تعتقد إسرائيل أن شنّ هجوم تقليدي لوقف مشروع إيران النووي سيؤول إلى الفشل، وسيعود وبالاً عليها في كل الأحوال. ولذا فقد تفتقت قريحة بنيامين نتنياهو عن laquo;قيادة إلكترونيةraquo; تكون في قلب السياسة الحربية الإسرائيلية، وتضع إسرائيل في مصاف القوى العظمى عبر الكمبيوتر على الأقل.
تنانياهو يشرف شخصيًا على laquo;إسرائيل الإلكترونيةraquo; |
صلاح أحمد: بتوجيهات مباشرة من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، أقامت إسرائيل مركز قيادة عسكرية إلكترونية، مهمته الكبرى هي شنّ حرب رقمية على إيران ومشروعها النووي، بعدما تيقنت من أن هجمات جوية تقليدية غير مجدية.
ومثلما تأسس هذا المركز بتعليمات مباشرة من نتانياهو، فإن القائمين على أمره يتعاملون مباشرة أيضًا معه.
وقد نقلت صحيفة laquo;تايمزraquo; الاثنين تصريح رئيس الوزراء لمجموعة من خبراء تكنولوجيا المعلومات والإنترنت بأنه يريد للمركز الجديد أن يكون في قلب السياسة الحربية الإسرائيلية. ونقلت أيضًا قوله إنه يريد لإسرائيل نفسها أن تصبح قوة رقمية عظمى على الساحة العالمية.
نعومة في البدء
يذكر أن المركز، الذي تأسس تحت مظلة laquo;وحدة الاستخبارات العسكرية 8200raquo;، بدأ نشاطه فعلاً بعدد من الأنشطة، التي وصفها الخبراء الإسرائيليون بأنها laquo;ناعمةraquo;. ومن هذه اختراق إسرائيل المواقع الاجتماعية الإيرانية المقامة على غرار laquo;فايسبوكraquo; وlaquo;تويترraquo;.
ويعتقد على نطاق هائل أن فيروس laquo;ستاكسنتraquo; المتطور تكنولوجيا، والذي عطّل عمل طاردات تخصيب اليورانيوم في المفاعلات النووية الإيرانية طوال العام 2009، كان مشروعًا إسرائيليًا، أو مشروعًا إسرائيليًا ndash; أميركيًا مشتركًا، رغم أن تل أبيب وواشنطن سارعتا إلى نفي ذلك.
داخل أحد المفاعلات الإيرانية |
وفي ابريل/ نيسان الماضي، تعرضت المكاتب الحكومية الإيرانية لهجمات فيروس لم يكن معروفًا مطلقًا قبل ذلك، وأطلق عليه العلماء الإيرانيون أنفسهم اسم laquo;ستارزraquo;.
ورغم أن هؤلاء الأخيرين قالوا إنهم تمكنوا من احتواء الضرر الذي يسببه هذا الفيروس، فقد أقرّوا بأنه الثاني الذي يستهدف أجزة الكمبيوتر التابعة للدولة منذ إطلاق فيروس ستاكسنت.
درس لا ينسى
في أعقاب اتهام إسرائيل بالوقوف وراء فيروس ستاكسنت، تخوفت سلطاتها من انتقام إيراني الكتروني على منشآتها وأجهزة اتصالاتها. وطلب الخبراء في وزارة الدفاع من الشركات الخاصة التحسب لهجوم كهذا من قبل طهران. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي انهارت فعلا شبكة ًِlaquo;سيلكومraquo; وهي إحدى أكبر الشبكات في عالم الهاتف الجوال في إسرائيل.
لكن اتضح الآن أن هذا الهجوم لا علاقة له بإيران من قريب أو بعيد. وأعلن مركز القيادة الإلكتروني الجديد صراحة أنه هو الذي نفذه. وقال البريغادير ndash; جنرال نيتسان نورييل: laquo;رغم تحذيراتنا للشركات الخاصة، فقد رفض العديد منها الانصياع لتوجيهاتنا. ولهذا قررنا تلقينها درسًا لا يُنسى فهاجمنا شبكة الهواتف المحمولة الأكبر. والآن فإن جل تلك الشركات يتمتع بنوع الحصانة الإلكترونية التي نريدها لهاraquo;.
الغرض الكبير
يقول مصدر قريب من مركز القيادة الإلكترونية الجديد في وزارة الدفاع الإسرائيلية: laquo;ثمة هدفان إلكترونيان مهمان بالنسبة إلى إسرائيل عندما يتعلق الأمر بإيران: الأول هو برنامجها الهادف إلى إنتاج القنبلة النووية ومؤسستها العسكرية المتصلة بهذا البرنامج، والثاني هو بنيتها التحتية المدنية. فإذا هاجمنا الهدفين معًا، صارت تلك البلاد مشلولة بالكامل وعلى سائر الأصعدةraquo;.
العالم رضائي نجاد.. ضحية للموساد |
يذكر أن انشقاقات عميقة في الرأي تضرب الموسسة العسكرية الإسرائيلية حول ما إن كان بالوسع شنّ هجوم حربي تقليدي مباشر وناجح عليها.
في هذا الصدد يقف مئير داغان، سابقًا مدير الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية laquo;الموسادraquo;، ضد أي هجوم من هذا القبيل. ويقول: laquo;الهجوم الجوي على إيران سيكون أغبى قرار يمكن أن يُتخذ، وسيشعل حربًا إقليميةraquo;. لكنه يشير إلى أن لإسرائيل بدائلها من هذا.. بدون أن يخوض في التفاصيل.
ورغم أن الهجوم التقليدي لا يزال خيارًا مطروحًا أمام اسرائيل، وأن سلاح الجو والقوات الخاصة تواصل تدريباتها على هذا الأساس، فإن كبار القادة العسكريين يعتقدون أن المخاطر المتصلة بهذا السيناريو أعظم مما يمكن تجاهله. وهذا لأن معظم منشآت إيران النووية مدفونة عميقًا تحت الجبال، ولأن أي هجوم من ذلك النوع سيأتي بعمل انتقامي هائل النطاق، ولن تحمد إسرائيل عواقبه.
اغتيالات أيضًا
في سعيها الدائم إلى إبطاء مشروع إيران النووي ndash; إن لم يكن وقفه في الوقت الحالي ndash; تلجأ إسرائيل أيضًا إلى حملة اغتيالات وسط زبدة العلماء الإيرانيين. وعلى سبيل المثال فقد قُتل العالم درويش رضائي نجاد (35 عامًا) - وهو خبير في إعداد الرؤوس الحربية النووية ndash; برصاص عميليْن للموساد على دراجة نارية الشهر الماضي عندما كان يهم بإرجاع ابنته من المدرسة في وسط طهران. وأصيبت في الحادثة زوجته بجروح، لكن ابنتهما نجت منها. وكانت تلك هي الواقعة الرابعة من نوعها وسط العلماء الإيرانيين منذ بدء العام الماضي.
التعليقات