الكويت : بنت الكويت أمجادها في كرة القدم على مسرح دورات كأس الخليج، وخير دليل على ذلك تتويجها باللقب الإقليمي في عشر مناسبات، متقدمةً بسبعة ألقاب على أقرب منافسيها، السعودية وقطر والعراق.

منذ انطلاق البطولة، فرض البلد الخليجي الصغير مساحةً (17818 كيلومتراً مربعاً) نفسه رقماً صعباً حاضراً على النقطة الأعلى من منصة التتويج منذ النسخة الأولى وحتى الرابعة (1970 و1972 و1974 و1976)، قبل أن يعزز سجله من خلال الفوز بالدورة السادسة (1982) والثامنة (1986) والعاشرة (1990) والثالثة عشرة (1996) والرابعة عشرة (1998) والعشرين (2010).

وكانت كأس الخليج بالذات مناسَبة لظهور نجوم لامعة صنعت تاريخ الكويت، ومنها انطلقت نحو آفاق أوسع، حيث توّجت بكأس آسيا على أرضها في 1980، قبل أن تفرض حضورها في كأس العالم للمرة الأولى في 1982 في إسبانيا.

لم تترك الكويت رقماً قياسياً إلا واستحوذت عليه، إذ يعتبر منتخبها الأكثر حضوراً في البطولة إلى جانب قطر، حيث لم يغيبا بتاتاً عن "العرس الخليجي".

خاض "الأزرق" العدد الأكبر من المباريات (113) محققاً الفوز في 57 منها (رقم قياسي)، مقابل 23 تعادلاً و33 خسارة.

على الصعيد الفردي، يُعدّ الكويتي جاسم يعقوب الهداف التاريخي للبطولة بـ 18 هدفاً.

وشكّلت نجاحات الكويت في كأس الخليج أرضية لانطلاق عدد من المدربين العالميين أبرزهم البرازيلي لويز فيليبي سكولاري والتشيكي ميلان ماتشالا.

أربع نسخ مبكرة

بدأت سيطرة تامة في النسخ الأربع الأولى في 1970 في البحرين بقيادة المدرب المصري طه الطوخي، ثم انتقلت الشعلة إلى الصربي ليوبيشا بروتشيتش الذي ولج النقطة الأعلى من منصة التتويج مرتين توالياً في السعودية (1972) والكويت (1974)، فاحتفظ "الأزرق" بالكأس إلى الأبد.

في ذلك الوقت، برز اسم جاسم يعقوب الذي انتزع لقب هداف الدورة الثالثة (6)، ويقول إنه يحمل من كأس الخليج الكثير من الذكريات، ويضيف "المرعب": "منها انطلق الجيل الجميل من اللاعبين الكبار الذين حققوا الكثير. لم تنجب ملاعبنا مثلهم حيث كنا مجموعة مميزة متفاهمة يجمعنا الحب وعشق اللعبة، ولهذا السبب تفوّقنا وحققنا اللقب ثلاث مرات".

وبرز أيضاً في النسخة الثالثة زميله فتحي كميل الذي أشار إلى أنه لم يوفّق إلا أمام السعودية في النهائي الذي "كان نقطة انطلاقتي ونجاحي".

وعزا "الغزال الأسمر" أسباب تألقه في المباراة إلى الحماس الزائد والحضور الجماهيري "أضعت في الدورة أهدافاً تحسرت كثيراً على بعضها"، وتابع: "قدم بروتشيتش لاعبين عدة. أما (المدرب البرازيلي ماريو) زاغالو فقد نجح في توحيد المنتخب ومنحه القوة، وهو من النوع الذي يلعب بأكثر من طريقة وخطة في المباراة".

وبعد ست سنوات على قيادة منتخب بلاده للتتويج بكأس العالم 1970 كمدرب، نجح زاغالو في تعبيد الطريق أمام "الجيل الذهبي" لمنح الكويت لقب "خليجي 4" عام 1976 في قطر.

شهدت الدورة ولادة نجم كويتي جديد هو عبدالعزيز العنبري في وقت توج فيه جاسم يعقوب هدافاً للمرة الثانية توالياً بتسعة أهداف.

ودفعت الكويت ثمن مشاركتها بمنتخب من الصف الثاني في الدورة الخامسة في العراق عام 1979، ففقدت اللقب للمرة الأولى لصالح صاحب الأرض.

وكان يمكن لجاسم يعقوب أن يزيد غلته من الأهداف، غير أن تلك البطولة شهدت قراراً مفاجئاً للرئيس السابق للاتحاد الكويتي، الشيخ الراحل فهد الأحمد، بحرمانه من المشاركة بسبب خلاف حاد وقع بينهما.

تدريب برازيلي

وفرض التدريب البرازيلي نفسه مجدداً مع الكويت التي استعادت اللقب في "خليجي 6" في الإمارات عام 1982 بقيادة المدرب شيرول.

وبعد تجربة سيئة في الدورة السابعة عام 1984 في عمان نتيجة غياب أبرز نجومها، بات الكويتي صالح زكريا أول مدرب خليجي يقود منتخب بلاده إلى اللقب بعد التتويج للمرة السادسة في 1986 في البحرين، خلافاً للتوقعات.

ومرّت نسخة 1988 في الرياض من دون أي حضور كويتي مؤثر قبل أن يأتي الدور على البرازيلي سكولاري ليقودها إلى التتويج بلقب الدورة العاشرة في الكويت عام 1990 دون خسارة.

وظهر المنتخب بوجه شاحب في نسختي 1992 في قطر و1994 في الإمارات.

وجاء الفرج على نحو غير متوقع على يد التشيكي ماتشالا الذي حقق "الأزرق" بقيادته تتويجاً مظفراً بلقبَي 1996 في عمان و1998 في البحرين، فبات ثاني مدرب يقود منتخباً إلى لقب ثان توالياً بعد بروتشيتش.

وحل منتخب الكويت ثالثاً في الرياض عام 2002، وسادساً على أرضه في 2003، ورابعاً في الدوحة مطلع 2004، قبل أن يخرج من الدور الأول في أبو ظبي في 2007، ويبلغ نصف النهائي في 2009 في عمان.

وعاد "الأزرق" من بعيد على يد المدرب الصربي المغمور غوران توفيغدجيتش الذي قاده إلى منصة التتويج في "خليجي 20" في عدن أواخر 2010.

استبعاد المطوّع

ومنذ ذلك الحين، فشل المنتخب في تجاوز حاجز الألقاب العشرة، حيث حل ثالثاً في البحرين مطلع 2013، قبل أن يخرج في 2014 في السعودية من الدور الأول.

واستضافت الكويت نسخة 2017 لكنها ودعت من الدور الأول بقيادة المدرب الصربي بوريس بونياك، ثم أعادت الكرّة في 2019 في قطر بإشراف المدرب الوطني ثامر عناد.

واليوم، يستعد "الأزرق" لظهور جديد في البطولة حيث يخوض غمار "خليجي 25" في العراق بين 6 و19 كانون الثاني/يناير 2023، وهو يدخل البطولة وعينه على لقب جديد بقيادة المدرب البرتغالي روي بينتو الذي فاجأ الجميع باستبعاد المخضرم بدر المطوع (37 عاماً) لأول مرة منذ عقدين.