الصحافي حسن آل قريش

تميزت الدراما الخليجية بأنها دراما quot;نظيفةquot; كما يطلق عليها البعض، فهي بعيدة عن الإسفاف والعري والمشاهد الساخنة التي أصبحت سمة العديد من الأعمال الدرامية العربية، دراما تناقش قضايا إجتماعية وتكشف عن أسرار ذلك المجتمع المركب، الذي سواء قُدم العمل في البحرين أو المملكة العربية السعودية أو الإمارات أو الكويت، تظل السمة الخليجية مسيطرة عليه وتظل هناك العديد من نقاط التشابه،وهذا الأمر يعد حالة نادرة وفريدة من نوعها لأن كل بلد له نكهتها الدرامية، فالأردن يختلف عن مصر، ومصر تختلف عن المغرب، وعن باقي الدول إلا البلاد الخليجية فهى تحمل روحًا واحدة وسمة واحدة مع وجود بعض الإختلافات البسيطة سواء في اللهجات او بعض العادات والتقاليد، لكن تظل الخليج دولة كبيرة تضم إمارات درامية صغيرة بداخلها لا تنفصل ولا تبتعد عنها مهما وجدت خلافات.

واستمرت الدراما الخليجية في ذهن المشاهد لفترات طويلة في صورة quot;حزينةquot;، فغيمت لسنوات سمة الحزن والبكاء على العديد من الأعمال الخليجية إن لم تكن كلها، فتظهر الدراما التراجيدية في أبهى حلتها، واستطاعت الدراما الخليجية في تلك الفترة أن تستقطب المتعطشين للدراما الحقيقية، والتي تعرض المآسي، والحالات الإجتماعية، والشخصيات المركبة، وقضايا عديدة كالزواج، والطلاق، والتفكك الأسري، وغيرها من القضايا التي تمسّ المشاعر وتجعل المشاهد أمام التلفاز لمدة 30 حلقة متأثرًا بالشخصية، بل ويحكي عنها ويحزن لحزنها ويطير فرحًا عندما تأخذ حقها وتنصفها الأقلام في نهاية الحلقات.

لكن الأمر لم يدم طويلًا فكان على الدراما الخليجية أن تخرج من مأزق الحزن والتراجيديا إلى فضاء الدراما الواسع، لكنها اصطدمت في تلك الأحيان بتسونامي الرومانسية التركية فأصابها وابل الرومانسية فتقبلتها بصدر رحب رغبةً منها في التغيير والخروج من نفق الحزن المظلم، خصوصًا بعدما سيطرت رومانسية الأتراك بحلقاتها الطويلة على عقول وquot;قلوبquot; المشاهد العربي، وسجلت أعمالهم نسبة مشاهدة عالية جعلت من الرومانسية الحل الأمثل للكثيرين.

ومن هنا انطلقت الدراما الخليجية لتبحر في عالم الرومانسية لتخرج لنا بالعديد من الأعمال التي تركت بصمة في تاريخ الدراما الخليجية، واستطاعت أن تعيد المشاهد الخليجي إلى الشاشة الخليجية من جديد برومانسية تتوافق مع العادات والتقاليد الخليجية، من دون خدش حياء المشاهد برومانسية مستوردة وبعيدة كل البعد عن طابع المجتمع الخليجي.

وتطورت الرومانسية الخليجية، وظهر مصطلح جديد أصبح متداولاً في العديد من الأعمال، وأصبح على لسان كل القائمين على الدراما الخليجية، من مؤلفين إلى مخرجين وصولًا إلى الممثلين، وهذا المصطلح هو quot;الجرأةquot;.

أصبحت الجرأة كالوشاح الذي يغطي جزءًا وليس الكل من جسد الدراما الخليجية، لكنه واضح وظاهر ويضفي عليها روحًا جديدة لم تكن موجودة من قبل، فظهرت المخمورة في quot;شوية أملquot;، وظهر أيضًا في العمل نفسه زنى المحارم وعشق الأخ لإبنة زوجة ابيه، وظهرت الخيانة بصورٍ جديدة لم تكن موجودة من قبل، ولبست الجرأة ثيابًا كثيرة وظهرت في العديد من الأعمال بأشكال مختلفة ومتعددة، وميزت العديد من الأعمال في الموسم الرمضاني الماضي .

وتظهر في الأفق أعمال جديدة تطل برأسها على العام المقبل يكون فيها العنف الأسري والقسوة سمة أيضًا ليست جديدة في المضمون لكنها جديدة من حيث الطرح الجريء.

وكان رد الكل على سؤال الجرأة الذي بات يطرحه كل صحافي يحاور أي فنان أو مخرج هذه الأيام، بأن الجرأة الخليجية تختلف عن غيرها، وأنها ما زالت تتحلى بروح العادات والتقاليد البعيدة عن الإسفاف وخدش حياء المشاهد الخليجي، لكن الحقيقة تشير إلى أن الدراما الخليجية تسير في طريق الجرأة، تلك الجرأة لا تحمل غير معنى واحد سواء كانت مغلفة بالنكهة الخليجية أو غيرها لكنها لاتزال جرأة ..

ونحن الآن أمام محاولة لفهم مسار الدراما الخليجية وتنبؤ بمستقبلها، ونسأل أنفسنا هل بداية شرارة الجرأة كانت مقتبسة من الجرأة التركية برومانسيتها كما أثرت بحلقاتها الطويلة وأخرجت لنا quot;بين الماضي والحبquot; وهو عمل درامي خليجي يقع في 90 حلقة ولا يمكن الحكم عليه إلا بعد خروجه للنور، أم أن جرأة الدراما الخليجية لها نهج مختلف وتسير على طريق مغاير.

لكن يظل السؤال الحقيقي هو .. إلى أين تسير الجرأة بالدراما الخليجية؟