورة هذه الطفلة المرحة والنشطة التي ترافق الابتسامة وجهها دائمًا.

يتابع "علّمتها أن تلعب بطريقة شرسة لأن هذا هو مستقبل التنس. اليوم تقوم بذلك بطريقة رائعة".

"الغيرة" من شقيقتها

انتقلت الشقيقتان بعد ذلك للعمل مع المدرب ميكال كانوفسكي الذي كان حينها يدرّب في نادي ميرا، أيضًا في العاصمة البولندية.

يتذكر أن إيغا أرادت دائمًا أن تُعامل على قدم المساواة مع شقيقتها التي تكبرها بقرابة ثلاث سنوات.

يقول كانوفزكسي (35 عامًا) لفرانس برس "غضبت إيغا مني ذات مرة عندما طلبت منهما تدريبًا معيّنًا وأعطيت أغاتا ثماني كرات وست فقط لها".

ويتابع مبتسمًا "ذهبت وأخبرت والدها أنها تريد الحصول على ذات عدد (الكرات) مثل أغاتا"، مؤكدًا أن المنافسة بينهما كانت "صحية".

وفقًا له، كانت أغاتا موهوبة تمامًا مثل إيغا وكانت تتمتع بميزة كونها أطول، لكن إصاباتها قضت على فرص ما كان ممكنًا أن يجعل منهما "الشقيقتان وليامس" الجديدتان.

استمرت شفيونتيك الصغرى في التدريب تحت إشراف كانوفسكي حتى سن الخامسة عشرة.

جملة سيرينا ويليامز

استلهما من الجملة الشهيرة لسيرينا وليامس عندما كانت في الحادية عشرة وسُئلت عن الشخص الذي تتمنى أن تصبح مثله وأجابت: "أرغب في أن يكون الناس مثلي".

وتابع "اعتمدنا هذه الفكرة...لتطوير أسلوبها الخاص وشخصيتها".

لجآ إلى تنس الرجال للعثور على نماذج يحتذى بها خوفًا من أن تجد إيغا نفسها يومًا تواجه إحدى اللاعبات في حال تمثلّت بإحداهن. أعجبت بالإسباني رافايل نادال ولا زالت حتى اليوم.

يشرح كانوفسكي "أردنا أن تكون قادرة على اللعب ضد أفضل اللاعبات من دون مخاوف... وكما نرى، نجحت في ذلك. ها هي على القمة، والآن يريد الجميع أن يكون مثل إيغا".

في بداية 2016، انتقلت للعمل تحت إشراف بيوتر سيرتسبوتوفسكي الذي انفصلت عنه نهاية العام الماضي.

شرح في وقت سابق "لم تكن كرة المضرب محور حياتها الرئيس. هذا صعب. تخيّلوا: يجب أن أنظّم تمارينها السابعة صباحًا، لأنه كان يتعين عليها الذهاب إلى المدرسة بعد ذلك. وكانت تصل متعبة بعد اضطرارها للدراسة مساء".

يؤكد أنها "وحشة مسابقات... عندما تدخل أرض الملعب، تصبح جاهزة لكلّ شيء".

أحرزت لقب أول دورة رسمية تخوضها عام 2016 في ستوكهولم بعد تأهلها من التصفيات. بعدها بسنتين، وبعد أشهر عدة بعيدًا عن كرة المضرب لإصابة قوية في كاحلها، رفعت كأس فردي الناشئات في ويمبلدون. خاضت أولى دوراتها ضمن رابطة المحترفات "دبليو تي ايه" في العام 2019 وتوجت بباكورة ألقابها الاحترافية في ذلك العام في دورة لوغانو السويسرية.