بوسطن (الولايات المتحدة) : وأخيراً حصل ستيفن كوري على تتويج فردي مرموق هرب منه في ثلاث مناسبات سابقة. للمرة الأولى يحرز الموزّع المخضرم جائزة أفضل لاعب "أم في بي" في نهائي دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين "ان بي ايه"، بعد قيادته غولدن ستايت ووريرز إلى اللقب الخميس على حساب بوسطن سلتيكس.

على الرغم من مساهمته في تتويج فريقه بثلاثة ألقاب (2015، 2017 و2018)، لم يتم اختيار كوري أبدًا أفضل لاعب في هذه الأدوار النهائية، إلى ان حان الوقت "الذهبي" في 2022، محرزاً الجائزة المرموقة بعدما بلغ معدل تسجيله في النهائي 31.2 نقطة و6 متابعات وخمس تمريرات حاسمة في المباراة الواحدة من أصل ست.

لا يعني ذلك أنه لم يظهر بمستوى رائع سابقاً، إذ نجح مرارًا وتكرارًا في تقديم مباريات جيدة جدا، لكن زميليه في الفريق أندريه إيغوودالا لدفاعه القوي على ليبرون جيمس (2015) والهداف كيفن دورانت (2017 و2018) كانا أكثر حسماً وثباتاً.

يا له من موسم لصانع اللعب البالغ 34 عاماً والذي اعتقد كثيرون ان حقبته قد انتهت بعد موسمين مخيبين عكّرتهما الاصابات خصوصاً "شقيقه" كلاي تومسون ورحيل دورانت، لكن بطل الرميات البعيدة كان منقذاً لفريقه وأعاده الى الواجهة من بعيد ليصبح مجدداً "بطلاً للعالم" كما يطلق الأميركيين على حامل لقب دوري "أن بي ايه".

لأن اللاعبين الكبار يثبتون حضورهم في المواعيد الكبرى ولأن موقف فريقه غولدن ستايت ووريرز أجبره أيضًا على ذلك كونه واجه منافسة قوية أمام بوسطن سلتيكس في النهائي، قدّم ستيفن كوري أحد أفضل مستوياته الخميس وقاد بنقاطه الـ34 فريقه إلى اللقب الرابع في ثماني سنوات.

كان أفضل لاعب في الدوري المنتظم عامي 2015 و2016 أفضل مسجّل لفريقه في أول أربع مباريات من سلسلة النهائي (34 و29 و31 و43 نقطة)، قبل ان يخفق في الخامسة، لكن الموزّع البارع ضرب بقوة الخميس منتزعاً اللقب من ملعب "تي دي غاردن" الصعب.

عن مساهمته في احراز اربعة القاب لغولدن ستايت، قال مدربه ستيف كير "من دونه، لم يكن هذا الشيء ليحدث. ستيف هو سبب هذه السلسلة".

القمة بعد الحضيض

من الواضح أن الأرقام لا تقول كل شيء، لكنها تشهد على مستوى مذهل لكوري. قبل مواجهة بوسطن، بلغ متوسط نقاطه 26.5 نقطة لكل مباراة في الأدوار النهائية، 38٪ من 3 نقاط.

وبعد اكتفائه بـ16 نقطة وفشله في ترجمة أي من محاولاته التسع من خارج القوس خلال المباراة الخامسة التي فاز فريقه على أرضه الإثنين 104 94 في سابقة له من اصل 133 مباراة في الأدوار الاقصائية "بلاي أوف"، استعاد كوري تألقه الخميس بتسجيله 6 ثلاثيات من أصل 11 محاولة، منهياً اللقاء كأفضل مسجل (34) بالتساوي مع نجم سلتيكس جايلن براون، كما ساهم بسبع تمريرات حاسمة ومثلها متابعات.

قال كوري الذي اخفق فريقه في بلوغ الادوار الاقصائية في آخر موسمين إنه "فخور جداً بهذه المجموعة. أشكر الرب كل يوم لحصولي على فرصة ممارسة هذه اللعبة بجانب أشخاص رائعين. هذا فحوى كل شيء، لاسيما بعد كل الذي اختبرناه في الأعوام الثلاثة الأخيرة".

ورأى كوري أنه "في بداية الموسم، لم يعتقد أحد بأننا سنصل الى هنا باستثناء جميع الذين يتواجدون حالياً في هذا الملعب (للاحتفال باللقب). هذا أمر لا يُصَدَق".

وتابع "كنا بعيدين كل البعد عن ذلك. وصلنا الى الحضيض بسبب الإصابات وطريق العمل الطويل الذي كان ينتظرنا في محاولة لملء القطع المناسبة بالرجال المناسبين".

وشدّد على ضرورة أن لا يؤخذ "الوصول الى هنا كأمر مسلم به لأنك لا تعرف أبداً متى ستعود إلى هنا (النهائي والفوز باللقب)".

وبعد تسجيله 43 نقطة أطفأت بركان ملعب تي دي غاردن في المباراة الرابعة، اشاد به "الملك" ليبرون جيمس نجم لوس أنجليس ليكرز بتغريدة على تويتر "القائد غاضب بشكل جنوني !!!".

بالنسبة لكتب التاريخ التي دخلها كوري أيضاَ هذا الموسم عندما أصبح أفضل مسدد في تاريخ الدوري من الرميات الثلاثية متفوّقاً على راي ألن، يأتي أداء كوري خلف أداء "الملك" مباشرةً، حيث أصبح في سن 34 عامًا و88 يومًا ثاني أكبر لاعب يسجل ما لا يقل عن 40 نقطة و10 متابعات في مباراة في الدور النهائي. كان جيمس في سن الـ35 عامًا و284 يومًا عندما فعل الشيء نفسه في عام 2020 مع ليكرز ضد ميامي هيت، في طريقه إلى التتويج باللقب.

في القمة بدنياً

يقول عنه تومسون العائد هذا الموسم من إصابة رهيبة والذي يشكّل مع كوري الثنائي الضارب "سبلاش براذرز": "هو من اللاعبين الأكثر مقاومة الذين لعبت معهم. بصرف النظر كيف يدافع الخصم أمامه. يستمر بالقيام بما يجيد".

برغم بنيته العادية (1.91 م و84 كلغ) مقارنة مع عمالقة الدوري، شدّد مدربه ستيف كير على قوته البدنية في هذه السلسلة خصوصاً بعد تألقه الرائع في المباراة الرابعة، قائلاً "حافظ ستيف على رباطة جأشه وبقي قادراً على الدفاع. أعتقد أنها أكبر قوة بدنية أظهرها في مسيرته".

هذا المستوى الرائع أثار الإعجاب أكثر حيث بدا أن كوري يتراجع منذ أن أصبح أفضل هداف في تاريخ الدوري من خارج القوس. وقتها كان عيد الميلاد يقترب وتسبب هذا الإنجاز في استرخائه، لأنه أنهى الموسم بمتوسط 38 ٪ في الثلاثيات، وهو أدنى مستوى في مسيرته الاحترافية.

ربما شعر أن الأفضل آت وأنه يتعين عليه ادخار جهوده الى الموعد المرتقب...

عند سؤاله عن تصنيف "عروضه المتميزة"، لم يرغب كوري في التوسع، واكتفى بالقول: "أنا لا أقوم بتصنيف أدائي، أريد فقط الفوز".